responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 138

أفوز بعلم الأدب الذي هو جماع الخير فيدخل تحت عموم قوله فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أي يقولون يٰا وَيْلَتىٰ و يٰا حَسْرَتىٰ و إن كانوا سعداء فإنه يَوْمُ التَّغٰابُنِ

[الأولياء الفجار]

و منهم الفجار فإنهم في سجين : من السجن و هم الذين حبسوا نفوسهم و سجنوها عن التصرف فيما منعوا من التصرف فيه و لا يقع التفجير إلا في محبوس عَيْناً يَشْرَبُ بِهٰا عِبٰادُ اللّٰهِ يُفَجِّرُونَهٰا تَفْجِيراً فهم الفجار جاءوا عيون المعارف التي سدها اللّٰه في العموم لكون الفطر أكثرها لا تسعد بتفجيرها لما يؤدي إليه بالنظر الفاسد من الإباحة و القول بالحلول و غير ذلك مما يشقيهم فجاءت هذه الطائفة إلى المعنى ففجرت هذه العيون لأنفسها فشربت من مائها فزادت هدى إلى هداها و بيانا إلى بيانها فسعدت و طالت و عظمت سعادتها فهذا حظ الأولياء من الفجور الذي سموا به فجار أو على هذا الأسلوب نأخذ كل صفة مذمومة بالإطلاق فتقيدها فتكون محمودة و نضع عليك اسما منها كما يسمى صاحب إطلاقها فلتتبع الكتاب العزيز و السنة في ذلك و اعمل بحسبها فإنه يعطيك النظر فيها من حيث ما وصف بها الأشقياء ما لا يعطيك من حيث ما وصف بنقيضها الأتقياء فاجعل بالك و هذا كله من بركة أم الكتاب فإنه مثل هذا النظر ما فتح لأمة من الأمم و عصمت فيه إلا لهذه الأمة و أعظم صفة في الذم الشرك

[الأولياء المشركون]

و منهم المشركون بالله قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ و كذا هو لأنه لو ستر لم يشرك به و هذا الاسم اللّٰه هو الذي وقع عليه الشرك فيما يتضمنه فشاركه الاسم الرحمن قال تعالى قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ فجعل للاسم اللّٰه شريكا في المعنى و هو الاسم الرحمن فالمشركون هم الذين وقعوا على الشركة في الأسماء الإلهية لأنها اشتركت في الدلالة على الذات و تميزت بأعيانها بما تدل عليه من رحمة و مغفرة و انتقام و حياة و علم و غير ذلك و إذ كان للشرك مثل هذا الوجه فقد قرب عليك مأخذ كل صفة يمكن أن تغفر فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه فإن ذلك ليس بمشرك حقيقة و أنت هو المشرك على الحقيقة لأنه من شأن الشركة اتحاد العين المشترك فيه فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء و إلا فليس بشريك مطلق و هذا الشريك الذي أثبته الشقي لم يتوارد مع اللّٰه على أمر يقع فيه الاشتراك فليس بمشرك على الحقيقة بخلاف السعيد فإنه أشرك الاسم الرحمن بالاسم اللّٰه و بالأسماء كلها في الدلالة على الذات فهو أقوى في الشرك من هذا فإن الأول شريك دعوى كاذبة و هذا أثبت شريكا بدعوى صادقة فغفر لهذا المشرك بصدقه فيه و لم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه فهذا أولى باسم المشرك من الآخر

(السؤال الخامس و الخمسون و مائة)ما معنى المغفرة التي لنبينا و قد بشر النبيين بالمغفرة

الجواب الغفر الستر فستر عن الأنبياء عليهم السلام في الدنيا كونهم نوابا عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و كشف لهم عن ذلك في الآخرة

إذ قال أنا سيد الناس يوم القيامة فيشفع فيهم صلى اللّٰه عليه و سلم أن يشفعوا فإن شفاعته صلى اللّٰه عليه و سلم في كل مشفوع فيه بحسب ما يقتضيه حاله من وجوه الشفاعة

[المغفرة الخاصة و المغفرة العامة]

فبشر النبيين بالمغفرة الخاصة و بشر محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم بالمغفرة العامة و قد ثبتت عصمته فليس له ذنب يغفر فلم يبق إضافة الذنب إليه إلا أن يكون هو المخاطب و القصد أمته كما قيل

إياك أعني فاسمعي يا جارة
و كما قيل له فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّٰا أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكَ و معلوم أنه ليس في شك فالمقصود من هو في شك من الأمة و كذلك لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و قد علم أنه لا يشرك فالمقصود من أشرك فهذه صفته فكذلك قيل له لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ و هو معصوم من الذنوب فهو المخاطب بالمغفرة و المقصود من تقدم من آدم إلى زمانه و ما تأخر من الأمة من زمانه إلى يوم القيامة فإن الكل أمته

[الناس جميعا أمة محمد ص من آدم إلى المهدى القائم]

فإنه ما من أمة إلا و هي تحت شرع من اللّٰه و قد قررنا إن ذلك هو شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم من اسمه الباطن حيث كان نبيا و آدم بين الماء و الطين و هو سيد النبيين و المرسلين فإنه سيد الناس و هم من الناس و قد تقدم تقرير هذا كله فبشر اللّٰه محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم بقوله لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ بعموم رسالته إلى الناس كافة و كذلك قال إنا أرسلناك إلى الناس كافة : و ما يلزم الناس رؤية شخصه فكما وجه في زمان ظهور جسمه رسوله عليا و معاذا إلى اليمن لتبليغ الدعوة كذلك وجه الرسل و الأنبياء إلى أممهم من حين كان نبيا و آدم بين الماء و الطين فدعا الكل إلى اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست