responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 663

بين اسمين إلهيين فإن الأمر الإلهي دوري و لهذا لا يتناهى أمر اللّٰه في الأشياء فإن الدائرة لا أول لها و لا آخر إلا بحكم الفرض و لهذا خرج العالم مستديرا على صورة الأمر الذي هو عليه في نفسه حتى في الأشكال فأول شكل قبل الجسم الكل الشكل المستدير و هو الفلك و لما كانت الأشياء الكائنة من اللّٰه عند حركات هذه الأفلاك بما قدره العزيز العليم أعطت الحكمة أن تكون على صورته في الشكل أو ما يقاربها فما من حيوان و لا شجرة و لا ورقة و لا حجر و لا جسم إلا و فيه ميل إلى الاستدارة و لا بد منها لكنها تدق في أشياء و تظهر بينة في أشياء و اجعل بالك في كل ما خلق اللّٰه تعالى من جبل و شجر و جسم تر فيه انعطافا إلى الاستدارة و لذلك كان الشكل الكري أفضل الأشكال

[الدخول في الاعتكاف وقت ظهور علامة التجلي الأعظم]

و لما كان التجلي الأعظم العام يشبه طلوع الشمس و مع التجلي الشمس يكون الاعتكاف العام قيل للمعتكف بترجمان اسم ما إلهي ادخل في اعتكافك في وقت ظهور علامة التجلي الأعظم و هو طلوع الفجر و بعد صلاة الصبح ليقرب عليك الفتح و لا يقيدك هذا الاسم الإلهي الذي أقمت معه أو تريد الإقامة معه عن التجلي الأعظم الذي هو بمنزلة طلوع الشمس فتجمع في اعتكافك بين التقييد و الإطلاق فإنه لو دخل المعتكف أول الليل بعدت عليه المسافة الزمانية و طال المدى فربما نسي ما هو الأمر عليه فإن الإنسان مجبول على النسيان

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فنسي آدم فنسيت ذريته و جحد آدم فجحدت ذريته و هذا الحديث بشرى من النبي صلى اللّٰه عليه و سلم للناس كافة فإن آدم رحمه اللّٰه فرحمت ذريته كانوا حيثما كانوا جعل لهم رحمة تخصهم بأي دار أنزلهم اللّٰه تعالى فإن الأمر إضافي و إن الأصول تحكم على الفروع

[النفوس الإنسانية متولدة عن الأجسام العنصرية]

و هذا يدلك على إن هذه النفوس الإنسانية نتيجة عن هذه الأجسام العنصرية و متولدة عنها فإنها ما ظهرت إلا بعد تسوية هذه الأجسام و اعتدال أخلاطها فهي للنفوس المنفوخة فيها من الروح المضاف إليه تعالى كالأماكن التي تطرح الشمس شعاعاتها عليها فتختلف آثارها باختلاف القوابل أين ضوء نور الشمس في الأجسام الكثيفة منه في الأجسام الصقيلة فلهذا تفاضلت النفوس لتفاضل الأمزجة فترى نفسا سريعة القبول للفضائل و العلوم و نفسا أخرى في الضد منها و بينهما متوسطات فهكذا هو الأمر إن فهمت قال تعالى فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ يعني جسم الإنسان وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و لهذا قلنا إن النسيان في الإنسان أمر طبيعي يقتضيه المزاج كما إن التذكر أمر طبيعي أيضا في هذا المزاج الخاص و كذلك جميع القوي التي تنسب إلى الإنسان أ لا تراه يقل فعل هذه القوي في أشخاص و يكثر في أشخاص

[وقت دخول المعتكف مكان اعتكافه]

فنبه الشارع بدخول المعتكف مكان اعتكافه بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس

(وصل في فصل إقامة المعتكف مع اللّٰه ما هي)

[لا يقام مع اللّٰه إلا بالقلب]

اعلم أن الإقامة مع اللّٰه إنما هو أمر معنوي لا أمر حسي فلا يقام مع اللّٰه إلا بالقلب كما لا يتوجه في الصلاة إلى اللّٰه إلا بالقلب و كما تتوجه بوجهك إلى المسماة قبلة و هي الكعبة كذلك يقام بالحس مع أفعال البر و قد يكون من أفعال البر ملاحظة النفس ليؤدي إليها حقها المشروع لها فإن لنفسك عليك حقا و قد يؤثر نفسه على غيرها بإيصال الخير إليها و هو الذي شرعه اللّٰه لنا و ما لنا طريق إلى اللّٰه إلا ما شرعه و لهذا يكلف الإنسان نفسه بعض مصالحها ليعود خير ذلك إليها كخروج المعتكف إلى حاجة الإنسان و إقباله على ما كان من نسائه و أهله ليصلح بعض شأنه في حال إقامته و اعتكافه

[الحكم للأغلب]

ذكر مسلم عن عائشة أنها قالت كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا اعتكف يدني إلى رأسه فارجله و كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان و

قال النسائي عنها قالت كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يأتيني و هو معتكف في المسجد فيتكئ على باب حجرتي فاغسل رأسه و أنا في حجرتي و سائره في المسجد و في هذا دليل لمن يقول بالحكم للأغلب فإنه ما أخرجه كون رأسه في غير المسجد عن الاعتكاف لأن الأكثر منه في المسجد فراعى حكم الأكثر في الجرمية

(وصل في فصل ما يكون عليه المعتكف في نهاره)

ذكر أبو أحمد من حديث عبد اللّٰه بن بديل بن ورقاء المكي عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن عمر أنه نذر أن يعتكف في المسجد الحرام فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم اعتكف و صم

(اعتباره)

أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من أراد الإقامة مع اللّٰه أن يقيم معه بصفة هي لله و هي الصوم ليكون مع اللّٰه بالله لله فلا يرى منه شيء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 663
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست