responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 717

ربعين الربع الواحد العلم بصفات التنزيه و السلوب و الربع الآخر المعرفة بصفات الأفعال و النسب فالحاصل بأيدينا ثلاثة أرباع المعرفة إلا و الربع الواحد لا نعرفه أبدا و الذي ينظر من المعرفة المناسب لما زاد على الربع من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هو بمنزلة ما جهلنا من نسبة وصف ما وصف الحق به نفسه من صفة التشبيه فلا ندري كيف ننسب إليه مع إيماننا به و إثباتنا له هذا الحكم مع جهلنا لكن على ما يعلمه اللّٰه من ذلك فهذا في مقابلة الزائد على ربع اليوم فلهذا نقص يوم عرفة عن سائر الأيام الزمانية فتحقق صحة يوم عرفة إنه من الزوال إلى طلوع الفجر من ليلة عرفة

(وصل في فصل من دفع قبل الإمام من عرفة)

اختلف علماء الإسلام فيمن وقف بعرفة بعد الزوال ثم دفع منها قبل الإمام و بعد الغيبوبة فقيل أجزأه لأنه جمع بعرفة بين الليل و النهار فإن دفع قبل الغروب قيل عليه دم و قيل لا شيء عليه و حجة تام و الذي أقول به إنه لا شيء عليه و أن حجه تام الأركان غير تام المناسك لأنه ترك الأفضل

[حكم من ترك شيئا من اتباع الرسول عند أهل طريق اللّٰه]

لا شك أنه من ترك شيئا من اتباع الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم مما لم ينفرض عليه فإنه ينقص من محبة اللّٰه إياه على قدر ما نقص من اتباع الرسول و أكذب نفسه في محبته لله لعدم إتمام الاتباع و عند أهل طريق اللّٰه لو اتبعه في جميع أموره و أخل بالاتباع في أمر واحد مما لم ينفرض عليه بل خالف سنة لاتباع في ذلك مما أبيح له الاتباع فيه أنه ما اتبعه قط و إنما اتبع هوى نفسه لا هو مع ارتفاع الأعذار الموجبة لعدم الاتباع هذا مقرر عندنا قال تعالى لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم قل يا محمد لأمتك إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي فجعل الاتباع دليلا و ما قال في شيء دون شيء يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و اللّٰه يقول لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و هو الاتباع و قال وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي في دعواكم محبتي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ و هو إني أحبكم إذا صدقتم في محبتي و جعل الدليل على صدقهم حصول محبة اللّٰه إياهم و حصول محبة اللّٰه إياهم دليل الاتباع و على قدر ما نقص ينقص و عند أهل اللّٰه هو أمر لا يقبل النقص و إن العذر لا ينقصه فإنه في حبس اللّٰه عن الاتباع في أمر ما فالحق ينوب عنه عندي

[عند ما يحاسب أبو يزيد نفسه في صدق المحبة]

حكاية قال أبو يزيد في هذا الباب كنت أظن في بري بأمي أني ما أقوم فيه لهوى نفسي بل لتعظيم الشريعة حيث أمرتني ببرها فكنت أجد في نفسي لذة عظيمة كنت أتخيل أن تلك اللذة من تعظيم الحق عندي لا من موافقة نفسي فقالت لي في ليلة باردة اسقني يا أبا يزيد ماء فثقل على التحرك لذلك فقلت و اللّٰه ما خفف على ما كانت تكلفني فعله إلا الموافقة كان في نفسي من حيث لا أشعر فأبطل عمله و ما سلم لها قال أبو يزيد فقمت بمجاهدة و جئت بالكوز إليها فوجدتها قد سارع إليها النوم و نامت فوقفت بالكوز على رأسها حتى استيقظت فناولتها الكوز و قد بقي في أذن الكوز قطعة من جلد أصبعي لشدة البرد انقرضت فتألمت الوالدة لذلك قال أبو يزيد فرجعت إلى نفسي و قلت لها حبط عملك في كونك كنت تدعين النشاط في عبادتك و الاتباع إن ذلك من محبتك اللّٰه فإنه ما كلفك و لا ندبك و أوجب عليك إلا ما هو محبوب له و كل ما يأمر به المحبوب عند المحب محبوب و مما أمرك اللّٰه به يا نفسي البر بوالدتك و الإحسان إليها و المحب يفرح و يبادر لما يحبه حبيبه و رأيتك قد تكاسلت و تثاقلت و صعب عليك أمر الوالدة حين طلبت الماء فقمت بكسل و كراهة فعلمت أنه كل ما نشطت فيه من أعمال البر و فعلته لا عن كسل و لا تثاقل بل عن فرح و التذاذ به إنما كان ذلك لهوى كان لك فيه لا لأجل اللّٰه إذ لو كان لله ما صعب عليك الإحسان لوالدتك و هو فعل يحبه اللّٰه منك و أمرك به و أنت تدعين حبه و أن حبه أورثك النشاط و اللذة في عبادته فلم يسلم لنفسه هذا القدر

[و كذلك كان القوم من أهل اللّٰه يحاسبون نفوسهم]

و كذلك غير أبي يزيد من أهل اللّٰه كان يحافظ على الصف الأول دائما منذ سبعين سنة و هو يزعم أنه يفعل ذلك رغبة فيما رغبة اللّٰه فيه موافقة لله فاتفق له عائق عن المشي إلى الصف الأول فخطر له خاطر إن الجماعة التي تصلي في الصف الأول إذا لم يروه يقولون أين فلان فبكى و قال لنفسه خدعتني منذ سبعين سنة أتخيل أني لله و أنا في هواك و ما ذا عليك إذا فقدوك فتاب و ما رؤي بعد ذلك يلزم في المسجد مكانا واحدا معينا و لا مسجدا معينا فهكذا حاسب القوم نفوسهم و من كانت حالته هذه ما يستوي مع من هو فاقد لهذه الصفة كذلك من وقف مع الإمام لأنها عبادة يشترط فيها الإمام إلى أن يدفع معه ما يستوي في الاتباع مثل من دفع قبله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 717
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست