responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 137

النفس إذ كان لا يشعر كل أحد بذلك فإذا أخذ العارف يصف عيوب النفوس في حق كل طائفة من أصحاب المراتب كالسلطان و ما يتعلق بمرتبته من العيوب و القاضي و جميع الولاة و عيوب نفوس الزهاد و الصالحين و العوام فيعرف كل طائفة عيبها بعد ما كان مستورا عنها هذا حظهم من الهمز و اللمز

[الأولياء الفاسقون الناقضون القاطعون المفسدون]

و منهم الفاسقون الناقضون القاطعون المفسدون الفاسقون الخارجون عن الصفات التي تحول بينهم و بين السعادة و القربة إلى اللّٰه فهم يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مِيثٰاقِهِ و ذلك أنهم يعهدون مع اللّٰه أن يطيعوه فإذا حصلوا في مقام التقريب و الكشف رأوا أن اللّٰه هو العامل بهم وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ فرأوا أنهم لا حول لهم و لا فعل و لا قول فنقضوا عهد اللّٰه برده إليه سبحانه لأنه ما انعقد ذلك إلا مع فاعل يفعله و رأوا مشاهدة أن اللّٰه هو الفاعل لذلك فلم يقع العهد في نفس الأمر إلا من اللّٰه بين اللّٰه و بين نفسه فعلموا أن الحجاب أعماهم عن هذا الإدراك في حين أخذ العهد و أن العهد إنما يلزم لأهل الحجاب فانتقض عهدهم و الأعمال تجري منهم بالله و هم لا يرونها فهم المعصومون في أعمالهم عن إضافتها إليهم و كذلك في قطعهم ما أمرهم اللّٰه أن يصلوه من أرحامهم فقال عليه السلام الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله اللّٰه فوصلوها بالرحمن و ردوا القطعة إلى موضعها فشاهدوا الرحمن يمتن عليهم و خرج هؤلاء من الوسط و امتثلوا قول الشارع بصلة الرحم فأخذها الناس على صلة القرابة بالمال و يأخذ هؤلاء على صلة القربى إلى اللّٰه فهم يدلون أرحامهم على أصلهم و هو الرحمن و يرون في إعطائهم الصلات يد اللّٰه معطية و يد اللّٰه آخذة فإنها شجنة من الرحمن فالعطاء منه و الأخذ منه فانقطع هؤلاء عن صلة الرحم بالمال لأنهم لا يد لهم مع غاية الإحسان في الشاهد و الناس لا يشعرون و كذلك قوله وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ و فساد دنياهم هو فسادهم في الأرض لأن الجنة في السماء و في هذا الفساد صلاح آخرتهم في السماء فيصومون و يسهرون و يحملون الأثقال الشاقة و هذا كله من فساد أرض أجسامهم لما طرأ عليها من النحول و الذبول و الضعف و هذا كله وصف أهل الشقاء في الكتاب فقال فَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ ثم وصفهم اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مِيثٰاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ مٰا أَمَرَ اللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ

[الأولياء الضالون]

و منهم الضالون و هم التائهون الحائرون في جلال اللّٰه و عظمته كلما أرادوا أن يسكنوا فتح لهم من العلم به ما حيرهم و أقلقهم فلا يزالون حيارى لا ينضبط لهم منه ما يسكنون عنده بل عقولهم حائرة فهؤلاء هم الضالون الذين حيرهم التجلي في الصور المختلفة

[الأولياء المضلون]

و منهم المضلون قال تعالى وَ مٰا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً و هو في الاعتبار الذين أظهروا لأتباعهم من المتعلمين طريق الحيرة في اللّٰه و العجز عن معرفته و أنه بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ مع كونه خاطب عباده بالعمل و هو العامل بهم لا هم فلما نبهوا الناس على ما يقتضيه جلال اللّٰه من الإطلاق و عدم التقييد كانوا مضلين أي محيرين من أجل ما حيروا الخلق في جلال اللّٰه فقال تعالى ما جعلناهم محيرين عضدا يعتضد بهم في تحييرهم بل أنا محيرهم على الحقيقة لا هم مع كونهم لهم أجر ما قصدوه و الدليل على أني محيرهم لا هم و لا اتخذتهم عضدا أن من الناس من يقبل منهم و من الناس من لا يقبل و لو كان الأمر بأيديهم لأثروا في الكل القبول فلما كان الأمر بيدي لا بأيديهم جعلت القبول في البعض دون البعض فقبلوا الحيرة في فإنا كنت محيرهم لا هم فعلى هذا يعتبر قوله وَ مٰا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً بل لناجرهم على ذلك

[الأولياء الكاذبون]

و منهم الكاذبون و هم الذين يقولون صلينا و سمعنا و أطعنا و قيل لهم يَقُولُوا سَمِعْنٰا وَ أَطَعْنٰا و غير ذلك مما يدعونه من أعمال البر المأمور بها شرعا و هم يعلمون أن الأمور بيد اللّٰه و أنه لو لا ما أجرى اللّٰه العمل على أيديهم ما ظهر و لو لا أن اللّٰه قال لهذا العمل كن في هذا المحل ما كان و هم مع ذلك يضيفونه إلى أنفسهم فهم كاذبون من هذا الوجه و هكذا يسرى في سائر الأعمال

[الأولياء المكذبون]

و منهم المكذبون و هي الطائفة التي ترى هؤلاء المدعين في أعمالهم ممن يراها أنها أعمالنا و ممن يراها أنها من اللّٰه و لكن يدعونها و هم كاذبون فتكذبهم هذه الطائفة في دعواهم و إضافتهم ذلك إليهم فيقال فيهم مكذبون و الكامل من يضيف الأعمال على حد ما أضافها الحق و يزيلها عن الإضافة على حد ما أزالها الحق من علمه بالمواطن فمن نقص عن هذا النظر و كذب المدعين في كل حال فقد نقصه هذا الأدب مع كونه جليل القدر فهذا النقص يعبر عنه بالويل في حقه الذي في العموم للمكذبين فإنه يقول يوم القيامة إذا رأى ما فاته في تكذيبه من المواطن التي كان ينبغي له أن يقرر فيها إضافة العمل إليهم فلم يفعل يا ويلنا لم لم أحقق النظر في ذلك حتى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست