responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 289

و وجوده فدل على أن الموجد له لو لم يكن واحدا ما صح وجود العالم هذا دليل الحق فيه على أحديته و طابق الدليل العقلي في ذلك و لو كان غير هذا من الأدلة أدل منه عليه لعدل إليه و جاء به و ما عرفنا بهذا و لا بالطريق إليه في الدلالة عليه و قد تكلف قوم الدلالة عليه بطريق آخر و قدحوا في هذه الدلالة فجمعوا بين الجهل فيما نصبه الحق دليلا على أحديته و بين سوء الأدب فأما جهلهم فكونهم ما عرفوا موضح الدلالة على توحيده في هذه الآية حتى قدحوا فيه و أما سوء الأدب فمعارضتهم بما دخلوا فيها بالأمور القادحة فجعلوا نظرهم في توحيده أتم في الدلالة مما دل به الحق على أحديته و ما ذهب إلى هذا إلا المتأخرون من المتكلمين الناظرين في هذا الشأن و أما المتقدمون كأبي حامد و إمام الحرمين و أبي إسحاق الأسفراييني و الشيخ أبي الحسن فما عرجوا عن هذه الدلالة و سعوا في تقريرها و أبانوا عن استقامتها أدبا مع اللّٰه تعالى و علما بموضع الدلالة منها

[أن توحيد اللّٰه فرع إثبات وجوده تعالى]

و اعلم أن الكلام في توحيد اللّٰه من كونه إلها فرع عن إثبات وجوده و هذا باب التوحيد فلا حاجة لنا في إثبات الوجود فإنه ثابت عند الذي نازعنا في توحيده و أما إثبات وجوده فمدرك بضرورة العقل لوجود ترجيح الممكن بأحد الحكمين

[إثبات توحيده تعالى في الطريقين]

و لنا في توحيده طريقان الطريق الواحدة أن يقال للمشرك قد اجتمعنا في العلم بأن ثم مخصصا و قد ثبت عينه و أقل ما يكون واحدا فمن زاد على الواحد فليدل عليه فعليك بالدليل على ثبوت الزائد الذي جعلته شريكا فليكن الخصم هو الذي يتكلف إثبات ذلك و الطريقة الأخرى قوله تعالى لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا هذه مقدمة و المقدمة الأخرى السماء و الأرض و أعني بهما كل ما سوى اللّٰه ما فسدتا و هذه هي المقدمة الأخرى و الجامع بين المقدمتين و هو الرابط الفساد فانتجنا أحدية المخصص و هي المطلوب و إنما قلنا ذلك لأنه لو كان ثم إله زائد على الواحد لم يخل هذا الزائد إما أن يتفقا في الإرادة أو يختلفا و لو اتفقا فليس بمحال أن يفرض الخلاف لننظر من تنفذ إرادته منهما فإن اختلفا حقيقة أو فرضا في الإرادة فلا يخلو إما أن ينفذ في الممكن حكم إرادتهما معا و هو محال لأن الممكن لا يقبل الضدين و إما أن لا ينفذ أو إما أن ينفذ حكم إرادة أحدهما دون الآخر فإن لم ينفذ حكم إرادتهما فليس واحد منهما بإله و قد وقع الترجيح فلا بد أن يكون أحدهما نافذ الإرادة و قصر الآخر عن تنفيذ إرادته فحصل العجز و الإله ليس بعاجز فالإله من نفذت إرادته و هو اللّٰه الواحد لا شريك له و هكذا استدل الخليل ع في الأقوال فأعطاه النظر أن الأفول يناقض حفظ العالم فالإله لا يتصف بالأفول أو الأفول حادث لطروه على الآفل بعد أن لم يكن آفلا و الإله لا يكون محلا للحوادث لبراهين أخر قريبة المأخذ و هذه الأنوار قد قبلت الأفول فليس واحد منها بإله و هذه بعينها طريقة قوله تعالى لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا و كل دليل لا يرجع إلى هذا المعنى فلا يكون دليلا ثم قال اللّٰه تعالى في قصة إبراهيم هذه وَ تِلْكَ حُجَّتُنٰا آتَيْنٰاهٰا إِبْرٰاهِيمَ و لم يكن له غير هذا فقوله حُجَّتُنٰا أي مثل حجتنا التي نصبناها دليلا على توحيدنا و هي قولنا لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا و هذه الأدلة و أمثالها إنما المطلوب بها توحيد اللّٰه أي ما ثم إله آخر زائد على هذا الواحد و أما أحدية الذات في نفسها فلا تعرف لها ماهية حتى يحكم عليها لأنها لا تشبه شيئا من العالم و لا يشبهها شيء فلا يتعرض العاقل إلى الكلام في ذاته إلا بخبر من عنده و مع إتيان الخبر فإنا نجهل نسبة ذلك الحكم إليه لجهلنا به بل نؤمن به على ما قاله و على ما يعلمه فإن الدليل ما يقوم إلا على نفي التشبيه شرعا و عقلا فهذه طريقة قريبة عليها أكثر علماء النظر و أما الموحد بنور الايمان الزائد على نور العقل و هو الذي يعطي السعادة و هو نور لا يحصل عن دليل أصلا و إنما يكون عن عناية إلهية بمن وجد عنده و متعلقة صدق المخبر فيما أخبر به عن نفسه خاصة ليس متعلق الايمان أكثر من هذا فإن كشف متعلق الخبر فبنور آخر ليس نور الايمان لكن لا يفارقه نور الايمان و ذلك النور هو الذي يكشف له عن أحدية نفسه و أحدية كل موجود التي بها يتميز عن غيره سواء كانت ثم صفة يقع فيها الاشتراك أو لا يكون لا بد من أحدية تخصه يقع بها الامتياز له عن غيره فلما كشف للعبد هذا النور أحدية الموجودات علم قطعا بهذا النور ان اللّٰه تعالى له أحدية تخصه فأما أن تكون عينه فيكون أحدي الذات أحدي المرتبة و هي عينها و أما أن يكون أحدية المرتبة فيوافق الكشف الدليل النظري و يعلم قطعا أن الذات على أحدية تخصها هي عينها و هذا معنى قول أبي العتاهية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست