responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 504

أولى بهذه الصفة من كل أمة إذ كانت خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ

(وصل اعتبار التكبير فيها)

من شبهها بصلاة العيد الأول عبد فطر فهو خروج من حال صيام و الصيام يناسب الجدب فإن الصائم يعطش كما تعطش الأرض في حال الجدب و عيد الأضحى هو عند زمان الحج و أيام عشر الحج أيام ترك زينة و لهذا شرع للمحرم ترك الزينة و شرع لمن أراد أن يضحى إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يقص ظفرا و لا يأخذ من شعره و لما لم يكن زينة الأرض إلا بالأزهار و الأزهار لا تكون إلا بالأمطار و هذه الأحوال تقتضي عدم الزينة فأشبهت الأرض الجدبة التي لا زينة لها لعدم الزهر لعدم المطر فأشبهت صلاة الاستسقاء صلاة العيدين فيكبر فيها كما يكبر في العيدين و سيأتي اعتبار عدد التكبير في صلاة العيدين

[حال العبد بالإحرام و حال الأرض الجدبة]

و من حمل صلاة الاستسقاء على سائر أكثر السنن و النوافل و صلوات الفرائض لم يزد على التكبير المعلوم شيئا و هو أولى فإن حالة الاستسقاء حالة واحدة ما هي مختلفة الأنواع فإن المقصود إنزال المطر فلا يزيد على تكبيرة الإحرام شيئا لأنه ما ثم حالة تطلب تكبيرة أخرى زائدة على تكبيرة الإحرام فيحرم على المصلي في الاستسقاء في تكبيرة الإحرام جميع ما تلتذ به النفوس من الشهوات و يفتقر إلى ربه في تلك الحالة كما حرم على الأرض الجدبة الماء الذي به حياتها و زينتها و نسمتها يناسب حال العبد بالإحرام حال الأرض فيما حرمت من الخصب

(وصل اعتبار الخطبة)

في الاستسقاء الخطبة ثناء على اللّٰه بما هو أهله ليعطي ما هو أهله فيثني عليه ثناء آخر بما يكون منه و هو الشكر على ما أنعم و المصلي مثن على اللّٰه بما هو أهله و على ما يكون منه و هو القسم الواحد الذي لله من الصلاة فالخطبة ينبغي أن تكون في الاستسقاء

[الصلاة ثناء على اللّٰه]

و من رأى أن الصلاة ثناء على اللّٰه يقول حصل المقصود فأغنى عن الخطبة و تضاعف الثناء على اللّٰه أولى من الاقتصار على حال واحدة فإن الخطبة تتضمن الثناء و الذكرى فَإِنَّ الذِّكْرىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ و الاستسقاء طلب منفعة بلا شك

(وصل اعتبار
متى يخطب)

التشبه بالنسبة لكونها سنة أولى من التشبه بالفريضة و

قد ورد عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن لا تشبه صلاة الوتر بصلاة المغرب فيكره لمن أوتر بثلاث أن يأتي بها على صورة صلاة المغرب فتشبيه الاستسقاء بالعيدين أولى فيخطب لها بعد الصلاة إلا أن يرد نص صريح بأن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم خطب لها قبل الصلاة فيكون النص فيها فلا تقاس على سنة و لا على فريضة بل تكون هي أصلا في نفسها يقيس عليها من يجيز القياس في دين اللّٰه

[الخطبة في الاستسقاء بعد الصلاة أولى]

و إذا كان العيد يخطب فيه بعد الصلاة مع المراد بالخطبة تذكير الناس و تعليمهم و هم لا يقيمون بل يتصرف أكثرهم بتمام الصلاة فالخطبة في الاستسقاء بعد الصلاة أولى لأنهم لا ينصرفون حتى يستسقي الإمام بهم فإنهم للاستسقاء خرجوا و الخطبة إنما تكون بعد الصلاة و بعد الدعاء بالاستسقاء فلا ينصرف الناس فيحصل المقصود من الخطبة

[عبد الملك بن مروان أول من اختطب في العيد قبل الصلاة]

أ لا ترى إلى عبد بن الملك مروان كيف اختطب في العيد قبل الصلاة فقيل له في المجلس في ذلك معيرا عليه فعله و إن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ما اختطب في العيدين إلا بعد الصلاة فقال عبد الملك قد ترك ما هنالك يريد أن الناس قد تركوا الجلوس للخطبة و كانت الصحابة لا ينصرفون من صلاة العيد حتى يخطب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و اتباع السنة أولى و لو لم يبق إلا الإمام وحده لأنه لا يلزمه أكثر من الاقتداء و لا يعلل كذلك الإنسان إذا فرغ من مناجاة ربه في صلاته يثني على اللّٰه في نفسه فيما ينصرف إليه و ذلك حتى لا يبرح مع اللّٰه في عموم أحواله فإذا فعل ذلك كان بمنزلة الخطبة بعد الصلاة فلا يزال في شغله مع اللّٰه في كل حال و اللّٰه الموفق لا رب غيره

(وصل اعتبار في القراءة جهرا)

يجهر المصلي بالقراءة في الاستسقاء ليسمع من وراءه ليحول بينهم و بين وساوسهم بما يسمعونه من القرآن لِيَدَّبَّرُوا آيٰاتِهِ و يشغلوا نفوسهم عن وساوسها بالتفكر في معاني القرآن و ليثابوا من حيث سمعهم فقد يكون حسن استماعهم لقراءة الإمام من الأسباب الموجبة لنزول المطر لكونهم أدوا واجبا بامتثالهم أمر اللّٰه بقوله وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

[أفعال الترجي من اللّٰه حكمها حكم الواجب]

و المطر من رحمة اللّٰه و هم ما أخرجهم إلا طلبتهم إياه من اللّٰه تعالى و قد وعد به لمن استمع القرآن فإن أفعال الترجي من اللّٰه حكمها حكم الواجب و إن الإمام ذاكر ربه في ملأ و هو الجماعة في صلاته جهرا و دعائه فيذكره اللّٰه في ملأ خير منهم فقد يكون في ذلك الملإ من يسأل اللّٰه تعالى في قضاء حاجة ما توجه إليه فيها هذا الإمام و جماعته فيمطرون بدعاء ذلك الملك

[الرحمة مقدمة على العلم لموضع حاجة العباد إليها]

فإن الملائكة تقول رَبَّنٰا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فقدمت الرحمة على العلم لموضع حاجة العباد إليها و أدبا مع اللّٰه فإن اللّٰه قدمها في العطاء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 504
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست