responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 389

عبارة من نفي الأولية عن الموصوف به فمن المحال أن يكون العالم أزلي الوجود و وجوده مستفاد من موجدة و هو اللّٰه تعالى و الوجه الآخر من المحال الذي يقال في العالم أنه موجود أزلا لأن معقول الأزل نفي الأولية و الحق هو الموصوف به فيستحيل وصف وجود العالم بالأزل لأنه راجع إلى قولك العالم مستفيد الوجود من اللّٰه غير مستفيد الوجود من اللّٰه لأن الأولية قد انتفت عنه بكونه أزلا فيستحيل على العالم أن يتصف بهذا الوصف السلبي الذي هو الأزل و لا يستحيل الموصوف به و هو الحق أن يقال خلق الخلق أزلا بمعنى قدر فإن التقدير راجع إلى العلم و إنما يستحيل إذا كان خلق بمعنى أوجد فإن الفعل لا يكون أزلا

[ثبوت التقدير في الأزل و في الزمان]

فقد ثبت لك التقدير في الأزل كما ثبت لك التقدير في الزمان و أن الزمان متوهم لا وجود له و كذلك الأزل وصف سلبي لا وجود له فإنه ما هو عين اللّٰه و ما ثم إلا اللّٰه و ما هو أمر وجودي يكون غير الحق و يكون الحق مظروفا له فيحصره من كونه ظرفا كما يحصرنا الزمان من كونه ظرفا لنا على الوجه الذي ذكرناه فافهم و بعد أن عرفتك معنى الأوقات فلنرجع و نبين المراد بأوقات العبادات و من العبادات أوقات لصلوات

(فصل في أوقات الصلوات)

[الوقت المعين و غير المعين]

فنقول أوقات الصلاة منها معين و غير معين فغير المعين وقت تذكر الناسي و استيقاظ النائم فإن وقته عند ما يتذكران كان ناسيا أو يستيقظ إن كان نائما و الوقت المعين على قسمين قسم مخلص و قسم مشترك فالمخلص وسط الوقت الموسع في الصلوات كلها و آخر وقت الصبح و أول وقت الظهر فإنه لا يقع فيما ذكرناه اشتراك لصلاة أخرى كما يقع في أواخر الصلوات الأربع و المشترك هو الوقت الذي بين الصلاتين كالظهر و العصر و غيرهما بالخلاف المذكور المعلوم في ذلك عند علمائنا من علماء الشريعة نذكر ذلك في موضعه إن شاء اللّٰه عند كلامنا في أوقات الصلوات كلها صلاة صلاة على التفصيل

[الصلاة ثانية في المرتبة من شهادة التوحيد]

اعتباره قلنا المصلي هو الثاني من السابق في الحلبة و إن الصلاة ثانية في المرتبة من شهادة التوحيد و

قد قال الحق سبحانه قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فجعله في حال الصلاة ثانيا له في القسمة الإلهية فقال في الصلاة مطلقا و ما قيد فرضا من تطوع و قد قلنا إن الوقت منه معين و هو في الاعتبار الفرض و غير معين و هو في الاعتبار التطوع

[العارف هو صاحب الوقت]

فالعارف الذي هو على صلاته دائم و في مناجاته بين يدي ربه قائم في حركاته و سكناته فما عنده وقت معين و لا غير معين بل هو صاحب الوقت و من ليس له هذا المشهد فهو بحسب ما يذكره ربه من الحضور معه غير أن العارف الدائم الحضور إذا لم يفرق بين الأوقات بما يجده من المزيد و الفضل بين ما هو مفروض من ذلك الحضور و بين ما تطوع به من نفسه فهو ناقص المقام كامل الحال لاستصحابه الحضور الدائم فإن الحضور من الأحوال لا الحضور من وجه كذا فإن الحضور من وجه كذا للكمل من الرجال فالأول من أهل الحضور لا فرق عنده بين الوجوه لأنه مستغرق في الحال كاللذة المجهولة عند الإنسان التي لا يعرف سابها و الثاني من أهل الحضور و هو الكامل الدائم الحضور بحكم لوجوه كالواجد للذة بما هي لذة فهو ملتذ دائما و بما هي لذة عن طعم علم أو طعم جماع أو طعم شيء ملائم للمزاج يعلم الذائق ذلك ما بينهن من التمييز و الفرقان فإن أسماء الحق تعالى تختلف على قلوب الأولياء بفنون المعارف مع الآنات و الأنفاس فيجد في كل نفس و زمان علما لم يكن عنده بربه من حيث ما يعطيه ذلك النفس و الزمان من تجلى ذلك الاسم الخاص به

[أوقات العارفين في صلواتهم المعنوية]

و لما قسمنا الأوقات إلى مخلص و مشترك فاعلم أن الوقت في هذا الطريق هو ما أنت به في حالك أي شيء كنت به من حسن و سيئ و معرفة و جهل فلا يرتبط و كذلك الأوقات الزمانية بحسب ما يحدث اللّٰه فيها في حق كل شخص فالمخلص من الأوقات كل اسم إذا ورد عليك لم يقع في حكمه اشتراك و المشترك كل اسم له وجهان فصاعدا فالأول كالحي فإنه مخلص للحياة و كذلك العالم مخلص للعلم و الثاني الذي هو المشترك نظير الوقت المشترك كالاسم الحكيم فإن له وجها إلى العالم و وجها إلى المدبر فإن للاسم الحكيم حكمين حكما على مواضع الأمور و حكم وضعها في مواضعها بالفعل فكم من عالم لا يضع الشيء في موضعه و كم واضع للأشياء في مواضعها بحكم الاتفاق لا عن علم فالحكيم هو العالم بمواضع الأمور و وضعها في أماكنها على بصيرة فمن كان وقته الحكمة كان في الوقت المشترك و من كان في اسم لا يدل إلا على أمر واحد كالقادر و أمثاله كان في الوقت المخلص فهذه أوقات العارفين في صلواتهم المعنوية على مثال أوقاتهم الظاهرة في صلواتهم البدنية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 389
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست