responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 710

فيه في ذلك اليوم من الذلة و الصغار و البكاء لما يرى من رحمة اللّٰه و عفوه و حط خطايا الحاج من عباده

[الساعي بين الصفا و المروة هو من اللّٰه إلى اللّٰه مع اللّٰه بالله]

ثم إن السعي في هذا الموضع جمع الثلاثة الأحوال و هو الانحدار و الترقي و الاستواء و ما ثم رابع فحاز درجة الكمال في هذه العبادة أعطى ذلك الموضع و هو في كل حال منها سالك فانحداره إلى اللّٰه و صعوده إلى اللّٰه و استواءه مع اللّٰه و هو في كل ذلك بالله لأنه عن أمر اللّٰه في اللّٰه فالساعي بين الصفا و المروة من اللّٰه إلى اللّٰه مع اللّٰه بالله في اللّٰه عن أمر اللّٰه فهو في كل حال مع اللّٰه لله

[لا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية]

و الصفا و المروة صفة جمادية مناسبة للحجارة التي ظهر بترتيبها شكل البيت المخصوص فإنها بذلك الشكل أعطت اسم البيت و لو لا ذلك لم يوجد اسم البيت و قد بينا لك أن الجمادات هي أعرف بالله و أعبد لله من سائر المولدات و إنها خلقت في المعرفة لا عقل لها و لا شهوة و لا تصرف إلا إن صرفت فهي مصرفة بغيرها لا بنفسها و لا مصرف إلا اللّٰه فهي مصرفة بتصريف اللّٰه و النبات و إن خلق في المعرفة مثلها فإنه نزل عن درجتها بالنمو و طلب الرفعة عليها بنفسه حين كان من أهل التغذي و هو يعطي النمو و طلب الارتفاع و الجماد ليس كذلك ليس له العلو في الحركة الطبيعية لكن إذا رقى به إلى العلو و ترك مع طبعه طلب السفل و هو حقيقة العبودية و العلو نعت إلهي فإنه هو العلي فالحجر يهرب من مزاحمة الربوبية في العلو فيهبط من خشية اللّٰه و بهذا أخبر اللّٰه عنه فقال وَ إِنَّ مِنْهٰا لما ذكر الحجارة لَمٰا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ فجعل هبوط الطبيعي من خشية فهو منشا من الخشية لله و الشهود له ذاتي و إِنَّمٰا يَخْشَى اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ به فمن خشي فقد علم من يخشى و هذا هو مذهب سهل بن عبد اللّٰه التستري فلا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية ثم بعدها النباتية ثم بعدها الحيوانية و هي أعظم تصريف في الجهات من النبات ثم الإنسان الذي ادعى الألوهة فعلى قدر ما ارتفع عن درجة الجماد حصل له من تلك الرفعة صورة إلهية خرج بها عن أصله فالحجارة عبيد محققون ما خرجوا عن أصولهم في نشأتهم

[الأحجار محل لإظهار المياه التي هي معادن الحياة]

ثم إن اللّٰه جعل هذه الأحجار محلا لإظهار المياه التي هي أصل حياة كل حي في العالم الطبيعي و هي معادن الحياة و بالعلم يحيى الإنسان الميت بالجهل فجمعت الأحجار بالخشية و تفجر الأنهار منها بين العلم و الحياة قال تعالى وَ إِنَّ مِنَ الْحِجٰارَةِ لَمٰا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهٰارُ مع اتصافها بالقساوة و ذلك لقوتها في مقام العبودية فلا تتزلزل عن ذاتها لأنها لا تحب مفارقة موطنها لما لها فيه من العلم و الحياة اللتين هما من أشرف الصفات

[ما يناله الساعي من الصفا إلى المروة]

فنال الساعي من الصفا إلى المروة و هما الحجارة ما تعطيه حقيقة الحجارة من الخشية و الحياة و العلم بالله و الثبات في مقامهم ذلك فمن سعى و وجد مثل هذه الصفات في نفسه حال سعيه فقد سعى و حصل نتيجة سعيه فانصرف من مسعاه حي القلب بالله ذا خشية من اللّٰه عالما بقدره و بما له و لله و إن لم يكن كذلك فما سعى بين الصفا و المروة

(وصل في فصل شروطه)

اتفق العلماء أن من شرطه الطهارة من الحيض فأما الطهارة من الحدث فكلهم قالوا ليس من شرطه الطهارة من الحدث إلا الحسن

[لو لا حدث العبد ما صحت عبوديته]

فاعلم أنه لما قررنا في فصل السعي ما قررنا و في اعتباره الحجارة من حكم الصفا و المروة لذلك اتفقوا أنه لا يشترط الطهارة من الحدث في هذا النسك لأنه عبد محض فيها و لم تصح له هذه العبودة إلا بحدثه فلو لا حدثه ما صحت عبوديته فإذا تطهر من حدثه خرج عن حقيقته و ادعى المشاركة في الربوبية بقدر ما خرج فإن كان طهرا عاما كالغسل كان أبعد له من حقيقته و إن كان طهرا خاصا كالوضوء فهو أقرب و الأخذ بالمناسب أتم في الحقائق

[لا بد لكل موجود حي من نسبة فعل إليه]

و أما من يرى الطهارة في هذا النسك فإنه يقول لا بد لكل موجود حي من نسبة فعل إليه على أي وجه كان و لا أكثر محدث بقي على أصله أتم من الحجارة و مع هذا فإن اللّٰه وصفها بالخشية و هو فعل نسب إليها أي قيل إنها تخشى فينبغي أن تتطهر من هذه النسبة لا من الخشية لتكون الخشية من اللّٰه فيها و كذلك التشقق نسب إليها لخروج المياه فلا بد من التطهير من هذه النسب و لهذا نزع الحسن إلى اشتراط الطهارة في هذا الشك و هو حسن مثل اسمه أي هو مذهب حسن

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كره أن يذكر اللّٰه إلا على طهر أو قال طهارة و لا بد فيه من ذكر اللّٰه فالقول بالطهارة أولى و الحسن عندنا من أئمة طريق اللّٰه جل جلاله و من أهل الأسرار و الإشارات

(وصل في فصل ترتيبه)

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 710
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست