responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 388

خلق اللّٰه الفلك الأطلس و دار لم يتعين اليوم و لا ظهر له عين فإنه مثل ماء الكوز في النهر قبل إن يكون في الكوز فلما فرض فيه لاثني عشر فرضا و وقتت معينة و سماها بروجا في ذلك الفلك و هو قوله تعالى وَ السَّمٰاءِ لعلوها علينا ذٰاتِ الْبُرُوجِ و هي هذه الفروض الموقتة و وقف شخص يدور عليه هذا الفلك و جعل لهذا الشخص بصر عاين بها تلك الفروض بعلامات جعلت له فيها فتميز عنده بعضها عن بعض بتلك العلامات المجعولة دلالات عليها فجعل عينه في فرض منها أعني في العلامة ثم دار الفلك بتلك العلامة المفروضة التي جعل عينه عليها هذا الناظر و غابت عنه و ما برح واقفا في موضعه ذلك حتى انتهت إليه تلك العلامة فعلم عند ذلك أن الفلك قد دار دورة واحدة بالنسبة إلى هذا الناظر لا بالنسبة إلى الفلك فسمينا تلك الدورة يوما

[خلق الشمس في السماء الرابعة]

ثم بعد ذلك خلق اللّٰه في السماء الرابعة من السبع السموات كوكبا نيرا عظيم الجرم سماه باللسان العربي شمسا فطلع له به في نظره ذلك الفلك من خلف حجاب الأرض الذي هذا الناظر عليها فسمى ذلك المطلع مشرقا و الطلوع شروقا لكون ذلك الكوكب المنير طلع منه و أضاء به الجو الذي هذا الناظر فيه فما زال يتبع بصره حركة ذلك الكوكب إلى أن قارنه فسمى تلك القارنة استواء ثم أخذ الكوكب نازلا عن استواءه عند هذا الناظر يطلب جهة اليمين منه لا بالنظر إلى الكوكب في نفسه كما قلنا فسمى أول انفصاله في عين الناظر عن الاستواء زوالا و دلوكا ثم ما زال هذا الناظر يتبعه بصره إلى أن غاب جرم ذلك الكوكب فسمى مغيبه غروبا و الموضع الذي رأى بصره أنه غاب فيه مغربا و أظلم عليه الجو فسمى مدة استنارة الجو من مشرق ذلك الكوكب إلى مغربه نهارا لاتساع النور فيه مأخوذ من النهر الذي هو اتساع الماء في المسيل الذي يجري فيه فما زال الناظر في ظلمة إلى أن طلع الكوكب المسمى شمسا من الموضع الذي سماه مشرقا في عين الناظر من موضع آخر متصل بذلك الموضع الذي شرقت منه أمس المسمى درجة فسمى مدة تلك الظلمة التي بقي فيها من وقت غروب الشمس إلى طلوعها ليلا فكان اليوم مجموع الليل و النهار معا و سمي المواضع التي يطلع منها هذا الكوكب كل يوم درجا ثم نظر إلى هذا الكوكب النير المسمى شمسا ينتقل في تلك الفروض المقدرة في الفلك المحيط درجة درجة حتى يقطع ذلك بشروق تسمى أياما فكلما أكمل قطع فرض من تلك الفروض شرع في قطع فرض آخر إلى أن أكمل الاثني عشر فرضا بالقطع ثم شرع يبتدئ كرة أخرى في قطع تلك الفروض فسمى ابتداء قطع كل فرض إلى انتهاء قطع ذلك الفرض شهرا و سمي قطع تلك الفروض كلها سنة

[الزمان أمر متوهم]

فتبين لك أن الليل و النهار و اليوم و الشهر و السنة هي هذه المعبر عنها بالأوقات و تدق إلى مسمى الساعات و دونها و أن ذلك كله لا وجود له في عينه و أنه نسب و إضافات و إن الموجود إنما هو عين الفلك و الكوكب لا عين الوقت و الزمان و أنها مقدرات فيها أعني الأوقات و تبين لك أن الزمان عبارة عن الأمر المتوهم الذي فرضت فيه هذه الأوقات فالوقت فرض متوهم في عين موجودة و هو الفلك و الكوكب يقطع حركة ذلك الفلك و الكوكب بالفرض المفروض فيه في أمر متوهم لا وجود له يسمى الزمان و قد أبنت لك حقيقة الزمان الذي جعله اللّٰه ظرفا للكائنات المتحيزات الداخلة تحت هذا الفلك الموقت فيه المفروض في عينه تعيين الأوقات ليقال خلق كذا و ظهر كذا في وقت كذا وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسٰابَ وَ كُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنٰاهُ تَفْصِيلاً سبحانه لا إله إلا هو الحكيم القدير

[الأزل للخالق و الزمان للمخلوق]

و بعد أن علمت ما معنى الزمان و الوقت فاعتبره أي جزه و اقطعه إلى معرفة الأزل الذي تنعت به خالقك و تجعله له كالزمان لك و إذا كان الزمان لك بهذه النسبة أمرا نسبيا لا حقيقة له في عينه و أنت محدود مخلوق فالأزل أبعد و أبعد أن يكون حد الوجود اللّٰه في قولك و قول من قال أن اللّٰه تكلم في الأزل و قال في الأزل و قدر في أزله كذا و كذا و يتوهم بالوهم فيه أنه امتداد كما تتوهم امتداد الزمان في حقك فهذا من حكم الوهم لا من حكم العقل و النظر الصحيح فإن مدلول لفظة الأزل إنما هو عبارة عن نفي الأولية لله تعالى أي لا أول لوجوده بل هو عين الأول سبحانه لا بأولية تحكم عليه فيكون تحت إحاطتها و معلولا عنها و فرق بين ما يعطيه و همك و عقلك و أكثر من هذا البسط في هذه المسألة ما يكون

[الحق يقدر الأشياء أزلا و لا يوجدها أزلا]

فالحق سبحانه يقدر الأشياء أزلا و لا يقال يوجد أزلا فإنه محال من وجهين فإن كونه موجدا إنما هو بأن يوجد و لا يوجد ما هو موجود و إنما يوجد ما لم يكن موصوفا لنفسه بالوجود و هو المعدوم فمحال أن يتصف الموجود الذي كان معدوما بأنه موجود أزلا فإنه موجود عن موجود أوجده و الأزل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست