responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 641

مثل العشر في زكاة الحبوب فإن العامة مع النفس التي تطلب الغذاء و هي النفس النباتية لا الحيوانية فإن الحيوان ما يطلب الغذاء من كونه حيا و إنما يطلبه من كونه نباتا فلا تخلط بين الحقائق و لهذا جوزوا من حيث امتنعوا في زمان الصوم من استعمال ما ينمون به و هو الغذاء و رحمهم اللّٰه تعالى بالسحور عوضا من أكل بالنهار فما نقص الصائم من غذائه شيء إذا تسحر و رغب اللّٰه في أكلة السحور و سماه غذاء حتى لا يكون للنفس النباتية مقال يطلبه حق من اللّٰه فإن ترك العبد السحور تعين عليه من النفس طلب حقها و من اللّٰه الذي أمره بإيصال حقها إليها فإن المكلف مأمور أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه

[صوم العامة و صوم الخاصة]

و كما فرقنا بيننا و بين أهل الكتاب في أكلة السحور و كان الاعتبار في سحورنا غير ما تعتبره العامة لذلك كان صومنا يخالف صومهم من هذه الجهة فنحن مشاركون لهم فيما تطلبه النفس النباتية منا و منهم و هم لا يشاركوننا فيما يختص بالنفس الناطقة التي هي العقل من إيصال الحق إلى مستحقه فإن لنفسك عليك حقا و هو أشد حقوق الأكوان بعد حق اللّٰه عليك لأن خصمك بين جنبيك و ما من حق لكون من الأكوان على أحد إلا و لله فيه حق على ذلك الكون فاحفظ نفسك فإذا كان غدا في موطن الجزاء و التجلي ظهر الفرق بين الفرق و التفاضل فكم بين نفس تحشر بنعوت إلهية و بين نفس محرومة من ذلك فتصرف قيمتها يوم القيامة إلى ما كانت صرفتها في الدنيا من الانكباب على ما تطلبه هذه النشأة الطبيعية من الاتساع فيما هو فوق الحاجة فلا فرق بينه و بين سائر الحيوانات و هذا هو الإنسان الحيوان

[الإنسان لا يزال مهموما منهوما في الحال الاستقبال]

و ربما أكثر الحيوان إذا اكتفى ما له همة في المستأنف و الإنسان ليس كذلك لا يزال مهموما و منهوما في الحال و الاستقبال فيجمع و لا يشبع لأنه خُلِقَ هَلُوعاً إِذٰا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَ إِذٰا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلاَّ الْمُصَلِّينَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلىٰ صَلاٰتِهِمْ دٰائِمُونَ و هم المتأخرون عن هذه الصفة التي جبلوا عليها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة فهذا معنى قوله إِلاَّ الْمُصَلِّينَ هنا في الاعتبار و قد يكون تفسيرا للآية فإنه سائغ و لكن حمله على الإشارة أعصم فنفوس العامة التي هي بهذه المثابة محجوبة في الدنيا و الآخرة ليرتفع عنهم الألم كما ارتفع هنا و كذلك أهل اللّٰه فكما هم الخلق في الدنيا كذلك يكونون غدا يوم القيامة

[حشر الأجسام و الجنات المعنوية و الحسية]

و لو لا حشر الأجسام في الآخرة لقامت بنفوس الزهاد و العارفين في الآخرة حسرة الفوت و لتعذبوا لو كان الاقتصار على الجنات المعنوية لا الحسية فخلق اللّٰه في الآخرة جنة حسية و جنة معنوية و أباح لهم في الجنة الحسية ما تشتهي أنفسهم و رفع عنهم ألم الحاجات فشهواتهم كالإرادة من الحق إذا تعلقت بالمراد تكون فما أكل أهل السعادة لدفع ألم الجوع و لا شربوا لدفع ألم العطش و لما اشتغلوا هنا بالله من حيث ما كلفهم فهم يجرون في الأمور بالميزان الذي حد لهم خائفين من أن يطففوا أو يخسروا الميزان جعل لهم سبحانه الاشتغال في الآخرة بالجنة الحسية لأجسامهم الطبيعية جزاء وفاقا قال تعالى إِنَّ أَصْحٰابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فٰاكِهُونَ هُمْ وَ أَزْوٰاجُهُمْ فِي ظِلاٰلٍ عَلَى الْأَرٰائِكِ مُتَّكِؤُنَ

[و جنى الجنتين للعارفين دان]

و العارفون و غير العارفين في هذه الصورة الحسية على السواء و يفوز العارفون بما يزيدون عليهم بجنات المعاني ف‌ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ للعارفين دٰانٍ فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ و لا بشيء من آلائك ربنا نكذب فهذا الاشتغال منع العامة و علماء الرسوم في الدنيا و الآخرة و أهل اللّٰه معهم من حيث نفوسهم النباتية و الحيوانية في هذا الشغل و هم مع اللّٰه من ذلك الوجه الآخر فكما أنه ما حجبهم في الدنيا ما هم عليه من الحاجة إلى الغذاء مع قوة سلطانه في الدنيا لدفع آلام الجوع و العطش و الإحساس بأنواع الأشياء المؤلمة كذلك لا يحجبهم في الآخرة نعيم الجنان المحسوس عن اللّٰه في الاتصاف بأسمائه التي تليق بالدار الآخرة لأن لها أسماء إلهية لا يعلمها اليوم أحد أصلا فإن الأسماء الإلهية إنما يظهرها مواطنها سيقول النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن فإن الموطن يعين الأسماء فإنه عن آثارها و لكن هذا الذي نذكره من النعيم الذي لا حسرة فيه إنما يكون في الجنة لا في القيامة فإن يوم القيامة يوم التغابن للكل فالسعيد يقول يا ويلتا ليتني زدت و الشقي يقول يٰا حَسْرَتىٰ عَلىٰ مٰا فَرَّطْتُ و لهذا سمي يوم الحسرة لإظهاره مثل هذا لأنه من حسرت الثوب عني فظهر ما تحته أي أزلته

(وصل في فصل من جعل الثلاثة الأيام من كل شهر صوم أيام الثلاثة البيض)

[الأيام البيض أو ظهور الشمس لأعيننا في القمر]

خرج النسائي من حديث جابر بن عبد اللّٰه عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الشهر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 641
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست