responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 351

طريق الشرع و العمل به فإنه العلم الواسع الذي لا يقبل الشبه لأنه يقلب عينها بالوجه الحق الذي تحمله فيصرفها في موضعها فتكون علما بعد ما كانت بكونها شبهة جهلا

[نور الإيمان الذي تندرج فيه أنوار العلوم]

فإن نور الايمان تندرج فيه أنوار العلوم اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس و طريقه واضحة أيضا في رجوع الشبه علما لأنه يزيل حكمها و يريه نور الايمان وجه الحق فيها فيراها عدما و العدم لا أثر له و لا تأثير في الوجود فاعلم ذلك و اعلم أن نور الايمان هنا عبارة عن أمر الشرع أي ألزم ما قلت لك و أمرتك به سواء وجدت عليه دليلا عقليا أو لم تجد كالإيمان في الجناب الإلهي بالهرولة و الضحك و التبشش و التعجب من غير تكييف و لا تشبيه مع معقولية ذلك من اللسان لكن نجهل النسبة لاستنادنا إلى قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و هي أعني هذه الآية أصل في التنزيه لأهله و أصل في التشبيه لأهله

(باب في الماء تخالطه النجاسة و لم تغير أحد أوصافه)

[اختلاف العلماء في الماء تخالطه النجاسة و لم تغير أحد أوصافه]

اختلف علماء الشريعة في الماء تخالطه النجاسة و لم تغير أحد أوصافه فمن قائل إنه طاهر مطهر سواء كان قليلا أو كثيرا و به أقول إلا أني أقول إنه مطهر غير طاهر في نفسه لأنا نعلم قطعا إن النجاسة خالطته لكن الشرع عفا عنها و لا أعرف هذا القول لأحد و هو معقول و ما عندنا من الشرع دليل إنه طاهر في نفسه لكنه طهور و إن احتجوا علينا

بأن رسول اللّٰه ص قال خلق اللّٰه الماء طهورا لا ينجسه شيء قلنا ما قال إنه طاهر في نفسه و إنما قال فيه إنه طهور و الطهور هو الماء و التراب الذي يطهر غيره

[الماء طاهر في نفسه]

فإنا كما قلنا نعلم قطعا إن الماء حامل النجاسة عقلا و لكن الشارع ما جعل لها أثرا في طهارة الإنسان به و لا سماه نجسا فقد يريد الشارع التعريف بحقيقة الأمر و هو أن الماء في نفسه طاهر بكل وجه أبدا لم يحكم عليه بنجاسة أي أن النجاسة ليست بصفة له و إنما أجزاء النجس تجاور أجزاءه فلما عسر الفصل بين أجزاء البول مثلا و بين أجزاء الماء و كثرت أجزاء النجاسة على أجزاء الماء فغيرت أحد أوصافه منع من الوضوء به شرعا على الحد المعتبر في الشرع و إذا غلبت أجزاء الماء على أجزاء النجاسة فلم يتغير أحد أوصافه لم يعتبرها الشارع و لا جعل لها حكما في الطهارة بها فإنا نعلم قطعا إن المتطهر استعمل الماء و النجاسة معا في طهارته الشرعية و الحكم للشرع في استعمال الأشياء لا للعقل و لم يرد شرع قط بأنه طاهر ليست فيه نجاسة إلا باعتبار ما ذكرناه من عدم تداخل الجواهر و هو أمر معقول فما بقي إلا تجاورها فاعتبر الشرع تلك المجاورة في موضع و لم يعتبرها في موضع فلذلك لم يجز الطهارة به في الموضع الذي اعتبرها و أجاز الطهارة به في الموضع الذي لم يعتبرها و لم يقل فيه إنه ليس فيه نجاسة

[أحكام المياه الأربعة]

فالحكم في الماء على ما ذكرناه على أربع مراتب إذا خالطته النجاسة أو لم تخالطه حكم بأنه طاهر مطهر و حكم بأنه طاهر غير مطهر و حكم بأنه غير مطهر و لا طاهر و حكم بأنه مطهر غير طاهر فالطاهر المطهر هو الماء الذي لم تخالطه نجاسة و الطاهر غير المطهر هو الماء الذي يخالطه ما ليس بنجس بحيث أن يزيل عنه اسم الماء المطلق مثل ماء الزعفران و غيره و حكم بأنه غير طاهر و لا مطهر و هو الماء الذي غيرت النجاسة أحد أوصافه و صاحب هذا الحكم يرد الحديث الذي احتج به علينا فإن الشارع قال لا ينجسه شيء فكيف اعتبره هذا المحتج به هنا و لم يعتبره في الوجه الذي ذهبنا إليه في أنه مطهر غير طاهر و يلزمه ذلك ضرورة و ليس عنده دليل شرعي يرده و الحكم الرابع مطهر غير طاهر و هو الفصل الذي نحن بسبيله فإنه الماء الذي خالطته النجاسة و لم تغير أحد أوصافه و من قائل بالفرق بين القليل و الكثير فقالوا إن كان كثيرا لم ينجس و إن كان قليلا كان نجسا و لم يحد فيه حدا بل قال بأنه ينجس و لو لم يتغير أحد أوصافه

[الاختلاف في حد القليل و الكثير من المياه]

ثم اختلف هؤلاء في الحد بين القليل و الكثير و الخلاف في نفس الحد مشهور في المذاهب لا في نص الشرع الصحيح فإن الأحاديث في ذلك قد تكلم فيها مثل حديث القلتين و حديث الأربعين قلة ثم الخلاف بينهم في حد القلة و يتفرع على هذا الباب مسائل كثيرة مثل ورود الماء على النجاسة و ورود النجاسة على الماء و البول في الماء الدائم و غير ذلك و للناس في ذلك مذاهب كثيرة ليس هذا الكتاب موضعها فإنا ما قصدنا استقصاء جميع ما يتعلق من الأحكام بهذه الطهارة من جهة تفريع المسائل و إنما القصد الأمهات منها لأجل الاعتبار فيها بحكم الباطن فجردنا في هذا الباب نحوا من ثمانين بابا نذكرها إن شاء اللّٰه كلها بابا بابا و هكذا أفعل إن شاء اللّٰه في سائر العبادات التي عزمنا على ذكرها في هذا الكتاب من صلاة و زكاة و صيام و حج و اللّٰه المؤيد لا رب غيره

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست