responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 359

و الأعمال الصالحة و الحرص على جمع أسباب سعادته فإن عين الحرص ما يتمكن زواله فالحرص بوجه تكون سعادة الحريص بالحرص و بوجه تكون شقاوة الحريص فلهذا قلنا بالمصرف لا بعين الصفة و على هذا نأخذ جميع الصفات التي علق الذم بها إنما علق الذم بمصارفها لا بأعيانها

[طهارة الباطن و الظاهر في الاغتسال]

فعموم طهارة الباطن و الظاهر في هذا الاغتسال إنما متعلقة مصارف الصفات و لا يعلم مصارف الصفات إلا من يعلم مكارم الأخلاق فيتطهر بها و يعلم سفساف الأخلاق فيتطهر منها و ما خفي منها مما لا يدركه يتلقاه من الشارع و هو كل عمل يرضي اللّٰه فيتطهر به من كل عمل لا يرضيه فيتطهر منه قال اللّٰه تعالى وَ لاٰ يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ و لهذا سقنا في هذا الكتاب أبوابا متقابلة كالتوبة و تركها و الورع و تركه و الزهد و تركه مما سيأتي أبوابه إن شاء اللّٰه تعالى و هي كثيرة

[أحكام الطهارة في الظاهر و الباطن]

و هذه الطهارة أيضا واجبة كالتطهير بإيتاء الزكاة مثلا فهو غسل واجب و كإعطائها للفقراء من ذوي الأرحام و هو مندوب إليه و كتخصيص أهل الدين منهم دون غيرهم من ذوي الأرحام و هو مستحب و هكذا يسرى حكم هذه الطهارة في جميع باطن الإنسان و ظاهره من العلم و الجهل و الكفر و الايمان و الشرك و التوحيد و الإثبات و التعطيل و هكذا في الأعمال كلها المشروعة يطهرها بالموافقة من المخالفة فهذا معنى الاغتسال الواجب منه و غير الواجب و سأورد من تفصيل مسائل هذه الطهارة ما يجري مجرى الأمهات على حسب ما يذكر منها في ظاهر حكم الشرع في الاغتسال بالماء و إنما تفريع هذه الطهارة لا يحصى و لا يسعه كتاب لو ذكرناها مسألة مسألة و قد أعطينا فيها و بينا طريقة الأخذ بها فخذها على ذلك الأنموذج إن أردت أن تكون من عباد اللّٰه الذين اختصهم لخدمته و اصطنعهم لنفسه و رضي عنهم فرضوا عنه جعلنا اللّٰه من العلماء العمال و لا حال بيننا و بين الاستعمال بما يرضيه سبحانه من الأعمال في الأقوال و الأفعال و الأحوال

[الاغتسالات المشروعة المتفق عليها و المختلف فيها]

فأما الاغتسالات المشروعة فمنها ما اتفق على وجوبه و منها ما اختلف في وجوبه و منها ما اتفق على استحبابه و هي اغتسالات كثيرة كالغسل من التقاء الختانين و الغسل من إنزال الماء الدافق على علم و الغسل من إنزاله على غير علم كالذي يجد الماء و لا يذكر احتلاما و الغسل من إنزال الماء الدافق على غير وجه الالتذاذ و الغسل من الحيض و غسل المستحاضة عند الصلوات و غسل يوم الجمعة و الغسل لصلاة الجمعة و الغسل عند الإسلام و الغسل للإحرام و الاغتسال لدخول مكة و الاغتسال للوقوف بعرفة و الاغتسال من غسل الميت و أما الاعتبارات في هذه الأغسال فأنا أذكرها قبل ذكر تفصيل أمهات المسائل المشروعة في الاغتسال بالماء و اعتباراتها فمن ذلك

(باب الاغتسال من غسل الميت)

لما كان الميت شرع غسله و هو لا فعل له إذ كان غيره المكلف بغسله تنبيها لغاسله أن يكون بين يدي ربه في تطهيره بتوفيقه و استعماله في طاعته و ما يجري عليه من أفعال خالقه به و فيه كالميت بين يدي غاسله فلا يرى غسله بهذا الاعتبار بغسله للميت و إنما يرى أن اللّٰه هو مطهره و يرى نفسه كالآلة يفعل بها اللّٰه ذلك الفعل كما يرى الغاسل الماء آلة في تحصيل غسل الميت إذ لو لا الماء ما صح اسم الغاسل لهذا الذي يغسله و الماء لا يتصور منه الدعوى في أنه غسل الميت فإن الماء ما تحرك إليه و لا قصد غسله و إنما قصد بالماء غسل الميت غاسله كذلك الغاسل لا يرى في قصده أنه قصد غسل الميت بالماء و إنما يرى نفسه مع الماء آلتين قصد اللّٰه بهما غسل هذا الميت فالله المطهر لا هو و لا الماء و لكن اللّٰه طهر الميت بالغاسل و بالماء فمثل هذا لا يغتسل من غسل الميت فهذا اعتبار من يرى أنه لا يجب الغسل من غسل الميت

[اعتبار من يرى وجوب الغسل من غسل الميت]

و أما من غسل ميتا و غاب في غسله عن أن اللّٰه هو مطهره و ادعى ذلك الفعل لنفسه و أضافه إليها و رأى أنه لولاه ما طهر هذا الميت وجب عليه أن يغتسل و يتطهر من هذه الدعوى بالتوجه و الحضور مع اللّٰه في المستأنف و التذكر لما غفل عنه من تطهير اللّٰه هذا الميت على يده فمن اعتبر هذا أوجب الاغتسال من غسل الميت

[حكم الاغتسال من غسل الميت في ظاهر حكم الشرع]

و أما حكم الاغتسال من غسل الميت بالماء في ظاهر حكم الشرع فليس مذهبي القول بوجوبه و لكن إن اغتسل من ذلك فهو أولى و أفضل بلا خلاف

(باب الاغتسال للوقوف بعرفة)

[الوقوف بعرفة بصفة الذل و الافتقار و الدعاء و الابتهال]

لما كان الوقوف بعرفة بصفة الذل و الافتقار و الدعاء و الابتهال بالتعري من لباس المخيط و الموضع الذي يقف فيه الحاج

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست