responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 709

البدن بالنفخ الإلهي لأن الرجوع لا يكون إلا لحال خرج منه و إلا فما هو رجوع فإنه ما قال لها أقبلي و إنما قال لها ارجعي و لا يكون الأمر إلا كذلك فرجعوها كمالها

[السعي في الإفاضة من عرفات يكون بالسكينة و الوقار]

لما قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلاٰةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ فوجب السعي لنداء الحق بالواسطة فكيف و قد نادى الحق عباده في كتابه المنزل علينا فقال وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ فوجب السعي غير أن الشريعة التي شرع اللّٰه في السعي إلى الجمعة أن يكون بالسكينة و الوقار كالسعي في الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة بالسكينة

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان يقول للناس لما رآهم أسرعوا في الإفاضة من عرفات التي هي موقف حصول المعرفة بالله فلما أفاضوا عن أمره إلى المزدلفة و هو مقام القربة و الاجتماع بالمعروف فيها و هو تجل خاص منه لقلوب عباده و لهذا سميت جمعا و مزدلفة من الزلفى و هو القرب فقال لهم رسول اللّٰه السكينة السكينة كما

قال في السعي إلى الجمعة لا تأتوها و أنتم تسعون أي مسرعون في السعي و ائتوها و عليكم السكينة في سعيكم و الوقار فاجتمعت الجمعة و جمع في هذه الحقيقة الجمعية به تعالى في المقامين و قوله و الوقار سعى في سكون و تهد مشي المثقل لأنه من الوقر و هو الثقل فإن المعرفة بالله تعطي ذلك فإنه من عرفه شاهده و من شاهده لم يغب فإذا دعاه من مقام إلى مقام فهو لا يسرع إلا من أجله و هو مشاهد له فإنه به يسعى فيمشي على ترسل مشي المثقل فهذا معنى الوقار فإنه لا يكون السكون في الأشياء إلا عن هيبة و تعظيم لا عن إعياء و تعب فإن السعي بالله لا تعب فيه و لا نصب

(وصل في فصل صفة السعي)

قال جمهور علماء الشريعة إن من سنة السعي بين الصفا و المروة أن يدعو إذا رقى في الصفا مستقبل البيت ثم ينحدر فإذا وصل إلى الميل الأخضر و هو بطن الوادي رمل إلى أن يصل إلى الميل الثاني الأخضر و ذلك كان حد الصعود إلى المروة و حد سعة الوادي و إنما اليوم قد ارتدم بما جاءت به السيول و لهذا جعل من جعل الميلين علامة لبطن الوادي ليكون حد الرمل المشروع في السعي ثم يسعى من غير إسراع إذا جاز الميل الثاني على صورة ما انحدر من الصفا فإذا وصل إلى المروة فعل في المروة مثل ما فعل في الصفا ثم رجع يطلب الصفا من المروة فيكون حاله مثل الحال الأول في الرمل و الهدو حتى يكمل سبع مرات

[بدء السعي بالصفا لأن اللّٰه تهمم بها في الذكر]

و إنما يبدأ بالصفا لأن اللّٰه تهمم بها في الذكر فبدأ بها و

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ابدأ بما بدأ اللّٰه به فبدأ بالصفا و اقترأ الآية : ثم دعا بعدها و ختم بالمروة لما كان الأول نظير الآخر و كان حكمهما على السواء ختم بها لأن بها تكمل السبعة لأن الشيء المقابل هو من مقابله على خط السواء كما

قال صلى اللّٰه عليه و سلم لا تستقبلوا القبلة و لا تستدبروها لأن استقبال الشيء و استدباره على خط واحد و كذلك لما سكت إبليس في إتيانه العبد للاغواء عن الفوقية سكت عن التحت لأنه على خط استواء مع الفوق لأنه لعنه اللّٰه رأى نزول الأنوار على العبد من فوقه فخاف من الاحتراق فلم يتعرض في إتيانه إلى الفوق و رأى التحت على خط استواء من الفوق و إن ذلك النور يتصل بالتحت للاستواء لم يأت من التحت و العلة واحدة و قال عطاء إن جهل فبدأ بالمروة أجزأ عنه و قال بعضهم إن بدأ بالمروة الغي ذلك الشوط و قد ذكرنا في حديث جابر المتقدم ما يدعو به إذا رقى على الصفا و المروة من فعله صلى اللّٰه عليه و سلم

[اعتبار إساف و نائلة]

كان على الصفا إساف و على المروة نائلة فلا يغفلها الساعي بين الصفا و المروة فعند ما يرقى في الصفا يعتبر اسمه من الأسف و هو حزنه على ما فاته من تضييع حقوق اللّٰه تعالى عليه و لهذا يستقبل البيت بالدعاء و الذكر ليذكره ذلك فيظهر عليه الحزن فإذا وصل إلى المروة و هو موضع نائلة يأخذه من النيل و هو العطية فيحصل نائلة الأسف أي أجره و يفعل ذلك في السبعة الأشواط لأن اللّٰه امتن عليه بسبع صفات ليتصرف بها و يصرفها في أداء حقوق اللّٰه لا يضيع منها شيئا فيأسف على ذلك فيجعل اللّٰه له أجره في اعتبار نائلة بالمروة إلى أن يفرغ

[بطون الأودية مساكن الشياطين]

ثم إنه يرمل بين الميلين و هو بطن الوادي و بطون الأودية مساكن الشياطين و لهذا تكره الصلاة فيها و

قد ورد عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما نام في بطن الوادي عن وقت صلاة الصبح قال ارتفعوا فإنه واد به شيطان فإن فيه إصابتهم الفتنة فيرمل في بطن الوادي ليخلص معجلا من الصفة الشيطانية و التخلص من صحبته فيها إذ كانت مقرة كما يفعل في بطن محسر بمنى يسرع في الخروج منه لأنه واد من أودية النار التي خلق الشيطان منها و كذلك الإسراع في بطن عرنة و هو وادي عرفة و هو موضع وقوف إبليس يوم عرفة بما وصفه اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 709
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست