responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 296

ملكا فحفظه لملكه حفظه لبقاء اسم الملك عليه و إن كان كما قال فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ فما جاء باسم الملك فإن أسماء الإضافة لا تكون إلا بالمضاف فكل سلطان لا ينظر في أحوال رعيته و لا يمشي بالعدل فيهم و لا يعاملهم بالإحسان الذي يليق بهم فقد عزل نفسه في نفس الأمر و يقول الفقهاء إن الحاكم إذا فسق أو جار فقد انعزل شرعا و لكن عندنا انعزل شرعا فيما فسق فيه خاصة لأنه ما حكم بما شرع له أن يحكم به فقد أثبتهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ولاة مع جورهم فقال عليه السلام فينا و فيهم فإن عدلوا فلكم و لهم و إن جاروا فلكم و عليهم و نهى أن نخرج يدا من طاعة و ما خص بذلك واليا من وال فلذلك زدنا في عزله شرعا إنما ذلك فيما فسق فيه فالملك مأمور أن يحفظ نفسه من الخروج مما حد له من الأحكام في رعاياه و في نفسه فإنه وال على نفسه كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته فالإنسان راع على نفسه فما زاد و لذلك قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا الحديث فمن لم يف لمن بايعه بما بايعه عليه فقد عزل نفسه و ليس بملك و إن كان حاكما فما كل حاكم يكون سلطانا فإن السلطان من تكون له الحجة لا عليه و لهذا جعل اللّٰه الأفلاك تدور علينا كل يوم دورة لتنظر الولاة ما تدعو حاجة الخلق إليهم فيسدون الخلل و ينفذون أحكام اللّٰه تعالى من كونه مريدا في خلقه لا من كونه آمرا فينفذون أحكامه التي أمرهم سبحانه أن ينفذوها فيهم و هو القضاء و القدر في أزمان مختلفة فكل شيء بقضاء و قدر حتى العجز و الكيس و كل صغير و كبير مستطر في اللوح المحفوظ فما فيه إلا ما يقع و لا ينفذ هؤلاء الولاة في العالم إلا ما فيه و اللّٰه على كل شيء رقيب و مع هذا كله فإن اللّٰه له مع كل واحد من المملكة أمر خاص في نفسه يعلمه الولاة و الحجاب و النقباء فهم لا يفقدون مشاهدة ذلك الوجه ذلك ليعلموا أن اللّٰه قَدْ أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً و أنه رقيب على كل نفس بما كسبت و إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ

[الملائكة المسخرة تحت أيدى الملائكة الولاة]

و لما جعل اللّٰه زمام هذه الأمور بأيدي هؤلاء الجماعة من الملائكة و أقعد من أقعد منهم في برجه و مسكنه الذي فيه تخت ملكه و أنزل من أنزل من الحجاب و النقباء إلى منازلهم في سماواتهم و جعل في كل سماء ملائكة مسخرة تحت أيدي هؤلاء الولاة و جعل تسخيرهم على طبقات فمنهم أهل العروج بالليل و النهار من الحق إلينا و منا إلى الحق في كل صباح و مساء و ما يقولون إلا خيرا في حقنا و منهم المستغفرون لمن في الأرض و منهم المستغفرون للمؤمنين لغلبة الغيرة الإلهية عليهم كما غلبت الرحمة على المستغفرين لِمَنْ فِي الْأَرْضِ و منهم الموكلون بإيصال الشرائع و منهم أيضا الموكلون باللمات و منهم الموكلون بالإلهام و هم الموصلون العلوم إلى القلوب و منهم الموكلون بالأرحام و منهم الموكلون بتصوير ما يكون اللّٰه في الأرحام و منهم الموكلون بنفخ الأرواح و منهم الموكلون بالأرزاق و منهم الموكلون بالأمطار و لذلك قالوا وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ و ما من حادث يحدث اللّٰه في العالم إلا و قد و كل اللّٰه بإجرائه ملائكة و لكن بأمر هؤلاء الولاة من الملائكة كما منهم أيضا الصافات و الزاجرات و التاليات و المقسمات و المرسلات و الناشرات و النازعات و الناشطات و السابقات و السابحات و الملقيات و المدبرات و مع هذا فما يزالون تحت سلطان هؤلاء الولاة إلا الأرواح المهيمة فهم خصائص اللّٰه و من دونهم فإنهم ينفذون أوامر اللّٰه في خلقه ثم إن العامة ما تشاهد إلا منازلهم و الخاصة يشهدونهم في منازلهم كما أيضا تشاهد العامة أجرام الكواكب و لا تشاهد أعيان الحجاب و لا النقباء

[الرقائق و المناسبات بين عالم العناصر و الولاة في الأفلاك]

و جعل اللّٰه في العالم العنصري خلقا من جنسهم فمنهم الرسل و الخلفاء و السلاطين و الملوك و ولاة أمور العالم و جعل اللّٰه بين أرواح هؤلاء الذين جعلهم اللّٰه ولاة في الأرض من أهلها بينهم و بين هؤلاء الولاة في الأفلاك مناسبات و رقائق تمتد إليهم من هؤلاء الولاة بالعدل مطهرة من الشوائب مقدسة عن العيوب فتقبل أرواح هؤلاء الولاة الأرضيين منهم بحسب استعداد أنهم فمن كان استعداده قويا حسنا قبل ذلك الأمر على صورته طاهرا مطهرا فكان والي عدل و إمام فضل و من كان استعداده رديئا قبل ذلك الأمر الظاهر و رده إلى شكله من الرداءة و القبح فكان والي جور و نائب ظلم و بخل فلا يلومن إلا نفسه فقد أبنت لك سلطنة العالم العلوي على العالم السفلي و كيف رتب اللّٰه ملكه هذا الترتيب العجيب و ما ذكرنا من ذلك إلا الأمهات لا غير يقول اللّٰه تعالى وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا و قال يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ و يكفي هذا القدر من هذا الباب وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و في كتاب التنزلات الموصلية ذكرنا حديث هؤلاء الولاة و النواب و الحجاب و ما ولاهم اللّٰه عليه من التأثير في العالم العنصري

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست