responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 414

القرآن و بعد أن علمنا كيف نناجيه سبحانه و بما ذا نناجيه فالعالم العاقل الأديب مع اللّٰه إذا دخل في الصلاة أن لا يناجيه إلا بقراءة أم القرآن فكان هذا الحديث الصحيح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الذي رواه عن ربه تعالى مفسرا ل‌ مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ و إذا ورد أمر مجمل من الشارع ثم ذكر الشارع وجها خاصا مما يكون تفسيرا لذلك المجمل كان الواجب عند الأدباء من العلماء أن لا يتعدوا في تفسير ذلك المجمل ما فسره به قائله و هو اللّٰه تعالى و أن يقفوا عنده و شرع المناجاة بالكلام الإلهي في حال القيام في الصلاة خاصة دون غيره من الأحوال لوجود صفة القيومية من كون العبد قائما في الصلاة و اللّٰه قٰائِمٌ عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ و هنا علم كبير في قيام العبد بكلام الرب و ما له حديث إلا مع ربه بكلام ربه ما دام قائما فلمن يترجم و عمن يترجم و من هو المترجم و ما تكسب النفس التي هو قائم عليها و من هو العبد حتى يقول السيد جل جلاله يقول العبد كذا فيقول اللّٰه كذا لو لا العناية الإلهية و التفضل الرباني فإن قيل قد فهمنا ما أشرت به من صفة القيام و الرفع من الركوع قيام و لا قراءة فيه قلنا الرفع من الركوع إنما شرع للفصل بينه و بين السجود فلا يسجد إلا من قيام فلو سجد من ركوع لكان خضوعا من خضوع و لا يصح خضوع من خضوع لأنه عين الخروج عما يوصف بالدخول فيه فإن التواضع لا يكون إلا من رفعة فإن المهين النفس إذا ظهر منه التواضع فيما يرى فليس بتواضع و إنما ذلك مهانة نفس فيكون لا خضوع مثل عدم العدم هو عين الوجود فلهذا فصل بين السجدتين برفع ليفصل بين السجدتين حتى تتميز كل واحدة منهما بالفاصل الذي فصل بينهما فيعلم إن نم أمرا آخر و إن اشتركتا في الصورة مثل قوله وَ أُتُوا بِهِ مُتَشٰابِهاً كما لا نشك في حقيقة كلمة لا إله إلا اللّٰه من حيث ما هي لا إله إلا اللّٰه و قد ظهرت بالصورة في ستة و ثلاثين موضعا من القرآن و يعلم صاحب الذوق أن حكمها يختلف في الطعم باختلاف الموضع الذي ظهرت فيه فإن كنت تفهم كتشابه ركعات الصلاة في الصورة و لكل ركعة طعم و مذاق ما هو للأخرى كانت ما كانت و لا شك إذا فصل بين المثلين بالنقيض تميزا و من الآداب مع الملوك إذا حيوا حيوا بالانحناء و هو الركوع أو بوضع الوجه على الأرض و هو السجود تعظيما لهم و إذا توجهوا أو أثنى عليهم قام المثنى أو المكلم لهم بين أيديهم لا يكلمهم جالسا و لا في غير حال من أحوال القيام هذا هو الأدب المعروف ممن هو دون الملك مع الملك فكيف بمن هو عبد له لا يقبل الحرية و أما القرآن فلما كان المعقول في اللسان المعروف من إطلاق هذا اللفظ الجامع و الصلاة حالة يجتمع العبد فيها على سيده كما هي حالة أيضا جامعة بين اللّٰه و بين عبده حيث قسمها اللّٰه بينه و بين عبده في الصلاة وقعت المناسبة بين القرآن و بين الصلاة فلم ينبغ أن يقرأ فيها بغير القرآن و لما كان القيام يشبه الألف من الحروف الرقمية و هو أصل الحروف اللفظية و عنه ظهرت جميع الحروف بانقطاعه في مخارجها من الصدر إلى الشفتين فهو الجامع لأعيان الحروف و أعيان الحروف مراتبه و منازله في خروجه و سفره من القلب الذي هو عالم الغيب إلى الشهادة كان القيام جامعا لأنواع الهيئات و أصولها من ركوع و سجود و جلوس و إن كان الجلوس له من وجه شبه بالقيام لأنه نصف قيام فكانت قراءة القرآن من كونها جمعا في القيام أولى فإن القيام هو الحركة المستقيمة و الاستقامة هي المطلوبة من اللّٰه أن يوفق لها العبد فالعبد يقول اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ لكون اللّٰه تعالى قال له فَاسْتَقِمْ كَمٰا أُمِرْتَ فتعين بما ذكرناه في مجموعه وجوب قراءة أم القرآن في الصلاة في ركعة إذ كانت أقل ما ينطلق عليه اسم صلاة شرعا و هي الوتر و قد أوتر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بواحدة أو ترجيحها على غيرها من آي القرآن و إذا كان المتعين على المصلي في القيام قراءة أم القرآن إما بالوجوب و إما بالأولوية فلنبين في ذلك صورة قراءة العلماء بالله لها في مناجاتهم في الصلاة

(وصل في وصف هذه الحال)

اعلم أن المصلي لما كان ثانيا كما قررناه في الاشتقاق و أن كونه ثانيا ليس بأمر حقيقي و إنما كان ذلك بالإضافة إلى شهادة التوحيد في الايمان فتلك تثنية الايمان أي ظهوره في موطنين في موطن الشهادة و موطن الصلاة كما نثلثه مع الزكاة فما زاد و لهذا ذكر اللّٰه الزيادة في الايمان فقال فزادتهم إيمانا و هو عين واحدة و الكثرة إنما هي في ظهوره في المواطن كالواحد المظهر للاعداد المكثر لها و هو في نفسه لا يتكثر أ لا تراه إذا خلت مرتبة عنه لم يبق لتلك المرتبة حكم و لا عين و في معنى هذا يقول اللّٰه فيمن قال نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ ... أُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ حَقًّا فنفى عنهم الايمان كله إذ نفوه من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست