responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 588

ادخارهم في ذلك لأنه لا عن بصيرة و ليس من أهل اللّٰه فإن أهل اللّٰه هم أصحاب البصائر و الذي عن بصيرة فلا يخلو إما أن يكون عن أمر إلهي يقف عند و يحكم عليه أو لا عن أمر إلهي فإن كان عن أمر إلهي فهو عبد محض لا كلام لنا معه فإنه مأمور كما نظنه في عبد القادر الجيلي فإنه كان هذا مقامه و اللّٰه أعلم لما كان عليه من التصرف في العالم و إن لم يكن عن أمر إلهي فأما أن يكون عن اطلاع أن هذا القدر المدخر لفلان لا يصل إليه إلا على يد هذا فيمسكه لهذا الكشف و هذا أيضا من وجوه عند القادر و أمثاله و إما أن يعرف أنه لفلان و لا بد و لكن لم يطالع على أنه على يده أو على يد غيره فإمساك مثل هذا الشح في الطبيعة و فرح بالوجود و يحتجب عن ذلك بكشفه من هو صاحبه و بهذا احتججنا على عبد العزيز بن أبي بكر المهدوي في ادخاره فوقف و لم يجد جوابا فإنه ادخر لا عن بصيرة إن ذلك على يده و لا عن بصيرة إن ذلك المعين عنده صاحبه فافتضح بين أيدينا في الحال و مثل هذا ينبغي أن لا يدخر و لقد أنصف سيد الطائفة عاقل زمانه المنصف بحاله أبو السعود بن الشبل حيث قال نحن تركنا الحق يتصرف لنا فلم يزاحم الحضرة الإلهية فلو أمر وقف عند الأمر أو عين له وقف مع التعيين و فيه خلاف بين أهل اللّٰه فإنه من الرجال من عين لهم إن ذلك المدخر لا يصل إلى صاحبه إلا على يده في الزمان الفلاني المعين فمنهم من يمسكه لي ذلك الوقت و منهم من يقول ما أنا حارس أنا أخرجه عن يدي إذ الحق تعالى ما أمرني بإمساكه فإذا وصل الوقت فار الحق يرده إلى يدي حتى أوصله إلى صاحبه و أكون ما بين الزمانين غير موصوف بالادخار لأني خزانة الحق ما أنا خازنه إذ قد تفرغت إليه و فرغت نفسي له

لقوله وسعني قلب عبدي فلا أحب أن يزاحمه في تلك السعة أمر ليس هو فاعلم لك فقد نبهتك على أمر عظيم في هذه المسألة فلا تصح الزكاة من عارف إلا إذا ادخر عن أمر إلهي أو كشف محقق معين إنه ما يسبق في العلم أن يكون لهذا الشيء خازن غيره فحينئذ يسلم له ذلك و ما عدا هذا فإنما يزكي من حيث نزكي العامة انتهى الجزء الثالث و الخمسون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(وصل في فضل تقسيم الناس في الصدقات المعطي منهم و الآخذ)

[الناس أربعة فيما يأخذون و فيما يعطون]

اعلم أن الناس على أربعة أقسام فيما يعطونه و فيما يأخذونه قسم يستعظم ما يعطي و يستحقر ما يأخذ و قسم يستحقر ما يعطي و يستعظم ما يأخذ و قسم يستحقر ما يعطي و ما يأخذ و قسم يستعظم ما يعطي و ما يأخذ و لهذا منهم من ينتقي و هم الذين لا يرون وجه الحق في الأشياء و منهم من لا ينتقي و هم الذين يرون وجه الحق في الأشياء و قد ينتقون لحاجة الوقت و قد لا ينتقون لاطلاعهم على فقرهم المطلق فمنهم و منهم فإن مشاربهم مختلفة و كذلك مشاهدهم و أذواقهم بحسب أحوالهم فإن الحال للنفس الناطقة كالمزاج للنفس الحيوانية فإن المزاج حاكم على الجسم و الحال حاكم على النفس

[استعظام الصدقة مشروع]

ثم اعلم أن استعظام الصدقة مشروع قال تعالى فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا الْبٰائِسَ الْفَقِيرَ و قال وَ أَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ يعني من البدن التي جعلها سبحانه من شعائر اللّٰه قال وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهٰا مَنٰافِعُ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهٰا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ يعني البدن و في هذه القصة قال وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ و قد ذكرنا في شرح المنفق لذي الإنفاق منه كونه له وجهان فكذلك هنا فنالنا منها لحومها و نال الحق منها التقوى منا فيها و من تقوانا تعظيمها فقد يكون استعظام الصدقة من هذا الباب عند بعض العارفين فلهذا يستعظم ما يعطي إن كان معطيا أو ما يأخذ إن كان آخذا و قد يكون مشهده ذوقا آخر

[أول مشهد ذاقه ابن عربى في الطريق الصوفي]

و هو أول مشهد ذقناه من هذا الباب في هذا الطريق و هو إني حملت يوما في يدي شيئا محقرا مستقذر في العادة عند لعامة لم يكن أمثالنا يحمل مثل ذلك من أجل في النفوس من رعونة الطبع و محبة التميز على من لا يلحظ بعين التعظيم فرأيت الشيخ و معه أصحابه مقبلا فقال له أصحابه يا سيدنا هذا فلان قد أقبل و ما قصر في الطريق لقد جاهد نفسه يراه يحمل في وسط السوق حيث يراه الناس كذا و ذكروا له ما كان بيدي فقال الشيخ فلعله ما حمله مجاهدة لنفسه قالوا له فما ثم إلا هذا قال فاسألوه إذا اجتمع بنا فلما وصلت إليها سلمت على الشيخ فقال لي بعد رد السلام بأي خاطر حملت هذا في يدك و هو أمر محقر مستقذر و أهل منصبك من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست