responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 662

الذي اعتكف فيه و الخارجة عنه التي يخرجه فعلها عن مكانه فإن اللّٰه يقول وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ و إذا كانت الإقامة بنفسك لله فقد عينت مكانا لها فلتلزمها به حتى يتجلى لك في غير ما ألزمتها به فافهم

(وصل في فصل المكان الذي يعتكف فيه)

فمن قائل لا يجوز الاعتكاف إلا في الثلاثة المساجد التي تشهد الرجال إليها و من قائل الاعتكاف عام في كل مسجد و من قائل لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الجمعة و من قائل تعتكف المرأة في مسجد بيتها و من قائل يجوز الاعتكاف حيث شاء إلا أنه إن اعتكف في غير مسجد جاز له مباشرة النساء و إن اعتكف في مسجد فليس له مباشرة النساء و به أقول إلا أني أزيد أنه إن نوى الاعتكاف في أيام تقام فيها الجمعة فلا يعتكف إلا في مكان يمكن له مع الإقامة فيه أن يقيم الجمعة سواء كان في المسجد أو في مكان قريب من المسجد يجوز له إقامة الجمعة فيه

[المساجد بيوت اللّٰه مضافة إليه]

اعلم أن المساجد بيوت اللّٰه مضافة إليه فمن استلزم الإقامة فيها فلا ينبغي له أن يصرف وجهه لغير رب البيت فإنه سوء أدب فإنه لا فائدة للاختصاص بإضافتها إلى اللّٰه إلا أن لا يخالطها شيء من حظوظ الطبع و من أقام مع اللّٰه في غير البيت الذي أضافه إلى نفسه جاز له مباشرة أهله إلا في حال صومه في اعتكافه إن كان صائما

[مباشرة المرأة هو رجوع العقل من حال العقل إلى مشاهدة النفس]

و مباشرة المرأة رجوع العقل من حال العقل عن اللّٰه إلى مشاهدة النفس سواء جعلها دليلا أو غير دليل فإن جعلها دليلا فالدليل و المدلول لا يجتمعان فلا تصح الإقامة مع اللّٰه و ملابسة النفس و أعلى الرجوع إلى النفس و ملابستها أن يلابسها دليل و أما إن لم يلابسها دليل فلم يبق إلا شهود الطبع فلا ينبغي للمعتكف أن يباشر النساء في مسجد كان أو في غير مسجد

[سريان الحق في جميع الموجودات]

و من كان مشهده سريان الحق في جميع الموجودات و أنه الظاهر في مظاهر الأعيان و أن باقتداره و استعداداتها كان الوجود في الأعيان رأى أن ذلك نكاح و أجاز مباشرة المعتكف المرأة إذا لم يكن في مسجد فإن هذا المشهد لا يصح فيه إن يكون للمسجد عين موجودة فإنه لا يرى في الأعيان من هذه حالته إلا اللّٰه فلا مسجد أي لا موضع تواضع و لا تطأطؤ فافهم

(وصل في فصل قضاء الاعتكاف)

ذكر مسلم عن أبي بن كعب إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاما فلم يعتكف فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة

[الإقامة على الدوام مع اللّٰه هو طريق أهل اللّٰه]

الإقامة مع اللّٰه على الدوام هو طريق أهل اللّٰه و لها الثناء العام و لذلك صاحبها الحمد لله على كل حال و هو ذكر الضراء و هو الذكر الأعم الأتم فإنه إذا حمده العبد على الضراء فكيف يكون مع السراء فإن السراء من جملة أحوال العبد و قد دخل تحت عموم قوله كل حال و هو الطرفان و ما بينهما و حمد السراء مقيد

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان يقول في السراء الحمد لله المنعم المفضل فيقيده و هذا هو حمد أيضا أعم من الأول و إن ظهر فيه التقييد و لكن لا يفطن له كل أحد فإن من نعم اللّٰه على عبده و إنعامه أن و فقه أن يقول عند الضراء الحمد لله على كل حال فهذا من اسمه المنعم المفضل عليه بهذا القول

[رؤية اللّٰه مع كل شيء و بعد كل شيء]

فإذا اتفق أن ينقل اللّٰه من له صفة الإقامة معه على كل حال إلى من يرى اللّٰه بعد كل شيء فتزيله هذه الحال عن الإقامة مع اللّٰه دائما فيكون بمنزلة المسافر الذي يناقض الاعتكاف فيجب عليه القضاء إذا رجع إلى حاله الأول و صورة قضائه الإقامة مع اللّٰه الثابت بالدليل الشرعي فإنها أيام أخر و هي العشر الوسط بين العشرين الآخر و الأول كذلك هي النعوت التي جاءت بها الشريعة من صفات التشبيه بين الحس و العقل و هي حضرة الخيال ففي هذه الحضرة يقضي الاعتكاف و في العشر الآخر المتصلة به يعتكف على عادته بصفات التنزيه عقلا و شرعا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

(وصل في فصل تعيين الوقت الذي يدخل فيه الذي يريد الاعتكاف إلى المكان الذي يقيم فيه)

خرج مسلم في صحيحه عن عائشة رضي اللّٰه عنها كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه

[الاعتكاف العام المطلق و الاعتكاف الخاص المقيد]

اعلم أن المعتكف و هو المقيم مع اللّٰه على جهة القربة دائما لا يصح له ذلك إلا بوجه خاص و هو أن يشهده في كل شيء هذا هو الاعتكاف العام المطلق و ثم اعتكاف آخر مقيد يعتكف فيه العبد مع اسم ما إلهي يتجلى له ذلك الاسم بسلطانه فيدعوه إلى الإقامة معه

[الأمر الإلهي دورى فلا يتناهى في الأشياء]

و اعتبار مكان الاعتكاف في المعاني هو المكانة و ما ثم اسم إلهي إلا و هو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست