responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 711

اتفق العلماء أن السعي ما يكون إلا بعد الطواف بالبيت و أنه من سعى قبل الطواف يرجع فيطوف و إن خرج عن مكة فإن جهل ذلك حتى أصاب النساء في العمرة أو في الحج كان عليه حج قابل و الهدى أو عمرة أخرى و قال بعضهم لا شيء عليه و قال بعضهم إن خرج عن مكة فليس عليه أن يعود و عليه دم و به أقول

[عبودية الاضطرار و الوفاء بمقامها]

اعلم أن اللّٰه لما دعانا ما دعانا إلا أن نقصد البيت فلا ينبغي أن نبدأ إذا وصلنا إليه بغير ما دعانا إليه و لا نفعل شيئا حتى نطوف به فإذا قصدناه بالصفة التي أمرنا بها حينئذ تصرفنا بعد ذلك على حد ما رسم لنا في سائر المناسك إن كنا عبيد اضطرار و وفينا بمقامنا من العبودية و هكذا فعل المشرع صلى اللّٰه عليه و سلم الذي

قال لنا خذوا عني مناسككم و قال اللّٰه لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و قال إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و

قال من رغب عن سنتي فليس مني فأبان بفعله صلى اللّٰه عليه و سلم عن مراد اللّٰه منا في هذه العبادة هذا هو التحقيق

[الإدلال خروج عن الإذلال]

فإن اتسع العبد إدلالا بالدال اليابسة و هو عندنا خروج عن الإذلال بالذال المعجمة من الذلة لما خلقه اللّٰه على الصورة و هي تقتضي العزة أراد أن يكون له في الفعل اختيار و بهذه الإرادة كلف ليصح ظهوره بالصورة إذا اختار لأنه علم أنه لا بد لها من الحكم في موطن ما فقدم السعي و قال و إن دعانا إلى بيته فلا بد من الوصول إليه و الطواف به فإنه ما حجر علينا أن لا نمر بغير البيت في طريقنا فلو حجر وقفنا عند تحجيره فدل سكوته على ذلك أنه خيرنا إذ لا بد من الطواف بالبيت لأنه أمرنا بذلك فقال وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فجعلنا الحكم في تقديم السعي لمكان خلقنا على الصورة ليكون لها حكم الاختيار و الاختبار و وفاء بمقامها و مراعاة له فإنه يقول عن نفسه وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ و نحن على الصورة فلا بد من هذه الحقيقة أن يكون لها أثر و مع هذا فالأولى أن نصرف اختيار الصورة منه في غير هذا الموطن لما تقدم من بيان الشارع الذي هو العبد المحقق محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فلم يقدم السعي على الطواف و لا المروة على الصفا في السعي و قال اللّٰه لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كٰانَ يَرْجُوا اللّٰهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ ... وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فلم يذم أدبا معنا لنتعلم بل نزه نفسه بالغنى عما دعاهم إليه و أنهم إن أجابوا لذلك فإن الخير الذي فيه عليهم يرجع و اللّٰه غني عنه و بهذا وجد رخصة من قدم السعي ثم أتبعه بالحميد أي هو أهل الثناء بالمحامد في الأولى و الآخرة فله الحمد على كل حال سواء تحركت يا هذا بالصورة فاخترت لما تعطيه قوة الصورة أو تحركت عبدا مضطرا فإن الحمد لله في كل ذلك يقول اللّٰه بالحال لو لا صورتي ما اخترت و لم تكن مختارا فصورتي هي التي كانت لها الخيرة لا لك إقامة عذر للعبد و هذا من كرم اللّٰه فلا حرج فلهذا لم يعلق به الذم و لا تعرض لذكره في عدم الاقتداء و التأسي برسوله صلى اللّٰه عليه و سلم فإنه ما حجر كما قلنا و هذا تنبيه من اللّٰه غريب في الموقع حيث لم يذم و لا حمد بل جعله مسكوتا عنه

(وصل في فصل ما يفعله الحاج في يوم التروية إذا كان طريقة على منى)

يوم التروية هو يوم الخروج إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة و المبيت فيه و يصلي به الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الفجر من اليوم التاسع الذي هو يوم عرفة تأسيا برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و أجمع العلماء على أن ذلك ليس بشرط في صحة الحج فإذا أصبح يوم عرفة غدا إلى عرفة و وقف بها

[الحاج بين علم الحرم و معرفة الحل]

لما وصل الحاج إلى البيت و نال من العلم بالله ما نال و نال في المبايعة و المصافحة ليمين اللّٰه تعالى ما يجده أهل اللّٰه في ذلك و حصل من المعارف الإلهية و طوافه بالبيت و سعيه و صلاته بمنى أراد اللّٰه أن يميز له ما بين العلم الذي حصل له في الموضع المحرم و بين المعرفة الإلهية التي يعطيه اللّٰه في الحل و هو عرفة فإن معرفة الحل تعطي رفع التحجير عن العبد و هو في حال إحرامه محجور عليه لأنه محرم بالحج فيجمع في عرفة بين معرفته بالله من حيث ما هو محرم و بين معرفة اللّٰه من حيث ما هو في الحل لأن معرفة اللّٰه في الحرم و هو محرم معرفة مناسبة النظير فإنه بالإحرام محجور عليه و بالحرم محجور عليه و هذا خلاف حكم عرفة فإنه محرم في حل فهو في عرفة أبعد مناسبة و أشد مشقة لأنه تقابل ضد و تمييز فإنه لم يحرم الحل بإحرام الحاج و لم يحل الحاج من إحرام بإحلال الموضع فلم يؤثر أحدهما في الآخر فتميز العبد بالحجر لبقائه على إحرامه ليس فيه من الحق المختار شيء و تميز الحق بالحل أنه غير محجور عليه فهو يفعل ما يريد لما يتوهمه الوهم بدليل العقل أن الحق يحكم على الفعل منه علمه به فما يبدل و هذا نقيض

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 711
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست