responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 220

الذي يعم جميع هذه الاعتقادات و يعلم مصادرها و مواردها و لا يغيب عنه منها شيء فمثل هذا لا تتعين له الاستقامة لأنه لا يرى لهذه الحال ضدا تتميز به هذه الحالة لأنه فيها و الكون إذا كان في الشيء لا يدركه عينا و رؤية بصر و إن عرفه كما لا يدرك الهواء للقرب المفرط كذلك لا يدرك الحق للقرب المفرط فإنه أقرب إلينا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ف‌ لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ

[سبحان من خلق العالم للسعادة لا للشقاء و كان الشقاء فيه عرضا عرض]

فسبحان من خلق العالم للسعادة لا للشقاء فكان الشقاء فيه عرضا عرض له ثم يزول و ذلك لأن اللّٰه تعالى ما خلق العالم لنفس العالم و إنما خلقه لنفسه فقال فيه وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و نحن من الأشياء ثم قال في حقنا وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فما من أحد منا يتعزز على اللّٰه و لا يتكبر عليه و إن تكبر بعضنا على بعض و ما من صاحب نحلة و لا ملة و لا نظر إلا و تسأله عن طلبه فتجده مستوفر الهمة على طلب موجدة لأنه خلقه للمعرفة به و اختلفت أحوالهم في إدراك مطلوبهم لاختلاف أمزجتهم و نزلت الشرائع تصوب نظر كل ناظر و يتجلى لأهل الكشوف و الكل أهل كشف لكن بعضهم لا يدري أن مطلوبه قد أدركه و هو الذي خشع له و آخر قد علم أنه لا يرى سوى مطلوبه فالكل في عين الوجود و الشهود وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ فرحم اللّٰه الجميع و هذا معنى قوله وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ

[مدرسة الوجود الجامعية ربها المعيدون فيها المذنبون فيها المذنبون أصناف عاومها الكلية الأربعة]

و سيرد إن شاء اللّٰه في منزل الإنعام و الآلاء من هذا الكتاب ما أشرنا إليه في هذا الكلام فإنا جعلنا فيه أن الوجود مدرسة و أن الحق سبحانه هو رب هذه المدرسة و ملقي الدروس فيها على المتعلمين و هم العالم و الرسل هم المعيدون و الورثة هم المذنبون و هم معيدو المعيدين و العلوم التي يلقيها للمتعلمين في هذه المدرسة و إن كثرت فهي ترجع إلى أربعة أصناف صنف يلقى عليهم دروس موازين الكلام في الألفاظ و المعاني ليميزوا بها الصحيح من السقيم و إن كان الكل صحيحا عند العلماء بالله و إنما يسمى سقيما بالنظر إلى ضده أو غرض ما معين و العلم الثاني هو العلم بتنقيح الأذهان و تدريب الأفكار و تهذيب العقول لأن رب المدرسة إنما يريد أن يعرفهم بنفسه و هو الغاية المطلوبة التي لأجلها وضع هذه المدرسة و جمع هؤلاء الفقهاء فاستدرجهم للعلم به شيئا بعد شيء و بعضهم تجلى لهم ابتداء فعرفوه لصحة مزاجهم كالملائكة و الأجسام المعدنية و النباتية و الحيوانية و ما احتجب إلا عن الثقلين ففيهما وضع هذه العلوم ليتدربوا بها للعلم به و هو لا يزال خلف حجاب المعيدين و العقول ستر مسدل و باب مقفل و دروس يلقيها أيضا ليعلمهم بذلك ما سبب وجود هذه الهياكل و اختلافات أمزجتها و بما امتزجت و ما سبب عللها و أمراضها و صحتها و عافيتها و من أي شيء قامت و ما يصلحها و يفسدها و ما معنى الطبيعة فيها و أين مرتبتها من العالم و هل هي أمر وجودي عيني أو هي أمر وجودي عقلي و هل يخرج عنها شيء أو صنف من العالم أو لا حكم لها إلا في الأجسام المركبة التي تقبل الحل و التركيب و الكون و الفساد و ما أشبه هذا الفن و الدرس الرابع هو ما يلقيه من العلم الإلهي و ما يجب أن يكون عليه هذا المفتقر إليه الذي هو اللّٰه سبحانه و ما يستحيل أن ينعت به و ما يجوز فعله في خلقه و ما ثم درس خامس أصلا لأنه ليس وراء اللّٰه مرمى غير أن كل نوع من أنواع هذه العلوم ينقسم إلى علوم جزئية كثيرة يتسع المجال فيها فمن وقف مع شيء منها و لم يحضر من الدروس إلا درسها كان ناقصا عن غيره و من ارتفعت همته و علم أن هذه الدروس ليس المطلوب منها نفسها و لا وضعت لعينها و إنما المقصود منها تحصيل العلم بالله الذي هو رب هذه المدرسة جعل في همته طلب هذا العلم الإلهي فمنهم من طلبه بمقدمات هذه العلوم و هو طلب عقلي و منهم من طلبه من المعيد و اقتصر عليه فإنه رأى بينه و بين المدرس وصلة و رأى رسولا يخرج إليه من خلف الحجاب يعرفه بأمور يلقيها على الحاضرين و أوقات يدخل المعيد إليه ثم يخرج من عنده فقال هذا الطالب العلم بالله من جهة هذا المعيد أحق و أوثق للنفس من أن تتخذ دليلا نظريا أو فكريا مما تقدم من هذه العلوم الأخر فلما أخذ علمه من المعيد كان وارثا و صار معيدا للمعيد و هو المذنب و يسمى في الشرع الوارث و هم ورثة الأنبياء

(الباب الرابع و الثلاثون و مائة في معرفة مقام الإخلاص)



من أخلص الدين فذاك الذي لنفسه الرحمن يستخلصه
فكل نقصان إذا لم يكن في كونه فإنه ينقصه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست