responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 319

وَ مٰا جٰاءَنٰا مِنَ الْحَقِّ وَ نَطْمَعُ و لم يقولوا و نقطع أَنْ يُدْخِلَنٰا رَبُّنٰا و لم يقولوا إلهنا مع القوم و لم يقولوا مع عبادك الصالحين كما قالت الأنبياء فقال اللّٰه لهؤلاء الطائفة التي صفتهم هذه فَأَثٰابَهُمُ اللّٰهُ بِمٰا قٰالُوا جَنّٰاتٍ محل شهوات النفوس فأنزلناهم حيث أنزلهم اللّٰه و قد استوفينا القول في الفرق بين المعرفة و العلم في كتاب مواقع النجوم و بينا فيه إن القائل بمقام المعرفة إذا سألته عنه أجاب بما يجيب به المخالف في مقام العلم فوقع الخلاف في التسمية لا في المعنى ثم حدث لهم في هذا المقام خلاف آخر هل الموصوف به مالك جميع المقامات أم لا و الصحيح إنه ليس من شرطه التحكم و أن ملك جميع المقامات بما يعطيه من الأحوال و التصرف في العالم و إنما شرطه أن يعلم فإذا أراد التحكم نزل إلى الحال لأن التحكم للأحوال إذا علم إن نزوله غير مؤثر في مقامه و لهذا لا ينزلون إلى الحال إلا عن أمر إلهي فإذا سمع من شيخ محقق في هذا الطريق إن صاحب هذا المقام مالك جميع المقامات فإنه يريد بالعلم لا بالحال و قد يعطي الحال و لكن ما هو بشرط فإن قال أحد إنه شرط فهو مدع لا معرفة له بطريق اللّٰه و لا بأحوال الأنبياء و أكابر الأولياء و يرد عليه هذا القول فإن الكامل كلما علا في المقام نقص في الحال أعني في الدنيا و أما في الآخرة فلا كما أن المشاهدة تغني عن رؤية الأغيار كذلك المقام يذهب بالأحوال لأن الثبوت يقابل الزوال انتهى الجزء الحادي عشر و مائة >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

[إن اللّٰه جعل في القوة المفكرة التصرف في الموجودات]

و اعلموا أن اللّٰه تعالى لما خلق القوة المسماة عقلا و جعلها في النفس الناطقة ليقابل بها الشهوة الطبيعية إذا حكمت على النفس أن تصرفها في غير المصرف الذي عين لها الشارع فعلم اللّٰه أنه قد أودع في قوة العقل القبول لما يعطيه الحق و لما تعطيه القوة المفكرة و قد علم اللّٰه أنه جعل في القوة المفكرة التصرف في الموجودات و التحكم فيها بما يضبطه الخيال من الذي أعطته القوي الحسية و من الذي أعطته القوة المصورة مما لم تدركه من حيث المجموع بالقوة الحسية فعلم أنه لا بد أن تحكم عليه القوة المفكرة بالتفكر في ذات موجدة و هو اللّٰه تعالى فأشفق عليها من ذلك لما علمه من قصورها عن درك ما ترومه من ذلك فخاطبها قرآنا وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ وَ اللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ يقول ما حذرناكم من النظر في ذات اللّٰه إلا رحمة بكم و شفقة عليكم لما نعلم ما تعطيه القوة المفكرة للعقل من نفي ما نثبته على ألسنة رسلي من صفاتي فتردونها بأدلتكم فتحرمون الايمان فتشقون شقاوة الأبد ثم

أمر رسول اللّٰه ص أن ينهانا أن نفكر في ذات اللّٰه كما فعل بعض عباد اللّٰه فأخذوا يتكلمون في ذات اللّٰه من أهل النظر و اختلفت مقالاتهم في ذات اللّٰه و كل تكلم بما اقتضاه نظره فنفى واحد عين ما أثبته الآخر فما اجتمعوا على أمر واحد في اللّٰه من حيث النظر في ذاته و عصوا اللّٰه و رسوله بما تكلموا به مما نهاهم اللّٰه عنه رحمة بهم فرغبوا عن رحمة اللّٰه و ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فقالوا هو علة و قال آخرون ليس بعلة و قال آخرون ذات الحق لا تصح أن تكون جوهرا و لا عرضا و لا جسما بل عين أنيتها عين ماهيتها و إنها لا تدخل تحت شيء من المقولات العشرة و أطنبوا في ذلك و كانوا كما جاء في المثل أسمع جعجعة و لا أرى طحنا ثم جاء الشرع بنقيض ما دلت عليه العقول فجاء بالمجيء و النزول و الاستواء و الفرح و الضحك و اليد و القدم و ما قد روينا في صحيح الأخبار مما هو من صفات المحدثات ثم جاء ب‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مع ثبوت هذه الصفات فلو استحالت كما يدل عليه العقل ما أطلقها على نفسه و لكان الخبر الصدق كذبا إذ ما بعث اللّٰه رسولا إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ ليبين لهم ما أنزل إليهم ليفهموا و قد بين ص و بلغ و أشهد اللّٰه على أمته أنه بلغ فجهلنا النسبة ب‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ خاصة و فهمنا معقول هذه الألفاظ الواردة و أن المعقول منها واحد بالنظر إلى الوضع فتختلف نسبتها باختلاف المنسوب إليه ما تختلف حقائقها لأن الحقائق لا تتبدل فمن وقف مع هذه الألفاظ و معانيها و قال بعدم علم النسبة إلى الحق فهو عالم مؤمن و من نسبها على وجه من وجوه المصارف الخارجة عن التجسيم فلا مؤمن و لا عالم فلو أنصف هذا الناظر في ذات اللّٰه ما نظر في ذات اللّٰه و آمن بما جاء من عند اللّٰه إذ قد دله دليل على صدق المخبر و هو الرسول فهذا منعني في هذا الباب من الكلام في ذات اللّٰه بما تعطيه أدلة العقول و عدلنا إلى علم ذلك بما جاء من المنقول مع نفي المماثلة في النسبة و العلم الصحيح

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست