responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 502

فإليه انقلابهم فلا أثر لفقد الأسباب عندهم و لا لوجودها فهؤلاء لا يستسقون في حق نفوسهم إذ علموا إن الحياة تلزمهم لأنها أشد افتقارا إليهم منهم إليها و فائدة الاستسقاء إبقاء الحياة الدنيا فاستسقاء العلماء بالله في الزيادة من العلم بالله كما قال اللّٰه لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم حين أمره وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً هذا الدعاء هو عين الاستسقاء فإذا استسقى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ربه في إنزال المطر و العلماء بالله لم يستسقوه في حق نفوسهم و إنما استسقوه في حق غيرهم ممن لا يعرف اللّٰه معرفتهم تخلقا بصفته تعالى حيث يقول كما

ورد في الحديث الصحيح قال اللّٰه تعالى استسقيتك عبدي فلم تسقني قال و كيف أسقيك و أنت رب العالمين قال استسقاك فلان فلم تسقه فهذا الرب قد استسقى عبده في حق عبده لا في حق نفسه فإنه يتعالى عن الحاجات كذلك استسقاء النبي و العلماء بالله إنما يقع منهم لحق الغير فهم ألسنة أولئك المحجوبين بالحياة الدنيا عن لزوم الحياة لهم حيث كانوا تخلقا بالاستسقاء الإلهي

[الفقير من لا تقوم به حاجة فتملكه]

إذا الفقير المحقق من لا يقوم به حاجة معينة فتملكه لعلمه بأنه عين الحاجة فلا تقيده حاجة فإن حاجة العالم إلى اللّٰه مطلقة من غير تقييد كما إن غناه سبحانه عن العالم مطلق من غير تقييد من حيث ذاته فهم يقابلون ذاتا بذات و ينسبون إلى كل ذات ما تعطيها حقيقتها و ما أحسن ما شرع في الأذان و الإقامة في قوله حي على الصلاة و لم يقل إلى الصلاة فيقيده بالغاية و من كان معك فلا يكون غايتك و لا تقل حي كلمة إقبال و لا يطلب الإقبال إلا من معرض و كل معرض فاقد قلنا نعم لما كان العبد متحققا بالله كان هو الناظر و المنظور و الشاهد و المشهود و غاب عين العبد و لم يبق إلا الرب و أراد الحق سبحانه أن يشهد العبد عين عبوديته ليعرفه بما أنعم عليه به مما لم يعط ذلك لغيره من العبيد و لا يعرف ذلك حتى يرد لنفسه و مشاهدة عينه مقارنة لمشاهدة ربه و لم يجعل ذلك في شيء من عباداته إلا في الصلاة

فقال قسمت الصلاة بيني و بين عبدي

[القسم الذي يخص العبد من الصلاة]

فلا بد للمصلي من أجل قسمه من الصلاة أن يقوم فيه إذ لا يليق ذلك لقسم الذي للعبد من الصلاة أن يكون لله فقال له حي على الصلاة أي أقبل على الصلاة من أجل القسم الذي يخصك منها فإعراضه إنما كان عن نفسه لا عن ربه لأن العلم بالله أعطاه ذلك فقال له أقبل على صلاتك لتشهدني و تشهد نفسك فتعرف ما لي و ما لك فتتصف بالحكمة و فصل الخطاب و ترى ما أنت فيه فلم يأت بإلى فإنها أداة تؤذن بالفقد و الأمر في نفسه ليس كذلك فإذا كان الحق يستسقي عبده فالعبد أولى و إذا كان الحق ينوب عن عبده في استسقاء عبده يسقى عبده فالعبد أولى أن يستسقي ربه ليسقى عبده و هو أولى بالنيابة عن مثله من الحق عنه إذ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فمن الأدب مع اللّٰه الاستسقاء في حق الغير

[صاحب الحال و صاحب العلم]

فإن أصحاب الأحوال محجوبون بالحال عن العلم الصحيح فصاحب الحال إذا لم يكن محفوظا عليه أدبه لم يؤاخذ بسوء الأدب إذ كان لسانه لسان الحال و صاحب العلم مؤاخذ بأدنى شيء لأنه ظاهر في العالم بصورة الحق و كم بين من يظهر في وجوده بربه و بين من يظهر بحاله شتان بين المقامين و يا بعد ما بين المنزلتين شاهد العلم عدل و شاهد الحال فقير إلى من يزكيه في حاله و لا يزكيه إلا صاحب العلم و لما كان العلم بهذه العزة شرعت التزكية في حكم الشرع بغلبة الظن فيقول أحسبه كذا و أظنه كذا لأنه لا يعلم كل أحد ما منزلة ذلك المزكى عند اللّٰه فلا يزكي على اللّٰه أحدا و إذا افتقر صاحب الحال إلى التزكية بغلبة الظن فهو إلى العالم صاحب العلم أفقر و أفقر فإنه مع من يزكيه كلاهما محتاجان إلى صاحب العلم العلم منجل يظهر نفسه و الحال ملتبس يحتاج إلى دليل يقويه لضعفه أن يلحق بدرجة الكمال فصاحب الحال يطلب العلم و صاحب العلم لا يطلب الحال أي عاقل يكون من يطلب الخروج من الوضوح إلى اللبس فإذا فهمت ما قررناه تعين عليك الاستسقاء فاشرع فيه

(وصل اعتبار البروز إلى الاستسقاء)

الاستسقاء له حالان الحال الواحدة أن يكون الإمام في حال أداء واجب فيطلب منه الاستسقاء فيستسقي على حالته تلك من غير تغيير و لا خروج عنها و لا صلاة و لا تغير هيأة بل يدعو اللّٰه و يتضرع في ذلك فحال هذا بمنزلة من يكون حاضرا مع اللّٰه فيما أوجب اللّٰه عليه فيتعرض له في خاطره ما يؤديه إلى السؤال في أمر لا يؤثر السؤال فيه في ذلك الواجب الذي هو بصدده بل ربما هو مشروع فيه كمسألتنا أ لا ترى

أن الشارع قد شرع للمصلي أن يقول في جلوسه بين السجدتين اللهم اغفر لي و ارحمني و ارزقني و اجبرني فشرع له في الصلاة طلب الرزق و الاستسقاء طلب الرزق فليس لمن هذه حالته أن يبرز إلى خارج المصر و لا يغير هيأته فإنه في أحسن الحالات و على أحسن الهيئات لأن أفضل الأمور أداء الواجبات

دخل أعرابي على رسول

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 502
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست