responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 511

و الشر و الوعيد في الشر خاصة فالوعد في الخير من اللّٰه لا بد منه و الوعيد قد يعفو و يتجاوز فإنه من صفة الكريم عند العرب و مما يمدح به الأعراب سادتها و كبراءها يقول شاعرهم

و إني إذا وعدته أو وعدته لمخلف إيعادى و منجز موعدي

[سجود التجلي]

وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ يَبْكُونَ على ما فرط منهم مما لا يستدركونه و لو عفي عنه فالكتابة على المحو ما تقوم في الصفا كالكتابة على غير المحو وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً أي ذلة و الخشوع لا يكون أبدا من الخاشع إلا عن تجل و لا بد إما على الظاهر و إما على الباطن أو عليهما معا فهذه السجدة سجدة زيادة في الخشوع و الخشوع كما قلنا لا يكون إلا عن تجل إلهي فزيادة الخشوع دليل على زيادة التجلي فهذا يسمى سجود التجلي فافهم

(وصل السجدة الخامسة)

و هي سجود الإنعام العالم الرحماني عن الدلالات و هي في سورة مريم عند قوله إِذٰا تُتْلىٰ عَلَيْهِمْ آيٰاتُ الرَّحْمٰنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا و هي سجدة النبيين المنعم عليهم فهذا بكاء فرح و سرور و آيات قبول و رضي فإن اللّٰه قرن هذا السجود بآيات الرحمن و الرحمة لا تقتضي القهر و العظمة و إنما تقتضي اللطف و العطف الإلهي فدمعت عيونهم فرحا بما بشرهم اللّٰه من هذه الآيات فالصورة صورة بكاء لجريان الدموع و الدموع دموع فرح لا دموع ترح و كمد و حزن لأن مقام الاسم الرحمن لا يقتضيه

[فرح أبى يزيد و طيران الدم من عينه]

و في هذه السورة في قوله يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمٰنِ فرح أبو يزيد و طار الدم من عينيه حتى ضرب المنبر و قال يا عجبا كيف يحشر إليه من هو جليسه

فإن اللّٰه يقول أنا جليس من ذكرني و المتقي ذاكر لله ذكر حذر فلما حشر إلى الرحمن و هو مقام الأمان مما كان فيه من الحذر فرح بذلك و استبشر و كان دمع أبي يزيد دمع فرح كيف حشر منه إليه حين حشر غيره إلى الحجاب

[اقتران العذاب بالاسم الرحمن]

و أما قوله في هذه السورة عن إبراهيم الخليل في قوله إِنِّي أَخٰافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذٰابٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ فقرن العذاب بالاسم الرحمن و لا يقتضيه هنا في الظاهر فاعلم أنه أشار له إلى الاسم الذي هو أبوه معه في الحال فإنه مع الرحمن بلا شك لحصول العافية و الخير و الرزق و الصحة الذي هو فيه و عليه

[رحمة الطبيب بصاحب الآكلة]

و المعنى الآخر في مساق هذا الاسم مع العذاب مثل رحمة الطبيب بصاحب الأكلة فهو يعذبه في الوقت بقطع العضو الذي فيه الأكلة رحمة به حتى يحيا و من رحمته نصب الحدود في الدنيا لتكون لهم طهارة إلى الأخرى و هكذا في كل داران نظرت بعين التحقيق فاعلم ذلك

[رؤية النعيم في عين العذاب]

فمن سجد هذه السجدة و لم ير النعيم في العذاب فما سجدها كما قال القائل

أريدك لا أريدك للثواب و لكني أريدك للعقاب
و كل مآربي قد نلت منها سوى ملذوذ وجدي بالعذاب
و أما رابعة العدوية فضرب رأسها ركن جدار فأدماه فقيل ما تحسين بالألم فقالت شغلي بموافقة مراده فيما جرى شغلني عن الإحساس بما ترون من شاهد الحالة

(وصل السجدة السادسة)

و هي سجود المعادن و النبات سجود المشيئة و الحيوان و بعض البشر و عمار الأفلاك و الأركان سجود مشاهدة و اعتبار قال اللّٰه تعالى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّٰهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبٰالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النّٰاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذٰابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللّٰهُ فَمٰا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللّٰهَ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ فذكر سبحانه كل شيء في هذه الآية و لم يبعض إلا الناس فإنه قال وَ كَثِيرٌ مِنَ النّٰاسِ و جعل ذلك من مشيئته فيبادر العبد بالسجود في هذه الآية ليكون من الكثير الذي يسجد لله لا من الكثير الذي حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذٰابُ فإذا رأى هذا العبد إن اللّٰه تعالى قد و فقه للسجود و لم يحل بينه و بين السجود علم أنه من أهل العناية الذين التحقوا بمن لم يبعض سجودهم ممن في السموات و من في الأرض و الشمس في غروبها و القمر في محاقه و النجوم في مواقعها و الجبال في إسكانها و الشجر في إقامتها على سوقها و الدواب في تسخيرها و بعض الناس ممن له الشهود فمن سجد هذه السجدة من أهل اللّٰه و لم يشهد كل عالم فيه ممن ذكر و يشهد سجود بعضه من كله و من بقي منه و لم يسجد فما سجدها

(وصل السجدة السابعة)

و هي سجدة الفلاح و الايمان عن خضوع و ذلة و افتقار و هي في آخر الحج في قوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فهذا سجود الفلاح و هو البقاء و الفوز و النجاة فكان فعل الخير بمبادرته للسجود عند ما سمع

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 511
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست