responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 513

ما يعطيه إيمانه فينزه ربه إيمانا لا عقلا و يأخذ العلم و الحكمة حيث وجدها و لا ينظر إلى المحل الذي جاء بها و إن العاقل يعرف الرجال بالحق و غير العاقل يعرف الحق بالرجال و هذا من أكبر أغاليط النظر فإن المعنى الذي يندرج في اللفظ الذي يقصد به المتكلم إيضاح أمر هو في الحق المطلوب يقبله الجاهل من الرسول إذا جاء به و يحيله و يرده من الوارث و الولي إذا جاء به فلو قبل العلم لذات العلم لكان ممن تذكر

[طبقات الناس الثلاثة في قبول القرآن]

فإن اللّٰه تعالى يقول في حق ما أنزل من القرآن إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يخاطب به ثلاث طبقات من الناس فهو في حق طائفة بلاغ يسمعون حروفه إيمانا بها أنها من عند اللّٰه لا يعرفون غير ذلك و طائفة تلاه عليها لِيَدَّبَّرُوا آيٰاتِهِ أي يتفكروا فيها حتى يعلموا أن الآتي بها لم يأت بها من نفسه بل هي من عند مرسله سبحانه و ليتذكر أرباب العقول ما كانوا قد علموه قبل أي ما جاءوا بما تحيله الأدلة الغامض إدراكها فإنها لب الدلالات و هم أهل الكشف و الجمع و الوجود فمن لم يحصل ما ذكرناه في سجوده هذه السجدة فما سجد

(وصل السجدة الحادية عشرة)

و هي لنا سجدة شكر في حضرة الأنوار و لصاحبها سجدة توبة لا من حوبة و ليست من عزائم السجود و هذه سجدة سورة صلى اللّٰه عليه و سلم في قوله وَ ظَنَّ دٰاوُدُ أَنَّمٰا فَتَنّٰاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ رٰاكِعاً وَ أَنٰابَ فسجدها توبة و شكرا معا و الظن على بابه يقول ظن داود أنما اختبرناه فإن الفتنة في اللسان الاختبار تقول العرب فتنت الفضة على النار أي اختبرتها فطلب طلبا مؤكدا الستر من ربه فإن الاستفعال يؤذن بالتأكيد و وقع خاضعا و رجع إلى اللّٰه فيما طلب عنه لا لحوله و قوته و هذا دليل على أنه كان عنده من القوة ما يستتر به فلم يفعل و رجع إلى اللّٰه في ذلك و يؤيد هذا قول اللّٰه له وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ فلو لم يكن في قوته التحكم به فيما يريده ما نهى عنه فقضينا حاجته فيما رجع إلينا فيه و سترناه عن الأغيار في حضرتنا فجهل قدره مع تصريحنا بخلافته عنا في الحكم في عبادي و التحكم و التصريف ثم قال وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنٰا لَزُلْفىٰ مما هو له منا لا يرجع من ذلك إلى الأكوان و الأغيار شيء وَ حُسْنَ مَآبٍ و خاتمة حسنة أي مشهود لأن الحسنة و الحسنى من الإحسان و هو مقام الشهود الذي يعطي الحقائق على ما هي عليه فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فسر الإحسان لجبريل عليه السلام بما أشرنا إليه

[سجود داود ع و سجود محمد ص]

فمن سجد هذا السجود و هو سجود الإنابة و في السجود فيها خلاف فإذا سجدها الإنسان و لم يجد فيها ما وجد داود عليه السلام من التقريب الإلهي و علم خاتمة أمره و بما ذا يختم له و نهاية مقامه و منزلته عند ربه في الدار الآخرة هذا إذا سجدها سجود داود و إذا سجدها سجود رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يجد الزيادة في جميع أحواله في كل حال بما يليق به من علم و عمل في كل دار بما يليق بتلك الدار

[يوم الدين هو يوم الدنيا و يوم الآخرة]

فإن الزيادات في الدار بحسب ما وضعت لها فالدنيا دار تكليف و عمل و الآخرة دار جزاء و الدنيا أيضا دار جزاء لمن عقل عن اللّٰه

هذا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر زاد في عبادته ربه فقام حتى تورمت قدماه شكرا لله على ذلك و هذا جزاء العبد على المغفرة فهي دار جزاء فيوم الدين هو يوم الدنيا و الآخرة فوضع الحدود جزاء و جازى أهل الشقاء بما عملوه من مكارم الأخلاق في الدنيا ما أنعم به عليهم من النعم حتى انقلبوا إلى الآخرة و قد جنوا ثمر خيرهم في الدنيا فلو لم تكن الدنيا أيضا دار جزاء ما كان هذا فمن لم يدرك في سجوده أمثال هذه العلوم فلم يسجد

(وصل السجدة الثانية عشرة)

و هي سجدة الاجتهاد و بذل المجهود فيما ينبغي لجلال اللّٰه من التعظيم و الالتذاذ به و هي في حم السجدة و في موضع سجودها خلاف فقيل عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ فمن سجد هنا جعلها سجدة شرط و من سجدها عند قوله لاٰ يَسْأَمُونَ كانت عنده سجدة نشاط و محبة

[عباد الشمس:الشمسية]

لما كانت حاجة الخلق إلى الليل لِيَسْكُنُوا فِيهِ و يتخذوه لباسا يحول بينهم و بين أعين الناظرين و إلى النهار ليتسببوا فيه في تحصيل أقواتهم و رأوا أن الشمس يكون النهار بطلوعها و يكون الليل بغروبها نسبوا وجود الليل و النهار إليها فعبدوها و هم الشمسية

[ابن عربى في ضيافة أحد علماء يونان الشمسية]

رأينا منهم خلقا كثيرا ببلاد يونان و نزلت عند واحد من علمائهم فسألته لم أشركتم مع اللّٰه في عبادته عبادة الشمس فقال لي ما عبدنا الشمس لكونها إلها حاشى لله بل اللّٰه إله واحد و إنما نظر علماؤنا فيما لهذا النير الأعظم من المنافع في العالم ثم عدد ما ربط اللّٰه به من المنافع فعرفنا أنه لو لم يكن له عناية من اللّٰه به ما ولاة على هذه الأمور فطلبنا القربة إليه بالتعظيم ليكون لنا أحسن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست