responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 716

واحد و لا يكون ذلك يوم جمعة أصلا بل يسلب عنه ذلك الحكم لعدم صلاة الجمعة فيه و قد زال عنه اسمه الأول و هو العروبة فلا جمعة و لا عروبة فإن اعتبرت الرتبة الباطنة فقد يرجع عليه اسمه الأول و هو العروبة لا غير فتفطن لما ذكرته لك من زوال اسم الجمعة عنه لأنه ما سمي به إلا لاجتماع الناس فيه على إمام واحد كما اجتمعنا في وجودنا على إله واحد و اللّٰه الهادي انتهى الجزء الثامن و الستون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(وصل في فصل توقيت الوقوف بعرفة في يومه و ليلته)

لم تختلف العلماء

أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما وقف إلا بعد الزوال و بعد ما صلى الظهر و العصر ارتفع عن مصلاه و وقف داعيا إلى غروب الشمس فلما غربت دفع إلى المزدلفة و أجمعوا على إن من وقف بعرفة قبل الزوال أنه لا يعتد به إن فارق عرفة و أنه إن لم يرجع و يقف بعد الزوال أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج

[الزمان العربي يتقدم ليله على نهاره]

اعلم أن العرب و الزمان العربي في اصطلاحهم و ما تواطئوا عليه يتقدم ليله على نهاره جريا على الأصل فإن موجد الزمان و هو اللّٰه تعالى يقول وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهٰارَ فجعل الليل أصلا و سلخ منه النهار كما تسلخ الشاة من جلدها فكان الظهور لليل و النهار مبطون فيه كجلد الشاة ظاهر كالستر عليها حتى تسلخ منه فسلخ الشهادة من الغيب و وجودنا من العدم

[العجم يقدمون النهار على الليل]

فظهر علم العرب على العجم فإن العجم الذين حسابهم بالشمس يقدمون النهار على الليل و لهم وجه بهذه الآية و هو قوله فَإِذٰا هُمْ مُظْلِمُونَ و إذا حرف يدل على زمان الحال أو الاستقبال و لا يكون الموصوف بأنه مظلم إلا بوجود الليل في هذه الآية فكان النهار غطاء عليه ثم سلخ منه أي أزيل فإذا هم مظلمون أي ظهر الليل الذي حكمه الظلمة فإذا الناس مظلمون

[الممكن و إن كان موجودا فهو في حكم المعدوم]

الممكن و إن كان موجودا فهو في حكم المعدوم و أصدق بيت قالته العرب قول لبيد

ألا كل شيء ما خلا اللّٰه باطل
و الباطل عدم

[ظهور الحكم الأعجمى في الشرع العربي في يوم عرفة]

فظهر هذا الحكم الأعجمي في الشرع العربي في يوم عرفة فإن العرب و الشرع أخروا ليلة عرفة عن يومها كما فعلت الأعاجم أصحاب حساب الشمس فجعل الشرع العربي ليلة عرفة الليلة المتقبلة من يوم عرفة التي يكون صبيحتها يوم النحر و هو اليوم العاشر و سائر الزمان عندهم الليلة لليوم الذي يكون صبيحتها و عند الأعاجم ليلة الجمعة مثلا الذي يكون يوم السبت صبيحتها فاجتمع العرب و العجم في تأخير هذه الليلة عن يومها أعطى ذلك مقام المزدلفة المسمى جمعا فإنه جمع فيه العرب و العجم على حكم واحد فجعلوا ليلة عرفة ليوم عرفة المتقدم لكون الشارع شرع أنه من أدرك الوقوف بعرفة ليلة جمع قبل الفجر فقد أدرك الحج و الحج عرفة

[كل يوم كامل بليلته إلا يوم عرفة]

و كل يوم كامل بليلته من غروب إلى غروب عند العرب و من شروق إلى شروق عند العجم إلا يوم عرفة فإنه ثلاثة أرباع اليوم المعلوم إلا ساعة و خمسة أسداس ساعة فإنه من زوال الشمس إلى طلوع الفجر خاصة فقد نقص من زمان يوم عرفة عن اليوم المعلوم من طلوع الفجر إلى الزوال و سبب ذلك أنه لما اعتبر في عرفة إنه مقام المعرفة بالله التي أوجبها علينا فكان ينبغي أن لا نسمي عارفين بالله حتى نعلم ذاته و ما يجب لها من كونها إلها فإذا عرفناه على هذا الحد فقد عرفناه

[معرفة اللّٰه من حيث ذاته و من حيث كونه إلها]

فصارت المعرفة مقسمة نصفين النصف الواحد معرفة الذات و النصف الآخر معرفة كونه إلها فلما بحثنا بالأدلة العقلية و أصغينا إلى الأدلة الشرعية أثبتنا وجود الذات و جهلنا حقيقتها و أثبتنا الألوهة لها و هو نصف المعرفة بكمالها و الربع وجودها أعني وجود الذات المنسوبة إليها الألوهة و الربع الرابع معرفة حقيقتها فلم نصل إلى معرفة حقيقتها و لا يمكن الوصول إلى ذلك و الزائد على الربع الذي جهلناه أيضا هو جهلنا بنسبة ما نسبناه إليها من الأحكام فإنا و إن كنا نعرف النسبة من كونها نسبة فقد نجهل النسبة الخاصة لجهلنا بالمنسوب إليه فحصلت المعرفة من زوال الشمس إلى طلوع الفجر و من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس جهلنا بالنسبة و من طلوع الشمس إلى الزوال و هو ربع اليوم جهلنا بالذات فما أعطى عرفة من المعرفة بالله إلا ما أعطاه زمانه فاعلم فنقص العلم بها عن درجة العلم بكل معلوم فمن لم نعلمه بحقيقته فما علمناه فعلمنا بوجود الذات من أجل الاستناد لا بالذات و علمنا نسبة الألوهة لها لا كيفية النسبة و هو نصف المعرفة و هذا النصف يتضمن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 716
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست