responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 642

أيام البيض ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة فهذا ظهور حق في خلق و هو ظهور الشمس لا عينا في القمر ليالي إبداره و هي الليالي البيض و أيامها تسمى الأيام البيض لأن الليل من أوله إلى آخره لا يزال فيها منورا فجعل لياليها أياما لإزالة ظلمة الليل و طلوع الشمس بوساطة القمر مكملا فجعلها شهادة و كانت غيبا يستتر فيها كل شيء فصار يظهر فيها كل ما كان مستورا بظلمة الليل فالنهار و إن كان ولد الليل فهو من أعدائه لأنه ينفره أبدا قال تعالى إِنَّ مِنْ أَزْوٰاجِكُمْ وَ أَوْلاٰدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ

يا حذرى من حذرى لو كان يغني حذرى
فالنهار ولد عاق لا يزال يطرد أباه و يهججه ليلا و نهارا على قدر ما يقدر عليه

[ظهور الشمس في مرآة القمر ظهور حق في خلق]

فظهور الشمس في مرآة القمر ظهور حق في خلق لأن النور اسم من أسماء اللّٰه تعالى فظهر باسمه النور في ظهور القمر قال تعالى وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً فهو مجلى لنور الشمس وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِرٰاجاً فإن النور الحق هو سبحانه فإنه الممد بالنورية لكل منور و السراج نور ممدود بالدهن الذي يعطيه بقاء الإضاءة عليه و لهذا جعل الشمس سراجا

[النبي سراج منير في دعائه إلى اللّٰه عباده]

و كذلك جعل نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم سراجا منيرا لأنه يمده بنور الوحي الإلهي في دعائه إلى اللّٰه عباده و من شرط من يدعي الإجابة إلى ذلك و جعله بإلى في قوله إلى اللّٰه و هو حرف غاية و هو انتهاء المطلوب فتضمنت حرف إلى أن المدعو لا بد أن يكون له سعى من نفسه إلى اللّٰه فإن مشى في الظلمة فإنه لا يبصر مواقع الهلكة في الطريق فتحول بينه و بين الوصول إلى اللّٰه الذي دعاه إليه بحفرة يقع فيها و بئر يتردى فيها أو شجرة أو حائط يضرب في وجهه فيصرفه عن مطلوبه أو الطريق الموصلة إليه يضل عنها لعدم التمييز في الطرق فإن هذه كلها كالشبه المضلة للإنسان في نظره إذا أراد القرب من اللّٰه بالعلم من حيث عقله و افتقر إلى نور يكشف به ما يصده عن مطلوبه و يحرمه الوصول إليه لما دعاه فجعل الحق شرعه سراجا منيرا يتبين لذلك المدعو بالسراج الطريق الموصلة إلى من دعاه إليه فقال تعالى يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّٰا أَرْسَلْنٰاكَ شٰاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ دٰاعِياً إِلَى اللّٰهِ بِإِذْنِهِ أي بأمره لم يكن ذلك من نفسك و لا من عقلك و نظرك وَ سِرٰاجاً مُنِيراً أي يظهر به للمدعو ما يمنعه من الوصول فيجتنبه على بصيرة كما قال أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي فجعل لنا سهما مما وصفه به الحق من صفة السراج المنير فهو نور ممدود بإمداد إلهي لا بإمداد عقلي

[أمر الشارع بتنزيه الزمان من حيث هو الدهر]

ثم إن الحق سبحانه لما كان من أسمائه تعالى الدهر كما

ورد في الصحيح لا تسبوا الدهر فإن اللّٰه هو الدهر فأمر بتنزيه الزمان من حيث ما سمي دهر الكون الدهر اسما من أسماء اللّٰه تعالى فصار لفظ الدهر من الألفاظ المشتركة كما ننزه الحروف أعني حروف المعجم من حيث إنها كتب بها كلام اللّٰه تعالى و عظمناها فقال فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و نهانا أن نسافر بالمصحف إلى أرض العدو و ما سمع السامع إلا أصواتا و حروفا فلما جعلها كلامه أوجب علينا تنزيهها و تقديسها و تعظيمها

[صيام الأيام البيض صيام الدهر]

فقال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم مخبرا لنا أن صيام الأيام البيض صيام الدهر من باب الإشارة ما هو صيامكم فأضاف الصوم إلى الدهر و هو

قوله تعالى الصوم لي و لما جعله صيام الدهر و أنت الصائم في هذه الأيام كان الدهر كمثل الشمس في ظهورها في القمر و كان القمر كالإنسان الصائم و كان نور القمر كالصوم المضاف إلى الإنسان إذا كان هو محل و هو مجلى الدهر تعالى فهو صوم حق في صورة خلق كما

قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فالقائل اللّٰه و السماع متعلق بلفظ العبد فهو نطق إلهي في خلق فهو قول اللّٰه في هذه الحال لا قول العبد فالسمع على الحقيقة إنما تعلق بكلام اللّٰه على لسان العبد الذي هو مجرى الحروف المقطعة

[صوم الأيام الغرر و صوم الأيام البيض]

فينبغي لنا صح نفسه أن يصوم الغرر من أول كل شهر على نية ما ذكرناه لك من الاعتبار و يصوم الأيام البيض على هذا الاعتبار الآخر و هو صوم النيابة عن الحق فلك جزاء الحق لا الجزاء الذي يليق بك و كل شيء له فما ثم من يقوم مقامه أن يكون جزاء له و كذلك هذا الصائم بهذا الحضور فإنه في عبادة لا مثل لها بنيابة إلهية و مجلى اسم إلهي يقال له الدهر فله كل شيء كما كان الدهر ظرف كل شيء فلا جزاء لهذا الصائم غير من تاب عنه إذا كان مجلاه و لهذا قال و أنا أجزي به معناه إنا جزاؤه بسبب كونه صائما بحق شهودي مشهود له ما هو للحق لا للعبد

[العلم الغريب و الرؤيا الشيطانية]

فقد عرفتك كيف تصوم الأيام البيض و ما تحضره في نفسك عند ما تريد أن تشرع فيها و هي صفة كمال العبد في الأخذ عن اللّٰه كما كان القمر في هذه الأيام موصوفا بالكمال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 642
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست