responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 169

في نفس الأمر و قد أقره الشارع و هو حكم شرعي مقبول لا يحل لأحد من الحكام رده و قواعد الشرع و أصوله تحفظه و كالمصالح المرسلة في مذهب مالك

[الاختيارات الإلهية في الموجودات و اختيارات الأكياس في المشروعات]

و لما قرر الشارع حكمها مجملا و أبان أن واضعها و متبعيه فيها مأجورون و نهاية التابعين فيها إلى واضعها على قدره و قدر ما سن نبهتك بهذا أن تكون أوقاتك معمورة بالشرائع النبوية و السنن الأصلية فإن الكيس ينبغي أن لا يكون غاية عمله إلا نبوة أصلية لا فرعية إذ كان له الاختيار في الاختيار لما كانت الأمور في أنفسها تقبل الاختيار كما فعل سبحانه في جميع الموجودات فاختار من كل أمر في كل جنس أمرا ما كما اختيار من الأسماء الحسنى كلمة اللّٰه و اختار من الناس الرسل و اختار من العباد الملائكة و اختار من الأفلاك العرش و اختار من الأركان الماء و اختار من الشهور رمضان و اختار من العبادات الصوم و اختار من القرون قرن النبي ص و اختار من أيام الأسبوع يوم الجمعة و اختار من الليالي ليلة القدر و اختار من الأعمال الفرائض و اختار من الأعداد التسعة و التسعين و اختار من الديار الجنة و اختار من أحوال السعادة في الجنة الرؤية و اختار من الأحوال الرضي و اختار من الأذكار لا إله إلا اللّٰه و اختار من الكلام القرآن و اختار من سور القرآن سورة يس و اختار من آي القرآن آية الكرسي و اختار من قصار المفصل قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و اختار من أدعية الأزمنة دعاء يوم عرفة و اختار من المراكب البراق و اختار من الملائكة الروح و اختار من الألوان البياض و اختار من الأكوان الاجتماع و اختار من الإنسان القلب و اختار من الأحجار الحجر الأسود و اختار من البيوت البيت المعمور و اختار من الأشجار السدرة و اختار من النساء مريم و آسية و اختار من الرجال محمدا ص و اختار من الكواكب الشمس و اختار من الحركات الحركة المستقيمة و اختار من النواميس الشريعة المنزلة و اختار من البراهين البراهين الوجودية و اختار من الصور الصور الآدمية لذلك أبرزها على الصورة الإلهية و اختار من الأنوار ما يكون معه النظر و اختار من النقيضين الإثبات و من الضدين الوجود و اختار الرحمة على الغضب و اختار من أحوال أفعال الصلاة السجود و من أقوالها ذكر اللّٰه و من أصناف الإرادات النية فلها الحكم في قبول العمل و رده فإنه

لكل امرئ ما نوى و يلحق غير العامل بالعامل في الأجر و زيادة

[اختيار ذكر اللّٰه من بين أقوال الصلاة]

و أما ذكر اللّٰه من أقوال الصلاة فإن ذكر اللّٰه منها أكبر ما فيها هكذا قال عز و جل إِنَّ الصَّلاٰةَ تَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ فإن الصلاة مناجاة و الذاكر جليسه الحق فإن ذكره به فهو تعالى لسانه

[اختيار السجود من بين أفعال الصلاة]

و أما اختياره السجود في أفعال الصلاة فلما فيه من العصمة من الشيطان فإنه لا يفارقه في شيء من أفعال الصلاة إلا في السجود خاصة لأنه خطيئته و عند السجود يبكي و يتأسف و يندم و الندم توبة و لا بد من قبول ذلك القدر فهو يتوب عند كل سجدة و

إن اللّٰه يحب كل مفتن تواب ثم يعود إلى الإغواء عند الرفع من السجود هكذا

[اختيار الرحمة على الغضب]

و أما اختياره الرحمة على الغضب فلأنها تفعل بالمنة و تفعل بالوجوب و وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و الغضب من الأشياء التي وسعته الرحمة فما ثم غضب خالص غير مشوب برحمة و الرحمة لا يشوبها غضب وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوىٰ فالغضب جعله يهوى فإذا هوى و هو السقوط و هو حكم الغضب لا غير فيسقط في الرحمة فتسعه و تتلقاه فلا يسقط إلا إليها و بالرحمة التي في الغضب سقط فهي التي جعلت الغضب يهوى به لتستلمه الرحمة الخالصة كالرحمة التي في الدواء الكرية فيشربه العليل على كراهة فيه رحمة خفية من أجلها استعمل الدواء الكرية في الوقت لتسلمه إلى العافية و هي الرحمة الخالصة و لهذا كان المال إلى الرحمة و حكمها و إن لم يخرجوا من النار فلهم فيها نعيم وَ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أ لا ترى إلى ما جعل اللّٰه في النار في الدنيا من المنافع و الراحات و لو لم يكن إلا الكي بها لبعض العلل فإنه أقطع الأدوية و لقوته في أثره قدح في التوكل لأنه يقوم في الفعل مقام الشافي و المعافي فحكمت الغيرة على المكتوي بأنه غير متوكل

[اختيار الوجود من الضدين]

و أما اختيار الوجود من الضدين فلأنه صفته فاختار للممكنات صفته و لا يصح إلا هذا فإن له الاقتدار و الاقتدار لا يكون عنه إلا الوجود أ لا تراه لما قال إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ قال وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ فأبى الاقتدار إلا الوجود و علق الإرادة بالإعدام و له الاسم المانع و المنع عدم

[اختيار الإثبات على النفي]

و أما اختياره الإثبات فهو عين الشيء الذي يقول له كن لأنه في حال عدمه رجح له الإثبات على النفي حتى لا يزال ممكنا في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست