responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 734

الربانية فأعطاه أن يقول للشيء إذا أراده كُنْ فَيَكُونُ و هذا سر وجود الغني في الفقر و لا يشعر به كل أحد فإنه لا يقول لشيء كن فيكون حتى يشتهيه و لهذا قال تعالى وَ لَكُمْ فِيهٰا مٰا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ فما طلب إلا ما ليس عنده ليكون عنده عن فقر لما طلب لأن شهوته أفقرته إليه و دعته إلى طلبه ليس ذلك المشتهي طلبه و عنده الصفة الربانية التي أوجبت له القوة على إيجاد هذا المشتهي المطلوب فقال له كن عن فقر بصفة إلهية فكان هذا المطلوب في عينه فتناول منه ما لأجله طلب وجوده و ليس هو كذا في حق الحق لأن اللّٰه لم يطلب تكوين الموجودات لافتقاره إليها و إنما الأشياء في حال عدمها الإمكانى لها تطلب وجودها و هي مفتقرة بالذات إلى اللّٰه الذي هو الموجد لها لفقرها الذاتي و في وجودها من اللّٰه فقبل الحق سؤالها و أوجدها لها و لأجل سؤالها لا من حاجة قامت به إليها لأنها مشهودة له تعالى في حال عدمها و وجودها و العبد ليس كذلك فإنه فاقد لها حسا في حال عدمها و إن كان غير فاقد لها علما إذ لو لا علمه بها ما عين بالإيجاد شيئا عن شيء و دون شيء

[العبد مركب من ذاتين: معنى و حس]

غير أن العبد مركب من ذاتين من معنى و حس و هو كماله فما لم يوجد الشيء المعلوم للحس فما كمل إدراكه لذلك الشيء بكمال ذاته فإذا أدركه حسا بعد وجوده و قد كان أدركه علما فكمل إدراكه للشيء بذاته فتركيبه سبب فقره إلى هذا الذي أراد وجوده و إمكانه سبب فقره إلى مرجحه و أما الحق تعالى فليس بمركب بل هو واحد فإدراكه للأشياء على ما هي الأشياء عليه من حقائقها في حال عدمها و وجودها إدراك واحد فلهذا لم يكن في إيجاده الأشياء عن فقر كما كان لهذا العبد المخلوق عليه صفة الحق و هذه مسألة لو ذهب عينك جزاء لتحصيلها لكان قليلا في حقها لأنها مزلة قدم زل فيها كثير من أهل طريقنا و التحقوا فيها بمن ذم اللّٰه تعالى في كتابه من قولهم إِنَّ اللّٰهَ فَقِيرٌ و هذا سببه فما وجد الممكن و لا وجدت المعرفة الحادثة إلا لكمال رتبة الوجود و كمال رتبة المعرفة لا لكمال اللّٰه بل هو الكامل في نفسه سواء وجد العالم أو لم يوجد و عرف بالمعرفة المحدثة أو لم يعرف كما أنه على الحقيقة لا يعرف و لا يعرف منه ممكن إلا نفسه

[الذنب أشبه الذنب و له من معناه صفتان شريفتان]

و أما نفي الذنوب فإنها من حكم الاسم الآخر لأن ذلك من الأمر بمنزلة الذنب من الرأس متاخرة عنه لأن أصله طاعة فإنه ممتثل للتكوين إذ قيل له كن فما وجد إلا مطيعا ثم عرض له بعد ذلك مخالفة الأمر المسمى ذنبا فأشبه الذنب في التأخر فانتفى بالأصل لأنه أمر عارض و العرض لا بقاء له و إن كان له حكم في حال وجوده و لكن يزول فهذا يدلك على إن المال إلى السعادة إن شاء اللّٰه و لو بعد حين ثم إن للذنب من معنى الذنب صفتين شريفتين إذا علمها الإنسان عرف منزلة الذنب عند اللّٰه و ذلك أن ذنب الدابة له صفتان شريفتان ستر عورتها و به تطرد الذباب عنها بتحريكها إياه و كذلك الذنب فيه عفو اللّٰه مغفرته و شبه ذلك ما لا يشعر به مما يتضمنه من الأسماء الإلهية يطرد عن صاحبه أذى الانتقام و المؤاخذة و هما بمنزلة الذباب الذي يؤذي الدابة فلا يصيب الانتقام إلا للابتر الذي لا ذنب له يقول تعالى إِنَّ شٰانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ أي لا عقب له أي لا يترك عقبا ينتفع به بعد موته كما

قال عليه السلام أو ولد صالح يدعو له ولدا كان أو سبطا و ذكرا أو أنثى بقول اللّٰه تعالى لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم إن الذي ألحق بك الشين هو الأبتر فلم يعقب و عقب الشيء مؤخره و لهذا قلنا في الذنب إنه مؤخر لأنه في عقب الدابة و بعدمه يكون أبتر فلو لم تذنبوا لجاء اللّٰه بقوم يذنبون فيغفر لهم و لم يقل فيعاقبهم فغلب المغفرة و جعل لها الحكم فاصل وجود الذنب بذاته لما يتضمنه من المغفرة و المؤاخذة فيطلب تأثير الأسماء و ليس أحد الاسمين المتقابلين في الحكم أولى من الآخر لكن سبقت الرحمة لغضب في التجاري فلم تدع شيئا إلا وسعته رحمته و من رحمة الطبيب بالعليل صاحب الأكلة إدخال الألم عليه بقطع رجله فافهم و اجعل بالك

[مؤاخذات الحق لعباده تطهير و رحمة]

فمؤاخذات الحق عباده في الدنيا الآخرة تطهير و رحمة و التنبيه أيضا على ذلك إن العقاب لا يكون إلا في الذنب و العقوبة لفظة تقتضي التأخير عن المتقدم فهي تأتي عقيبه فقد تجد العقوبة الذنب في المحل و قد لا تجده إما بأن يقلع عنه و إما أن يكون الاسم العفو و الغفور استعانا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة خاسرة و يزول عن المذنب اسم المذنب لأنه لا يسمى مذنبا إلا في حال قيام الذنب به و هو المخالفة و الغفران في نفس الذنب و ما يأتي عقيبه لأنه غير متيقن بالمؤاخذة و الانتقام عليه فلا يأتي الغفران عقيبه فلا يسمى الغفران عقابا و جزاء الخير يسمى ثوابا لثورانه و عجلته فيكون في نفس الخير المستحق له لأنه من ثاب إلى الشيء إذا ثار إليه بالعجلة و السرعة و لهذا قال سٰارِعُوا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 734
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست