responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 718

(وصل في فصل من وقف بعرنة من عرفة فإنه منها)

اختلف العلماء فيمن وقف بعرنة بعرفة فإنه من عرفة فقيل حجه نام و عليه دم و قال بعضهم لا حج له

[عرنة من عرفة موقف إبليس]

عرنة من عرفة موقف إبليس فإن إبليس يحج في كل سنة و ذلك موقفه يبكي على ما فاته من طاعة ربه و هو مجبور في الإغواء و إن كان من اختياره إبرار القسمة بربه فإنه و إن سبق له الشقاء فله شبهة يستند إليها في امتثاله أمر سيده بعد أن حقت الكلمة كلمة العذاب عليه بقوله تعالى قال اِذْهَبْ و اِسْتَفْزِزْ و أَجْلِبْ و عِدْهُمْ فإنه يجد لذلك تنفيسا و مع هذا فإنه يحزن لما يرى من المغفرة التي حصلت لأهل عرفة الشاملة لهم و هو فيها أعني بعرفة فلا بد له عند نفسه من طرف منها يناله من عين المنة الإلهية و لو بعد حين هذا ظنه بربه و أما خروجه من جهنم فلا سبيل إليه لأنه و أتباعه من المشركين الذين هم أهل النار يملأ اللّٰه بهم جهنم و لا نقص فيها بعد ملئها فلا خروج

[أمر اللّٰه الحاج أن يرتفع عن موقف إبليس]

و أمر اللّٰه الحاج أن يرتفع عن موقف إبليس فإنه موقف البعد فإبليس تحت حكم الاسم البعيد و أهل عرفة تحت حكم الاسم القريب فما برحوا من حكم الأسماء فحج من وقف بعرنة لكونه من عرفات تام إلا أنه ناقص الفضيلة كما بينا في الدفع قبل الإمام فعرنة موضع مكروه للوقوف به من أجل مشاركة الشيطان أ لا ترى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ارتفع في ذلك عن بطن الوادي الذي فاتته فيه صلاة الصبح فعلل و قال إنه و أدبه شيطان لأنه هو الذي هدأ بلالا حتى نام عن مراقبة الفجر و

قد ورد في الحديث أن الشيطان يعقد على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد الحديث فما أراد صلى اللّٰه عليه و سلم بارتفاعه عن بطن عرنة إلا البعد من مجاورة الشيطان و لو صلى في ذلك الموضع أجزأه أعني الموضع الذي أصابته فيه الفتنة ففارق الموضع مفارقة تنزيه لا مفارقة تحريم و لما كان لإبليس طرف من المعرفة لذلك لم تطرده الملائكة عن عرنة بل وقف فيها غير إن الناس انعزلوا عنه في ناحية منها لانعزال إمامهم و عرفات كلها موقف و عرنة من عرفات فأمرنا بالارتفاع عن بطن عرنة لما ذكرناه

[لا تكون الإفاضة للحاج إلا من بطن عرفة]

و من حمل هذا الأمر على الوجوب أبطل الحج و لا تكون الإفاضة للحاج إلا من بطن عرنة فإن حد المزدلفة حرف الوادي الذي هو عرنة و قال تعالى فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ و لم يخص مكانا من مكان بل الخروج عنها بالكلية إلى المزدلفة و قد علمنا إن اللّٰه يغفر لأهل الموقف من الحاج و غيرهم و رحمة اللّٰه وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فالتقييد ما هو من صفة من له الوجود المطلق فبرحمة اللّٰه يحيا و يرزق كل موجود سوى اللّٰه فالرحمة شاملة و هي في كل موطن تعطي بحسب ذلك الموطن فأثرها في النار بخلاف أثرها في الجنة و اللّٰه الموفق لا رب غيره

(وصل في فصل المزدلفة)

أجمع العلماء على أنه من بات بالمزدلفة و صلى فيها المغرب و العشاء و صلى الصبح يوم النحر و وقف بعد الصلاة إلى أن أسفر ثم دفع إلى من أن حجه تام و اختلفوا هل الوقوف بها بعد صلاة الصبح و المبيت بها من سنن الحج أو فروضه فقال جماعة هو من فروض الحج و من فاته فعليه الحج من قابل و الهدى و قال بعضهم من فاته الوقوف بها و المبيت فعليه دم و قال بعضهم إن لم يصل بها الصبح فعليه دم

[الأركان في العبادات و الصفات النفسية في الأعيان]

المزدلفة اسم قرب و العمل فيها قربة فمن فاته صفة القرب في محل القرب فما حج فإن الحج نشأة كاملة من هذه الأفعال كلها فهي له كالصفات النفسية للموصوف إذا زال واحد منها بطل كون ذلك الموصوف و هكذا كل عبادة تقوم من أشياء مختلفة بمجموعها تصح تلك العبادة و هي المعبر عنها بأركانها فتسمى في العبادة ركنا و تسمى في الذوات و الأعيان صفة نفسية غير إن النشآت و إن كانت لها صفات نفسية هي التي تحفظ على ذلك الشيء عينه لها أيضا لوازم و هي التي توجد في الحدود الرسمية و هي لا تنفك عن الموصوف بها فمن يرى أن الموصوف لا ينفك عنها كالضحك للإنسان أشبهت الصفة النفسية قال ببطلان الملزوم لعدم اللازم و من قال يصح حد الشيء الذاتي دون هذا اللازم قال لا يكون للشيء حكم البطلان مع ارتفاع اللازم في الذهن و إن لم يرتفع في الوجود

[ذكر اللّٰه عند المشعر الحرام]

و لما سماه اللّٰه المشعر الحرام لنشعر بالقبول من اللّٰه في هذه العبادة بالعناية و المغفرة و ضمان التبعات و وصفه بالحرمة لأنه في الحرم فيحرم فيه ما يحرم في الحرم كله فإنه من جملته فأمر بذكر اللّٰه فيه يعني بما ذكرناه فإن الشيء لا يذكر بأن يسمى و إنما يذكر بما يكون عليه من صفات المحمدة فإن الأسماء في أصل الوضع إنما هي أعلام للمسمى بها لا نعوت

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 718
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست