responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 661

إلهي فكانت في الثلث الأوسط و الآخر من الشهر و لم تكن في الثلث الأول فإن الأول أنت و لا بد فالأولية لك في معرفتك ربك و أنت و هو لا تجتمعان كما إن الدليل و المدلول لا يجتمعان فمن عرف نفسه عرف ربه فقدمك فإنك الدليل فالأولية لك في المعرفة النظرية و الكشفية فإن معرفة الكشف لا تكون إلا بعد رياضة و مجاهدة فلا بد من تقدمك نظرا و كشفا كما إن علمه بك إنما هو من علمه به فلو لم يتصف بأنه عالم بنفسه ما علمك فتفطن في علم اللّٰه بك من أين هو فإنها مسألة دقيقة جدا ذكرناها في كتابنا الموسوم بعقلة المستوفز و في هذا الكتاب

(وصل في فصل في التماسها في الجماعة بالقيام في شهر رمضان)

خرج أبو داود عن مسلم بن خالد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و إذ أناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال من هؤلاء فقيل هؤلاء ناس ليس معهم قرآن و أبي بن كعب يصلي بهم و هم يصلون بصلاته فقال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أصابوا و نعم ما صنعوا

[الجماعة في ليلة القدر أحق من غيرها لأنها ليلة جمع]

فالجمعية فيها أحق للمناسبة فإن قدرها أعظم من ألف شهر لياليه و أيامه فلها مقام هذا الجمع و أنزل اللّٰه فيها القرآن قرآنا أي مجموعا و أنزله بنون الجمع و العظمة فجمع في إنزاله فيها جميع الأسماء بقوله إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و فيها تَنَزَّلُ الْمَلاٰئِكَةُ ما نزل فيها واحد وَ الرُّوحُ القائم فيهم مقام أبي في الجماعة التي يصلي بهم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ و كل يقتضي جميع الأمور التي يريد الحق تنفيذها في خلقه و حَتّٰى مَطْلَعِ الْفَجْرِ نهاية غاية فإنها تتضمن حرف إلى التي للغاية و لا تكون نهاية إلا عن ابتداء فكان جمعا فهذه الليلة ليلة جمع فلذلك قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أصابوا و نعم ما صنعوا يغبطهم لما ذكرناه

[الباعث على التماس ليلة القدر]

و الباعث لالتماسها أمور تقتضيها و هي البواعث على التماسها و هو عظم قدرها و عظم من أنزلها و حقارة من التمسها عند نفسه بالتماسها فإنه شاهد بالتماس لهذا الخير العظيم القدر على نفسه بافتقار عظيم يقابله لأن العبد كلما أراد أن يتحقق بعبودية حقر قدره إلى أن يلحق نفسه بالعدم الذي هو أصله و لا أحقر من العدم فلا أحقر من نفس المخلوق فسمي أيضا ليلة القدر لمعرفة أهل الحضور فيها بأقدارهم أعني بحقارتها مع أن الخير الذي ينالونه شر كالملتمسين في الإمكان و الافتقار و أفقر الموجودات من افتقر إلى مفتقر فلا أفقر من الإنسان فإنه لا أعرف بالله منه لجمعيته و عقله و معرفته بنفسه

(وصل في فصل إلحاقها من قامها برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في المغفرة)

قال اللّٰه تعالى يخاطب محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ و

ذكر مسلم و النسائي من حديث أبي هريرة أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال من قام ليلة القدر و في مسلم فيوافقها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر يقول يستر عنه ذنبه حتى لا يخجل و إن كان ممن قيل له افعل ما شئت فقد غفرت لك كما ورد في الصحيح

[من قام ليلة القدر فوافقها ستر عنه خطاب التحريم]

فيكون قد ستر عنه خطاب التحريم و أبيح له شرعا فما تصرف إلا في مباح ف‌ إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ فلو لا عظم قدرها ما ألحقها اللّٰه بصفة العلم الذي هو أشرف الصفات و لهذا أمر تعالى نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم بطلب الزيادة منه و معنى قولي ألحقها اللّٰه لما

ورد في الصحيح أن العبد إذا أذنب ذنبا فعلم إن له ربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب يقول اللّٰه له في الثالثة افعل ما شئت فقد غفرت لك و ما ثم سبب موجب لإباحة ما حرم عليه فعله إلا العلم فلحق فضل ليلة القدر بمرتبة العلم فيما ذكرناه و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم من حرم خيرها فقد حرم ذكره النسائي و أي خير أعظم من رفع التحجير فذلك جنة معجلة

(وصل في فصل الاعتكاف)

[الاعتكاف لغة و شرعا و اعتبارا]

الاعتكاف الإقامة بمكان مخصوص و في الشرع على عمل مخصوص بحال مخصوص على نية القربة إلى اللّٰه جل جلاله و هو مندوب إليه شرعا واجب بالنذر و في الاعتبار الإقامة مع اللّٰه على ما ينبغي لله إيثار الجناب اللّٰه فإن أقام بالله فهو أتم من أن يقيم بنفسه

[العمل الذي يخص الاعتكاف]

فأما العمل الذي يخصه فمن قائل إنه الصلاة و ذكر اللّٰه و قراءة القرآن لا غير ذلك من أعمال البر و القرب و من قائل جميع أعمال البر المختصة بالآخرة و الذي أذهب إليه أن له أن يفعل جميع أفعال البر التي لا تخرجه عن الإقامة بالموضع الذي أقام فيه فإن خرج فليس بمعتكف و لا يثبت فيه عندي الاشتراط و قد ثبت عن عائشة أن السنة للمعتكف أن لا يشهد جنازة و لا يعود مريضا

[الإقامة مع اللّٰه بالله و الإقامة بنفسك له]

فاعلم إن الإقامة مع اللّٰه إذا كانت بالله فله التصرف في جميع أعمال البر المختصة بمكانه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 661
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست