responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 503

اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يوم الجمعة من باب المسجد و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يخطب على المنبر خطبة الجمعة فشكا إليه الجدب فطلب منه أن يستسقي اللّٰه فاستسقى له ربه كما هو على منبره و في نفس خطبته ما تغير عن حاله و لا أخر ذلك إلى وقت آخر

[المضطر تجاب دعوته بلا شك]

و أما الحالة الأخرى فهو أن لا يكون العبد في حال أداء واجب فيعرض له ما يؤديه إلى أن يطلب من ربه ابتداء في حق نفسه أو غيره مما يحتاج أن يتأهب له أهبة جديدة على هيأة مخصوصة فيتأهب لذلك الأمر و يؤدي بين يديه أمرا واجبا ليكون بحكم عبودية الاضطرار فإن المضطر تجاب دعوته بلا شك كذلك العبد إذا لم يكن في حال أداء واجب و أراد الاستسقاء برز إلى المصلي و جمع الناس و صلى ركعتين فالشروع في تلك الصلاة عبودية اختيار و أداء ما فيها من قيام و ركوع و سجود و جلوس عبودية اضطرار فإنه يجب عليه في الصلاة النافلة بحكم الشروع الركوع و السجود و كل ما هو فرض في الصلاة فإذا دعا عقيب عبودية الاضطرار فقمن أن يستجاب له و يدخل في الهيئة الخاصة من رفع اليد و تحويل الرداء و استقبال القبلة و التضرع إلى اللّٰه و الابتهال في حق المحتاجين إلى ذلك كائنا من كان و لما ذكرناه وقع الخلاف في البروز إلى الاستسقاء و

قد برز رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إلى خارج المدينة فاستسقى بصلاة و خطبة

[الخروج من قيد الأسباب إلى فضاء التجريد]

(و اعتبار البروز من المصر إلى خارجه)خروج الإنسان من الركون إلى الأسباب إلى مقام التجريد و الفضاء حتى لا يكون بينه و بين السماء الذي هو قبلة الدعاء حجاب سقف و لا غيره و هو خروج من عالم ظاهره مع عالم باطنه في حال الافتقار إلى ربه بنية التخلق بربه في ذلك أو بنية الرحمة بالغير أو بنفسه أو بمجموع ذلك كله

(وصل الاعتبار في الوقت الذي يبرز)

إن برز من ابتداء طلوع حاجب الشمس إلى الزوال و ذلك عند ما يتجلى الحق لقلب العبد التجلي المشبه بالشمس لشدة الوضوح و رفع اللبس و كشف المراتب و المنازل على ما هي عليه حتى يعلم و يرى أين يضع قدمه لئلا يهوى أو يخطئ الطريق أو تؤذيه هو أم أفكار رديئة و وساوس شيطانية فإن الشمس تجلو كل ظلمة و تكشف كل كربة فإن لطلوعها شرع أهل الأسباب في طلب المعاش و المستسقي طالب عيش بلا شك فما دام الحق يطلب العبد لنفسه لما ينقبض من الظل من طلوع الشمس إلى الزوال ليكون طلبه للأشياء من اللّٰه بربه لا بنفسه لذلك نبهه على ذلك بقبض الظل إلى حد الزوال فإذا قضيت حاجته التي سأل فيها فمن شأن صاحب هذا الحال إذا حصلت له حاجته أنه يؤديها إلى المحتاج و قد انقبض ظله فأخذ الحق في الاحتجاب عن عبده ليبقى مع نفسه فيما أعطاه في سؤاله مما تحتاج إليه نفسه فيشهده نفسه شيئا فشيئا كما يمتد الظل و يظهر بدلوك الشمس إلى حين الغروب فإذا احتجب عنه بقي مع نفسه متفرغا إليها بما حصله و هو المعبر عنه بالعشاء فينضم إلى وكره و يجمع أهله على مائدته بما اكتسبه في يومه فلهذا كان البروز إلى المصلي من طلوع الشمس فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما برز إلى الاستسقاء خرج حين بدا حاجب الشمس فاعتبرناه على ذلك الحد للمناسبة و المطابقة

(وصل اعتبار الصلاة في الاستسقاء)

لما شرع اللّٰه في الصلاة الدعاء بقوله اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ و الاستسقاء دعاء مخصوص فأراد الحق أن يكون ذلك الدعاء في مناجاة مخصوصة يدعو فيها بتحصيل قسمه المعنوي من الهداية إلى الصراط المستقيم صراط النبيين الذين هداهم اللّٰه تهمما بطلب الأول الذي فيه السعادة المخصوصة بأهل اللّٰه ثم بعد ذلك يستسقون في طلب ما يعم الجميع من الرزق المحسوس الذي يشترك جميع الحيوانات و جميع الناس من طائع و عاص و سعيد و شقي فيه فابتدأ بالصلاة ليقرع باب التجلي و استجابة الدعاء فيما يزلف عند اللّٰه فيأتي طلب الرزق عقيب ذلك ضمنا ليرزق الكافر بعناية المؤمن و العاصي بعناية الطائع فلهذا شرعت الصلاة في الاستسقاء

[عبودية الاختيار و عبودية الاضطرار]

فعبودية الاختيار قبل عبودية الاضطرار تأهب و استحضار و تزيين محل و تهيؤه و عبودية الاختيار عقيب عبودية الاضطرار شكر و فرح و بشرى بحصول عبودية الاضطرار فالأولى بمنزلة النافلة قبل الفرض و الثانية بمنزلة النافلة بعد أداء الفرض

لما بشر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بأن اللّٰه قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر : تنفل حتى تورمت قدماه فسئل في ذلك فقال أ فلا أكون عبدا شكورا

[عبادة الشكر]

و عبادة الشكر عبادة مغفول عنها و لهذا قال تعالى وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ و ما بأيدي الناس من عبادة الشكر على النعماء إلا قولهم الحمد لله و الشكر لله لفظ ما فيه كلفة و أهل اللّٰه يزيدون على مثل هذا اللفظ العمل بالأبدان و التوجه بالهمم قال اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً و لم يقل قولوا و الأمة المحمدية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 503
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست