responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 512

هذه الآية تتلى سببا لإيمانه إذ كان اللّٰه قد آية بالمؤمنين في هذه الآية و أمرهم بالركوع و السجود له فالتحقق بالملائكة في كونهم يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ فسجد العبد فأفلح

[نسبة البقاء و الإبقاء]

و هي سجدة خلاف فمن سجد هذه السجدة و لم يعرف نسبة البقاء الإلهي و الإبقاء و لم يفرق بين من هو باق ببقائه و من هو باق بإبقائه و فاز فامتاز بعلامته ممن انحاز و جاز و نجا عند ما التجأ و فال بالتثبت في بعض الأمور و في بعضها بالنجا فما سجد هذه السجدة

(وصل السجدة الثامنة)

و هو سجدة النفور و الإنكار عند أهل الاعتراف قال تعالى وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمٰنِ قٰالُوا وَ مَا الرَّحْمٰنُ أَ نَسْجُدُ لِمٰا تَأْمُرُنٰا وَ زٰادَهُمْ نُفُوراً لما قيل لهم اسجدوا للرحمن فسجدها المؤمن عند ما يتلو ليمتاز بها عن الكافر المنكر لاسمه الرحمن فهذه تسمى سجدة الامتياز و اللّٰه يقول وَ امْتٰازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ

[الامتياز بين المنكرين و العارفين للاسم الرحمن]

فيقع الامتياز بين المنكرين للاسم الرحمن و بين العارفين به يوم القيامة بالسجود الذي كان منهم عند التلاوة و زادهم هذا الاسم نفورا لجهلهم به و لهذا قالوا وَ مَا الرَّحْمٰنُ على طريق الاستفهام فهذا سجود إنعام لا سجود قهر فإن الكفار أخطئوا حيث رأوا أن الرحمن يناقض التكليف و رأوا أن الأمر بالسجود تكليف فلا ينبغي أن يكون السجود لمن هو هذا الاسم الرحمن لما فيه من المبالغة في الرحمة فلو ذكره بالاسم الذي يقتضي القهر ربما سارع الكافر إلى السجود خوفا

كما صدر من الجبار عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من رؤساء الجاهلية حيث قال له يا محمد اتل علي مما جئت به حتى أسمع فتلا عليه حم السجدة فلما وصل إلى قوله تعالى فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صٰاعِقَةً مِثْلَ صٰاعِقَةِ عٰادٍ وَ ثَمُودَ و هما من العرب و حديثهما مشهور عندهم بالحجاز فلما سمع هذه الآية ارتعدت فرائصه و اصفر لونه و ضرط من شدة ما سمع و معرفته بذلك و قال هذا كلام جبار

[اقتران التكليف بالاسم الرحمن]

فما زادهم نفورا إلا اقتران التكليف بالاسم الرحمن فإن الرحمن من عصاه عفا عنه و تجاوز فلا يكلفه ابتداء فلو علم هذا الجاهل أن أمره تعالى بالسجود للرحمن لا يناقض التكليف و إنما يناقض المؤاخذة و يزيد في الجزاء الحسنى لبادر إلى ذلك كما بادر المؤمن

[الفرق بين العلم و الخبرة و هو علم الأذواق]

فمن سجد هذه السجدة و لم يفرق بين العلم و الخبرة و هو علم الأذواق و منه قوله تعالى وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ

(وصل السجدة التاسعة)

و هي سجدة السر الخفي عن النبإ اليقين و موضع السجود من هذه السورة مختلف فيه فقيل عند قوله تُعْلِنُونَ و قيل عند قوله رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فهذا هو سجود توحيد العظمة إن سجد في العظيم و إن سجد في قوله أَلاّٰ يَسْجُدُوا لِلّٰهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ مٰا تُخْفُونَ وَ مٰا تُعْلِنُونَ

[السجود لعالم السر و العلن و مخرج الخبء]

يقول إن الشمس التي يسجدون لها و إن اعتقدوا أنها تعلم ما يعلنون فالسجود لمن يعلم ما يخفون و ما يعلنون أولى ثم إنهم يسجدون للشمس لكونها تخرج لهم بحرارتها ما خبأت الأرض من النبات فقال اللّٰه لهم ينبغي لكم أن تسجدوا للذي يخرج الخبء في السموات و هو إخراجه ما ظهر من الكواكب بعد أفولها و خبئها ثم يظهرها طالعة من ذلك الخبء و في الأرض ما يخرجه من نباتها فالشمس ليس لها ذلك بل بظهورها يكون خبء ما في السموات من الكواكب فالله أولى بأن يسجد له من سجودكم للشمس فإن حكمها عند اللّٰه كحكم الكواكب في الأفول و الطلوع فطلوعها من الخبء الذي يخرجه اللّٰه في السماء مثل سائر الكواكب فهذا سجود الرجحان فإن الدليل هنا في جناب اللّٰه أرجح منه في الدلالة على ألوهة الشمس حين اتخذتموها إلها لما ذكرناه فمن سجد هذه السجدة و لم يقف على لغات البهائم و لا علم منطق الطير و لم ينكح جميع الكواكب و حروف النطق بحيث يلتذ بها التذاذه بالكواعب

(وصل السجدة العاشرة)

و هي سجدة التذكر و الذكر بتسبيح و تواضع عن دلالات منصوبة سجود عقل و استبصار و هذه سجدة الم تنزيل التي إلى جانب سورة لقمان الحكيم إِنَّمٰا يُؤْمِنُ بِآيٰاتِنَا الَّذِينَ إِذٰا ذُكِّرُوا بِهٰا خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ إن حرف تحقيق و تنكير يقول إن الذي يصدق بآياتنا أنها آيات نصبن لها دلالات على وجودنا و صدق إرسالنا ما هي عن همم النفوس عند جمعيتها هم اَلَّذِينَ إِذٰا ذُكِّرُوا بِهٰا و التذكر لا يكون إلا عن علم غفل عنه أو نسيان من عاقل

[آيات اللّٰه دلالات نصبن على وجوده]

ف‌ إِنَّمٰا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبٰابِ يقول إنها مدركة بالنظر العقلي إنها دلالات على ما نصبناها عليه فإذا ذكروا بها وقعوا على وجوههم أي حرصوا على معرفة ذواتهم فنزهوا ربهم بما نزه به نفسه على السنة رسله و لم يعطهم العلم الأنفة عن ذلك

[ما يعطيه النظر و ما يعطيه الإيمان]

فمن سجد هذه السجدة و لم يقف على مدارك عقله و لم يفرق بين ما يعطيه نظره و بين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 512
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست