responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 721

إلى إدراك هذا الوجه في كل ممكن فإذا رماه بالحصاة الثانية كما ذكرناه أخطر له السبب الذي يتوقف وجود الأركان عليه و هو الفلك فقال إن موجد هذه الأركان الفلك و صدقت فيما قتله فيرميه بالحصاة الثالثة و هي افتقار الفلك و هو الشكل إلى اللّٰه من الوجه الخاص كما ذكرنا فيصدقه في الافتقار و يقول له أنت غالط إنما كان افتقار الشكل إلى الجسم الذي لولاه ما ظهر الشكل فيرميه بالحصاة الرابعة و هو افتقار الجسم إلى اللّٰه من الوجه الخاص فيصدقه و يقول له صحيح ما قلت من الافتقار القائم و لكن إلى جوهر الهباء الذي تسميه أهل النظر الهيولى الكل الذي لم تظهر صورة الجسم إلا فيه فيرميه بالحصاة الخامسة و هو دليل افتقار الهباء إلى اللّٰه كما ذكرنا قبله فيقول بل افتقارها إلى النفس الكلية المعبر عنها في الشرع باللوح المحفوظ فيرميه بالحصاة السادسة و هو دليل افتقار النفس الكلية إلى اللّٰه من الوجه الخاص أيضا فيصدقه في الافتقار و لكن يقول له بل افتقارها إلى العقل الأول و هو القلم الأعلى الذي عنه انبعثت هذه النفس فيرميه بالحصاة السابعة و هو دليل افتقار العقل الأول إلى اللّٰه و ليس وراء اللّٰه مرمى فما يجد ما يقول له بعد اللّٰه فلذلك ما يقف عند جمرة العقبة و هي آخر الجمرات لأنه كما قلنا و ليس وراء اللّٰه مرمى

[منى موضع التمني و بلوغ الأمنية]

فهذا تحرير رمى جمرات العارفين بمنى موضع التمني و بلوغ الأمنية فإنها أيام أكل و شرب و تمتع و نعيم فهي جنة معجلة و فيه إلقاء التفث و الوسخ و إزالة الشعث من الحاج و من قوة التمني الذي سمي به منى إنه يبلغ بصاحبه الذي هو معدوم مما تمناه مبلغ من عنده ما تمناه هذا المتمني بالفعل على أتم الوجوه مثل رب المال يفعل به أنواع الخير و ينفقه في سبل البر ابتغاء فضل اللّٰه فيتمنى العديم أن لو كان له مثله ليفعل فعله فهما في الأجر سواء بل هو أتم فإنه يحصل له الأجر التام على أكمل وجوهه من غير سؤال فإن صاحب الفعل يسأل عنه من أين جمعه و هل أخلص في إخراجه و بعد هذا التعب و المشقة يحصل على أجره و المتمني يحصل على ذلك من غير سؤال و لا مشقة

[بعد رمى الجمار يحلق الحاج رأسه]

من بعد رمى الجمار يحلق رأسه أعني جمرة العقبة يوم النحر و إنما سميتها جمارا و إن كانت جمرة واحدة في ذلك اليوم فإن كل واحدة من الحصى بإضافتها إلى الأخرى تسمى جماعة فهي جمار بهذا النظر كما تقول إذا اجتمع جوهران كانا جسمين أي انطلق على كل واحد منهما باجتماعه مع الآخر جسم فهما جسمان بهذا النظر كما قال وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنٰا زَوْجَيْنِ و ما خلق من كل شيء إلا زوجا واحدا ذكرا و أنثى مثلا فسماه زوجين بهذا الاعتبار الذي ذكرناه لأن كل واحد بالنظر إلى نفسه دون أن ينضم إليه هذا الآخر لا يكون زوجا فإذا ضم إليه آخر انطلق على كل واحد منهما اسم الزوج فقيل فيها زوجان و لما اعتبر اللّٰه هذا بالذكر لذلك قلنا نحن ثم بعد رمى الجمار فسمينا جمرة العقبة جمارا إذ كانت عدة حصيات فما في كلامنا حشو لأنه لا تكرار في الوجود للاتساع الإلهي

[حلق الرأس بعد رمى جمرة العقبة أولى من تقصير الشعر]

فإذا رمى جمرة العقبة حلق رأسه و هو أولى من تقصير الشعر فإن الشعور بالأمر ما هو عين حصول العلم به على التمام من التفصيل و إنما يشعر العبد أن ثم أمرا ما فإذا حصله زال الشعور و كان علما تاما بتفصيل ما شعر به كمن يشعر بالتفصيل في المجمل قبل حصول العلم بتعيين تفصيله فإلقاء الشعور هو إزالة الشعور بوجود العلم لأن الشعر ستر على الرأس

[ثم يتطيب الحاج ليوجد منه رائحة ما انتقل إليه]

ثم يتطيب ليوجد منه رائحة ما انتقل إليه من تحليل ما كان حجر عليه كما تطيب لإحرامه حين أحرم ليوجد منه ريح ما انتقل إليه و جعله طيبا لأنه انتقال في الحالتين لخير مشروع مقرب إلى اللّٰه تعالى فإن اللّٰه طيب لا يقبل إلا طيبا لِيَمِيزَ اللّٰهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فجعل الطيب في الحالين تنبيها على طيب الأفعال

[ثم يذبح الحاج قربانه محررا روح الحيوان من سجن هيكله الطبيعي]

ثم نحر أو ذبح قربانه ينوي بذلك تسريح روح هذا الحيوان من سجن هذا الهيكل الطبيعي المظلم إلى العالم الأعلى عالم الانفساح و الخير فإن الحيوانات كلها عندنا ذات أرواح و عقول تعقل عن اللّٰه و لهذا قال فيها تعالى كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاٰتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ فسرحنا أرواح هذه الحيوانات في هذا اليوم شكر اللّٰه كما خرجنا نحن فيه من حال التحجير و هو الإحرام الذي كنا عليه إلى الإحلال و التصرف في المباحات المقربة إلى اللّٰه بحكم الاختيار ثم أكلنا منها ليكون جزء منها عندنا لنشاهد ما هو عليه من الذكر المخصوص به ذوقا و لنجعله كالمساعد لنا فيما نرومه من الحركة في طاعة اللّٰه تعالى إذ لا بد من الغذاء فكان أخذ هذا النوع من الغذاء أولى

[ثم ينزل الحاج إلى البيت ذاكرا و مصليا خلف مقام إبراهيم]

ثم نزلنا إلى البيت زائرين ربنا تعالى ليرانا محلين كما يرانا محرمين على جهة الشكر له حيث سرح أعياننا و أباح لنا التصرف فيما كان حجره علينا فقبلنا يمينه على ذلك مبايعة و تحية ثم طفنا به سبعة أشواط و صلينا خلف مقام إبراهيم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 721
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست