responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 722

[التنبيه على اتخاذ مقام إبراهيم مصلى]

و قد تقدم الكلام في المراد بالطواف و الصلاة في طواف القدوم إلا أنه ما نبهنا على اتخاذ مقام إبراهيم مصلى لننال ما ناله من الخلة على قدر ما يعطيه حالنا فإن اللّٰه أمرنا أن نتخذه مصلى و نبهنا على ما تأولناه صفة الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم

فقال لنا قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد و المؤمنون آله كما صليت على إبراهيم و ما اختص به إلا الخلة فلما دعونا بها لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أجاب اللّٰه دعاءنا فيه لنتخذ عنده يدا بذلك فصلى اللّٰه عنه علينا بذلك عشرا فقام تعالى عن نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم بالمكافاة عناية منه به عليه السلام و تشريفا لنا حيث لم تكمل المكافاة في ذلك لملك و لا غيره

فقال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم عند ذلك لما حصلت الإجابة من اللّٰه فيما دعوناه فيه لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا و لكن صاحبكم يعني نفسه خليل اللّٰه و لو صحت له هذه الخلة من قبل دعاء أمته له بذلك لكان غير مفيد صلاتنا عليه أي دعاءنا له بذلك فإن قيل قد حصلت الخلة بدعاء الصحابة أو لا فما فائدة دعائنا و نحن مأمورون في هذا الوقت بالصلاة عليه مع حصول الخلة فهكذا حكم الأول فربما نال الخلة قبل دعاء أصحابه و تكون نسبة دعائهم بها له كدعائنا اليوم قلنا حكم الخلة ما ظهر هنا و إنما يظهر ذلك في الآخرة و الحكم للمعنى لا يكون إلا بعد حصول المعنى فمتى قام المعنى بمحل وجب حكمه لذلك المحل ففي الآخرة تنال الخلة لظهور حكمها هناك و أما الذي يظهر هنا منها لوامع تبدو و تؤذن بأنه قد أهل لها و اعتنى به هذا هو الصحيح و الجواب الأول أن لكل نفس منا حظا من محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هو الصورة التي في باطنه أعني في باطن كل إنسان منه صلى اللّٰه عليه و سلم فهو في كل نفس بصورة ما يعتقد فيه كل شخص فيدعو له بالصلاة عليه المذكورة صلى اللّٰه عليه و سلم فتنال تلك الصورة المحمدية التي عنده تلك الحال المدعو بها بدعائه و الصلاة عليه فما حصلت له الخلة من هذا الوجه إلا بعد دعاء كل نفس و هكذا يجده أهل اللّٰه في كشفهم فاعلم ذلك

(واقعة) [لابن عربى في مقام إبراهيم ع]

اعلم وفقك اللّٰه بينا أنا أكتب هذا الكلام في مقام إبراهيم الخليل عليه السلام و مقامه عليه السلام قوله تعالى فيه وَ إِبْرٰاهِيمَ الَّذِي وَفّٰى لأنه وفى بما رأى من ذبح ابنه أخذتني سنة فإذا قائل من الأرواح أرواح الملإ الأعلى يقول لي عن اللّٰه تعالى ادخل مقام إبراهيم و هو أنه كان أواها حليما ثم تلا على إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَأَوّٰاهٌ حَلِيمٌ فعلمت إن اللّٰه تعالى لا بد أن يعطيني من الاقتدار ما يكون معه الحلم إذ لا حليم عن غير قدرة على من يحلم عنه و علمت إن اللّٰه تعالى لا بد أن يبتليني بكلام في عرضي من أشخاص فأعاملهم مع القدرة عليهم بالحلم عنهم و يكون أذى كثير فإنه جاء حليم ببنية المبالغة و هي فعيل ثم وصف بالأواه و هو الذي يكثر منه التأوه لما يشاهده من جلال اللّٰه و كونه ما في قوته مما ينبغي أن يعامل به ذلك الجلال الإلهي من التعظيم إذ لا طاقة للمحدث على ما يقابل به جلال اللّٰه من التكبير و التعظيم فهذا أيضا من قصدنا مقام إبراهيم لنتخذه مصلى أي موضع دعاء في صلاة أو أثر صلاة لنيل هذا المقام و الصفة التي هي نعت إبراهيم خليل اللّٰه و حاله و مقامه فنرجو إن يكون لنا نصيب من الخلة كما حصل من درجة الكمال و الختام و الرفعة السارية في الأشياء في هذه الأمة الحظ الوافر بالبشرى في ذلك

[من مقامات إبراهيم الخليل]

و من مقام إبراهيم أيضا أنه كٰانَ أُمَّةً قٰانِتاً لِلّٰهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شٰاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَبٰاهُ وَ هَدٰاهُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ مطلق الشرك المعفو عنه و المذموم فيما نسب إليه من قوله في الكوكب هٰذٰا رَبِّي و من مقام إبراهيم أيضا عليه السلام أنه أوتي الحجة على قومه بتوحيد اللّٰه و أنه شاكر لِأَنْعُمِهِ اجْتَبٰاهُ فهو مجتبى و هداه أي و فقه بما أبان له إلى صراط مستقيم و هو صراط الرب الذي ورد في قول هود إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و من مقامه عليه السلام أيضا أنه كان حنيفا مائلا في جميع أحواله من اللّٰه إلى اللّٰه عن مشاهدة و عيان و من نفسه إلى اللّٰه عن أمر اللّٰه و إيثار لجناب اللّٰه بحسب المقام الذي يقام فيه و المشهد الذي يشهده و من كل ما ينبغي أن يمال عنه عن أمر اللّٰه و من مقامه عليه السلام أيضا أنه كان مسلما منقاد إلى اللّٰه عند كل دعاء يدعوه إليه من غير توقف و الأمة معلم الخير فنرجو ما نورده من هذا العلم للناس أن يكون حظي من تعليم الخير و أن نقوم و نختص بأمر واحد من جانب اللّٰه أي من العلم به مما لا نشارك فيه نقوم فيه مقام الأمة لانفرادي به و القانت المطيع لله فأرجو إن أكون ممن أطاع اللّٰه في السر و العلانية و لا تكون الطاعة إلا عند المراسم الإلهية و الأوامر الموقوفة على الخطاب فأرجو إن أكون ممن يأمره اللّٰه في سره فيمتثل مراسمه بلا واسطة و من مقامه عليه السلام أيضا الصلاح و الصلاح

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 722
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست