responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 285

فترجع إليه و تقبله و لا ترده و لا تحملك الأنفة إن كنت ذا كبر في السن أو المرتبة و ظهر الحق عند من هو أصغر منك سنا أو قدرا أو ظهر الحق عند معتوه تأدبت معه و أخذته عنه و اعترفت بفضله عليك فيه هذا هو الاتصاف و ما رأيت من تحقق بهذا خلقا في عمري إلا سيد واحد يقال له أبو عبد اللّٰه ابن جبير لقيته بمدينة سبتة و قصر كتامة و هو جزء من آداب الشريعة فإن أدب الشريعة هو الأم لباقي الأقسام

«و القسم الرابع»أدب الحقيقة

و هو ترك الأدب بفنائك و ردك ذلك كله إلى اللّٰه و سيأتي في الباب الذي يلي هذا الباب و هو في المقامات كالوهب في أصناف العطاء و هو أن يعطي لينعم لا لسبب آخر و كذا المأدبة الاجتماع على طعام ماله سبب إلا الدعوة إليه خاصة من غير تقييد من صفة وليمة أو ختان أو ضيافة أو عقيقة و غير ذلك و كذا جامع الخير لا لسبب بل لكون جامع ذلك له نفس فاضلة خيرة بالذات فذلك هو الأديب و للأدب حال و مقام و هذا باب معرفة مقامه فمقامه هو ما يثبت له دائما و ليس ذلك إلا الأدب مع الحق فإنه له الدوام في الدنيا و الآخرة و ما فاز به إلا أهل الفتوة من الملامية لا غير سلكوا فيه كل مسلك و استخرجوا كنوزه و حصلوا فوائده كما قال اللّٰه تعالى إنه ما خلق السموات و هو كل عالم علوي و الأرض و هو كل عالم سفلي السماء من عالم الصلاح و الأرض من عالم الفساد و منه اشتقت اسم الأرضة لما تفسده في الثياب و الورق و الخشب و يسمى أيضا السوس و العث و ما بينهما إلا بالحق من العالم فهذا الحق المخلوق به هذا العالم هو الذي نتأدب معه فإنه سبب وجود أعيان العالم و به يحكم اللّٰه يوم القيامة بين عباده و في عباده و به أنزل الشرائع فقال لرسوله داود يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ و إن كان مخلوقا بالحق فإنه مما بين السماء و الأرض أو هو عين الأرض فمقام الأدب العمل بالحق و الوقوف عند الحق و إياك أن تتوهم من هذا القول إن الصدق هو الحق من حيث إنك تقول قال حقا إذا صدق في قوله و قال صدقا بل الحق حاكم على الصدق و على الكذب بالحسن و القبح فالحق في موطن يحمد الصدق و في موطن يذمه و ينهى عنه و يثني على الكذب الذي هو ضده و يحرض عليه و يوجب العمل به و في موطن آخر يذم الكذب و ينهى عنه و يحمد الصدق و يأمر به و هذا مقام الأدب الذي ينفع صاحبه في كل موطن فألزمه و تتبع مواضعه و دلائله في الشرائع و في أفعال الرسول المتأسي بها لا غير لا ما اختص به فإنه ليس بأدب مع الحق

«و أما مقام»أدب الخدمة

فهو أن يعطي ذات المخدوم كان ما كان ما تستحقه من حيث عينها خاصة و هو أن تقف مع ما تطلبه بذاتها فتبادر إليه من قبل أن تأمرك به أو تساءلك فيه حتى لا يظهر عليها ذلة المسألة و لو كان أكبر منك و سالك في أمر فهو من حيث سؤاله إياك في ذلك الأمر أن تفعله إظهار حاجة إليك و لو عادت عليك منفعته و لكن مقام السؤال يقتضي ذلك فمقام أدب الخدمة الحضور دائما مع كل ذات مشهودة لك تنظر فيما تستحقه بما يعطيه الزمان أو المكان أو الحال فتقوم لها بذلك من غير سؤال و لا تنبه من أحد سوى حضورك فهذا مقام أدب الخدمة

«و أما مقام»أدب الشريعة

فهو أن تقوم بأمرها خاصة لا بما تعطيك ذاتها إلا إن أمرتك بذلك فيكون قيامك بما تعطيك ذاتها من حيث أمرها لا غير قال تعالى وَ مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و قال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و كل خدمة عن أمر فمن أدب الشريعة لا من أدب الخدمة

«و أما مقام»أدب الحقيقة

فإنا نذكره إن شاء اللّٰه و من أدب الشريعة أخذك لأحكامها المشروعة و الوقوف عند رسومها و حدودها و اتصافك بها لمجرد الخدمة و الاشتغال لا لتحلية النفس بالعلم بها دون العمل و من آداب الخدمة أن لا يشغلك و لا يبعثك عليها ما تنتجه لك من المخدوم من القبول و ملاحظات التأميل فإن شغلك ذلك فما خدمت سوى غرضك و نفسك و من آداب الحق أن لا يتعدى علمك في الأشياء علمه فيها و هو الموافقة و إن أعطاك علمك خلاف ذلك و لا سيما فيما أضافه الحق إلى الخلق من الأعمال فأضفها أنت إلى من أضافها اللّٰه و اترك علمك لعلمه فإنه العليم و أنت العالم و هو الصادق فيما يخبر فما أضاف أمرا إلى من أضافه إلا و ينبغي لذلك المضاف إليه تلك الإضافة فلا ترجح علمك على علمه من حيث قيام الدليل لك على أنه لا فاعل إلا اللّٰه فليس هذا من الأدب فصاحب الموافقة له كل تجل و شهود فاعلم ذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست