responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 221

[الاسم الأحد ينطلق على كل شيء مع كونه نعتا إلهيا]

اعلم أن الاسم الأحد ينطلق على كل شيء من ملك و فلك و كوكب و طبيعة و عنصر و معدن و نبات و حيوان و إنسان مع كونه نعتا إلهيا في قوله قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و جعله نعتا كونيا في قوله وَ لاٰ يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً و ما من صنف ذكرناه من هؤلاء الأصناف الذين هم جميع ما سوى اللّٰه و قد حصرناهم إلا و قد عبد منهم أشخاص فمنهم من عبد الملائكة و منهم من عبد الكواكب و منهم من عبد الأفلاك و منهم من عبد العناصر و منهم من عبد الأحجار و منهم من عبد الأشجار و منهم من عبد الحيوان و منهم من عبد الجن و الإنس

[المخلص في العبادة التي هي له ذاتية أن لا يقصد بها إلا من أوجده]

فالمخلص في العبادة التي هي ذاتية له أن لا يقصد إلا من أوجده و خلقه و هو اللّٰه تعالى فتخلص له هذه العبادة و لا يعامل بها أحدا ممن ذكرناه أي لا يراه في شيء مما ذكرناه لا من حيث عين ذلك الشيء و لا من حيث نسبة الأحدية له فإن الناظر أيضا له أحدية فليعبد نفسه فهو أولى له و لا يذل لاحدية مثله إذ و لا بد من ذلته لغير أحدية خالقه فيكون أعلى همة ممن ذل لاحدية مخلوق مثله

[ما من مخلوق إلا و فيه نفس دعوى ربوبية]

و ما من شيء من المخلوقات إلا و فيه نفس دعوى ربوبية لما يكون عنه في الكون من المنافع و المضار فما من شيء في الكون إلا و هو ضار نافع فهذا القدر فيه من الربوبية العامة و بها يستدعي ذلة الخلق إليه أ لا ترى الإنسان على شرفه على سائر الموجودات بخلافته كيف يفتقر إلى شرب دواء يكرهه طبعا لعلمه بما فيه من المنفعة له فقد عبده من حيث لا يشعر كرها و إن كان من الأدوية المستلذة لمزاج هذا المريض و هو قد علم إن استعماله ينفعه فقد عبده من حيث لا يشعر طوعا و محبة و كذا قال اللّٰه وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً و خذ الوجود كله على ما بينته لك

[الافتقار إلى جلب المنافع و الحاجة إلى دفع المضار أدى النفوس الضعيفة إلى عبادة الأشياء]

فإنه ما من شيء في الكون إلا و فيه ضرر و نفع فاستجلب بهذه الصفة الإلهية نفوس المحتاجين إليه لافتقارهم إلى المنفعة و دفع المضار فأداهم ذلك إلى عبادة الأشياء و إن لم يشعروا و لكن الاضطرار إليها يكذبهم في ذلك فإن الإنسان يفتقر إلى أخس الأشياء و أنقصها في الوجود و هو مكان الخلأ عند الحاجة يترك عبادة ربه بل لا يجوز له في الشرع أداؤها و هو حاقن فيبادر إلى الخلأ و لا سيما إذا أفرطت الحاجة فيه و اضطرته بحيث تذهب بعقله ما يصدق متى يجد إليه سبيلا فإذا وصل إليه وجد الراحة عنده و ألقى إليه ما كان أقلقه فإذا وجد الراحة خرج من عنده و كأنه قط ما احتاج إليه و كفر نعمته و استقذره و ذمه و هذا هو كفر بالنعمة و المنعم

[الدين الخالص هو الدين المستخلص من أيدى ربوبية الأكوان]

و لما علم اللّٰه ما أودعه في خلقه و ما جعل في الثقلين من الحاجة إلى ما أودع اللّٰه في الموجودات و في الناس بعضهم لبعض قال فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً أي لا يشوبه فساد وَ لاٰ يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً أي لا يذل إلا لله لا لغيره و أمر أن نعبده مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ و قال أَلاٰ لِلّٰهِ الدِّينُ الْخٰالِصُ و هو الدين المستخلص من أيدي ربوبية الأكوان فإذا لم ير شيئا سوى اللّٰه و أنه الواضع أسباب المضار و المنافع لجأ إلى اللّٰه في دفع ما يضره و نيل ما ينفعه من غير تعيين سبب فهذا معنى الإخلاص

[المخلصون-بفتح اللام-و المخلصون-بكسر اللام-]

و لا يصح وجود الإخلاص إلا من المخلصين بفتح اللام فإن اللّٰه إذا اعتنى بهم استخلصهم من ربوبية الأسباب التي ذكرناها فإذا استخلصهم كانوا مخلصين بكسر اللام و إنما أضاف إليهم الإخلاص ابتلاء ليرى هل يحصل لهم امتنان بذلك على الحق أم لا و قد وجد في قوله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا فإن منوا بذلك وبخوا و نبهوا بقوله بَلِ اللّٰهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدٰاكُمْ لِلْإِيمٰانِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ في دعواكم إنكم مؤمنون فعراهم من هذه الصفة أن تكون لهم كسبا

[ينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر اللّٰه في إنعامه]

فينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر اللّٰه في إنعامه فإن المكر فيه أخفى منه في البلاء و أدنى المكر فيه إن يرى نفسه مستحقا لتلك النعمة و أنها من أجله خلقت فإن اللّٰه ليس بمحتاج إليها فهي لي بحكم الاستحقاق هذا أدنى المكر الذي تعطيه المعرفة و يسمى صاحبه عارفا في العامة و هو في العارفين جاهل إذ قد بينا فيما قبل إن الأشياء إنما خلقت له تعالى لتسبح بحمده و كان انتفاعنا بها بحكم التبعية لا بالقصد الأول ففطر العالم كله على تسبيحه بحمده و عبادته و دعا الثقلين إلى ذلك و عرف أن لذلك خلقهم لا لأنفسهم و لا لشيء من المخلوقات مع ما في الوجود من وقوع الانتفاع بها بعضها من بعض و

قال تعالى في الحديث الغريب الصحيح من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء و هو للذي أشرك فطلب من عباده إخلاص العمل له فمنهم من أخلصه له جملة واحدة فما أشرك في العمل بحكم القصد فما قصد به إلا اللّٰه و لا أشرك في العمل نفسه بأنه الذي عمل بل عمله خلق لله فالأول عموم و الثاني خصوص و هو غاية الإخلاص و لا يصح إخلاص إلا مع عمل أعني في عمل فإنه لا بد من شيء يكون مستخلصا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست