responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 226

الممكنات التي لا قيام لها إلا بالله فينبغي إن لا يترك شيء منها لارتباط كل شيء منها بحقيقة إلهية هي تحفظه و قد ثبت أن الممكنات لا تتناهى فالحقائق و النسب الإلهية لا نهاية لها و لا يصح أن يكون في الإلهيات تفاضل لأن الشيء لا يفضل نفسه و لا مفاضلة في هذه الأعيان إلا بما تنتسب إليه لأنه لا فضل لها من ذاتها و لا مفاضلة هناك فلا مفاضلة هنا فكما هو الأول هو الآخر كذلك العقل الأول الجماد و كما هو الظاهر هو الباطن : كذلك عالم الغيب و الشهادة

[من حقيقته عدم فالوجود له معار]

فما ثم تافه و لا حقير فإن الكل شعائر اللّٰه وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهٰا مَنٰافِعُ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى زمان نظركم في نفوسكم بها و الأجل المسمى هو أن يكشف لكم عنكم إنكم ما هم أنتم إذ من حقيقته عدم الوجود فالوجود له معار فإذا تبين لكم إنكم ما هم أنتم و هو الأجل المسمى كان محلها و هو مَحِلُّهٰا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ و هو القديم الذي لا يقبل الحدوث فرأيتم إن الصفة تطلب موصوفها فزلتم أنتم من كونكم شعائر اللّٰه و صار الحق دليلا على نفسه إذ كان من المحال أن يدل شيء على شيء دلالة علم محقق فلا أدل من الشيء على نفسه و لهذا إذا حددت الأمر الظاهر ترده غامضا و لهذا لا تطلب حدود الأمور الظاهرة كمن يطلب حد النهار و هو فيه و هو أوضح الأشياء لا يقدر أن يجهله

[قف عند ما قال لك الشارع عنه قف فذلك هو الأدب الإلهي]

و إذا كان الأمر كما ذكرنا فلا يستحي فلا حياء و لا حكم له بل يضرب الأمثال و يقيم الأشكال و يعلم لمن يخاطب و من يفهم عنه ممن لا يفهم و لكل فهم فلو وجد عند السامع ما هو أخفى من البعوضة لجاء بها كما قد جاء بذلك مجملا بقوله فَمٰا فَوْقَهٰا فأمرك و علمك في هذه الآية أن لا تترك شيئا إلا و تنسبه إلى اللّٰه و لا يمنعك حقارة ذلك الشيء و لا ما تعلق به من الذم عرفا و شرعا في عقدك ثم تقف عند الإطلاق فلا تطلق ما في العقد على كل شيء و لا في كل حال وقف عند ما قال لك الشارع قف عنده فإن ذلك هو الأدب الإلهي الذي جاء به الشرع و الأدب جماع الخير و في إيراد الألفاظ يستعمل الحياء لأنك تترك بعضها كما أمرت و في العقد لا تترك شيئا لا تنسبه إلى اللّٰه و هو مقام ترك الحياء فعامل اللّٰه تعالى بحسب المواطن كما رسم لك و لا تنازع وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فإنك إذا قلت ذلك لم تزل في مزيد جانيا ثمرة الوجوب

(الباب الأربعون و مائة في معرفة مقام الحرية و أسراره و هو باب خطر)



عبد الهوى آبق عن ملك مولاه و ليس يخرج عنه فهو تياه
الحر من ملك الأكوان أجمعها و ليس يملكه مال و لا جاه
فإن تعرض للتكوين أبطل ما قد كان أصله من ملك مولاه

[الحرية مقام الذات و لا يتخلص لعبد مقيد الصفات]

اعلم وفقك اللّٰه أن الحرية مقام ذاتي لا إلهي و لا يتخلص للعبد مطلقا فإنه عبد لله عبودية لا تقبل العتق و أحلناها في حق الحق من كونه إلها لارتباطه بالمألوه ارتباط السيادة بوجود العبد و المالك بالملك و الملك بالملك انظر في قوله إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ... وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ فنبه بإتيان قوم آخرين على هذا الارتباط فإنه يلزم من حقيقة الإضافة عقلا و وجودا تصور المتضايفين فلا حرية مع الإضافة و الربوبية و الألوهية إضافة و لما لم يكن بين الحق و الخلق مناسبة و لا إضافة بل هو الغني عن العالمين و ذلك لا يكون لذات موجودة إلا لذات الحق فلا يربطها كون و لا تدركها عين و لا يحيط بها حد و لا يفيدها برهان وجدانها في العقل ضروري كما إن نفي صفات التعلق التي تدخلها تحت التقييد نظري

[حرية العبد في عدميته و حرية الذات في وجودها]

فإذا أراد العبد التحقق بهذا المقام فإنه مقام تحقق لا مقام تخلق و نظر أنه لا يصح له ذلك إلا بزوال الافتقار الذي يصحبه لإمكانه و يرى أن الغيرة الإلهية تقتضي أن لا يتصف بالوجود إلا اللّٰه لما يقتضيه الوجود من الدعوى فعلم بهذا النظر أن نسبة الوجود إلى الممكن محال لأن الغيرة حد مانع من ذلك فنظر إلى عينه فإذا هو معدوم لا وجود له و أن العدم له وصف نفسي فلم يخطر له الوجود بخاطر فزال الافتقار و بقي حرا في عدميته حرية الذات في وجودها

[وقوف الممكن مع عينه هو الحرية و مع استعداده هو العبودية]

ثم إنه أراد أن يعرف ما يناسب الأسماء الإلهية التي لهذه الذات من ذات الممكن المعدوم فرأى إن كل عين من عيون الممكنات على استعداد لا يكون في غيره ليقع التمييز بين الأعيان فما وقع بين ذات الممكن و ذات الحق بالوجود للحق الواجب و العدم للممكن الواجب فجعل هذه الاستعدادات له بمنزلة الأسماء للحق و الوجود في أعيان الممكنات لله تعالى فإذا ظهر في عين من أعيان الممكنات لنفسه باسم ما من الأسماء الإلهية أعطاه استعداد تلك العين اسما حادثا تسمى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست