responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 735

إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ و قال يُسٰارِعُونَ فِي الْخَيْرٰاتِ وَ هُمْ لَهٰا سٰابِقُونَ فجعل المسارعة في الخير و إليه و لا يسابق إليها إلا بالذنوب و طلب المغفرة فإنها لا ترد إلا على ذنب و إن كانت في وقت تستر العبد عن إن تصيبه الذنوب و هو المعصوم و المحفوظ فلها الحكمان في العبد محو الذنب بالستر عن العقوبة أو العصمة و الحفظ و لا ترد على تائب فإن التائب لا ذنب له إذ التوبة إزالته فما ترد المغفرة إلا على المذنبين في حال كونهم مذنبين غير تائبين فهناك يظهر حكمها و هذا ذوق لم يطرق قلبك مثله قبل هذا و هو من أسرار اللّٰه في عباده الخفية في حكم أسمائه الحسنى لا يعقل ذلك إلا أهل اللّٰه شهودا فمثل هذا يسمى التضمين فإنه أمر بالمسابقة إلى المغفرة و ما أمر بالمسابقة إلى الذنب و لما كان العفو و الغفران يطلب الذنب و هو مأمور بالمسابقة إلى المغفرة فهو مأمور بما له يكون ليظهر حكمها فما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب و لكن من حيث ما هو فعل لا من حيث ما هو حكم و إنما أخفى ذكره هنا و ذكر المغفرة لقوله إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ و الأمر من أقسام الكلام فما أمر بالذنوب و إنما أمر بالمسابقة و الإسراع إلى الخير و فيه و إلى المغفرة فافهم

[الكير ينفى خبث الأجسام المعدنية]

و أما تشبيه بنفي الكير خبث الحديد و الفضة و الذهب و هو ما تعلق بهذه الأجسام في المعادن من أصل الطبيعة استعانوا بالنار على إزالة ذلك و استعانوا على النار بإشعال الهواء و استعانوا على تحريك الهواء بالكير فما انتفى الخبث إلا عن مقدمتين و هما النار و الهواء فلو لا وجود هاتين القوتين العلمية و العملية ما وقع نفي هذا الخبث

[أسرار اللّٰه في الأشياء لا تنحصر]

و قد تقدم الكلام في الحج المبرور و إن كان له هنا معنى آخر ليس هو ذلك المعنى المتقدم و لكن يقع الاكتفاء بذلك الأول مخافة التطويل فإن أسرار اللّٰه في الأشياء لا تنحصر بل ينقدح في كل حال لأصحاب القلوب ما لا يعلمه إلا اللّٰه و العامة لا نعلم ذلك و لهذا تقول الخواص من عباد اللّٰه ما ثم تكرار للاتساع الإلهي و إنما الأمثال تحجب بصورها القلوب عن هذا الإدراك فتتخيل العامة التكرار وَ اللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ فمن تحقق بوجود هذا الاسم الواسع لم يقل بالتكرار بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ

(حديث ثالث في فصل إتيان البيت شرفه اللّٰه)

خرج مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من أتى هذا البيت فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه و

في لفظ البخاري عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من حج لله فلم يرفث و لم يفسق الحديث

[الولادة خروج من الضيق إلى السعة]

فاعلم أنه يوم خروج المولود من بطن أمه خرج من الضيق إلى السعة بلا شك و من الظلمة إلى النور و السعة هي رحمة اللّٰه التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و الضيق نقيض رحمة اللّٰه مع أن الرحمة وسعته حيث أوجدت عينه و جعلت له حكما في نفوس العالم حسا و معنى يقول تعالى وَ إِذٰا أُلْقُوا مِنْهٰا مَكٰاناً ضَيِّقاً و المولود على النقيض من الحق في هذه المسألة فإن الحق لما كان له نعت لا شيء موجود إلا هو كان و لا منازع و لا مدع مشاركة في أمر و لا موجب لغضب و لا استعطاف غني عن العالمين فكان بنفسه لنفسه في ابتهاج الأزل و التذاذ الكمال بالغنى الذاتي فكان اللّٰه و لا شيء معه و هو على ما عليه كان

[مثل من خرج من السعة إلى الضيق]

فلما أوجد العالم كانت هذه الحالة لهذا المولود و لكن على النقيض زاحمه العالم في الوجود العيني و ما قنع حتى زاحمه في الوحدة و ما قنع حتى نسب إليه ما لا يليق به فوصف نفسه لهذا كله بالغضب على من نازعه في كل شيء ذكرناه فكان مثل من خرج من السعة إلى الضيق و من الفرح إلى الغم فانتقم و عذب بصفة الغضب و عفا و تجاوز بصفة الكرم و حفظ و عصم بصفة الرحمة فظهر الاستناد من الموجودات إلى الكثرة في العين الواحدة فاستند هذا إلى غير ما استند هذا فزال ابتهاج التوحيد و الأحدية بالأسماء الحسنى و بما نسب إليه من الوجوه المتعددة الأحكام فلم يبق للاسم الواحد ابتهاج فرجع الأمر إلى أحدية الألوهية و هي أحدية الكثرة لما تطلبه من الأسماء لبقاء مسمى الأحدية فقال وَ إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ و لم يتعرض إلى ذكر النسب و الأسماء و الوجوه فإن طلب الوحدة ينافي طلب الكثرة فلا بد أن يكون هذا الأمر هكذا

[القاصد لبيت اللّٰه من أجل اللّٰه]

فصير قاصد بيته لحج أو عمرة من أجل اللّٰه في حال من ولدته أمه أي أنه خرج من الضيق إلى السعة فشبهه بمثله و هو المولود و لم يشبهه بوصفه تعالى الذي ذكرناه آنفا و لكن اشترط فيه أنه لا يرفث فإنه إن نكح أولد فلا يشبه المولود فإنه إذا ولد خرج من السعة إلى الضيق فإنه حصل له في ماله مشاركة بالولد و صار بحكم الولد أكثر منه بحكم نفسه فضاق الأمر عليه و لا سيما إذا تحرك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 735
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست