responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 297

الروحاني من ذلك ما تعرضنا لما تعطيه من الطبيعة و الأمور البدنية و تكلمنا فيها على كل ما ذكرناه مفصلا في باب يوم الأحد و هو باب الإمام و بينا ما بيد كل نائب من السبعة النقباء في باب يوم الأحد و سائر الأيام إلى يوم السبت و بينا مقامات أرواح الأنبياء عليهم السلام في ذلك و جعلنا هذه الألقاب الروحانية لأرواح الأنبياء عليهم السلام و بينا مراتبهم في الرؤية و الحجاب يوم القيامة و ما يتكلمون به في أتباعهم من أهل السعادة و الشقاء و ذلك منه في باب يوم الإثنين بلسان آدم و ترجمة القمر و جاء بديعا في شأنه و اللّٰه المؤيد و الموفق لا رب غيره

(الباب الحادي و الستون في معرفة جهنم و أعظم المخلوقات فيها عذابا و معرفة بعض العالم العلوي)



إن السماء تعود رتقا مثل ما كانت و أنجمها يزول ضياؤها
هذا لينصفك المقيم بأرضها و عليه قام عمادها و بناؤها
فأشد خلق اللّٰه آلاما بها من كان منها خلقه فسماؤها
تكسوه حلة ناره من نورها فلذاك يعظم في النفوس بلاؤها

[جهنم سجن المعطلة و حصير الكفرة]

اعلم عصمنا اللّٰه و إياك أن جهنم من أعظم المخلوقات و هي سجن اللّٰه في الآخرة يسجن فيه المعطلة و المشركون و هي لهاتين الطائفتين دار مقامة و الكافرون و المنافقون و أهل الكبائر من المؤمنين قال تعالى وَ جَعَلْنٰا جَهَنَّمَ لِلْكٰافِرِينَ حَصِيراً ثم يخرج بالشفاعة ممن ذكرنا و بالامتنان الإلهي من جاء النص الإلهي فيه و سميت جهنم جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر و هي تحوي على حرور و زمهرير ففيها البرد على أقصى درجاته و الحرور على أقصى درجاته و بين أعلاها و قعرها خمس و سبعون مائة من السنين

[هل خلقت جهنم أم لم تخلق بعد]

و اختلف الناس في خلقها هل خلقت بعد أم لم تخلق و الخلاف مشهور فيها و كل واحد من الطائفتين يحتج فيما ذهب إليه بما يراه حجة عنده و كذلك اختلفوا في الجنة و أما عندنا و عند أصحابنا أهل الكشف و التعريف فهما مخلوقتان غير مخلوقتين فأما قولنا مخلوقة فكرجل أراد أن يبني دارا فأقام حيطانها كلها الحاوية عليها خاصة فيقال قد بنى دارا فإذا دخلها لم ير إلا سورا دائرا على فضاء و ساحة ثم بعد ذلك ينشئ بيوتها على أغراض الساكنين فيها من بيوت و غرف و سراديب و مهالك و مخازن و ما ينبغي أن يكون فيها مما يريده الساكن أن يجعل فيها من الآلات التي تستعمل في عذاب الداخل فيها

[حرور جهنم و وقودها]

و هي دار حرورها هواء محترق لا جمر لها سوى بنى آدم و الأحجار المتخذة آلهة و الجن لهبها قال تعالى وَقُودُهَا النّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ و قال إِنَّكُمْ وَ مٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ و قال تعالى فَكُبْكِبُوا فِيهٰا هُمْ وَ الْغٰاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ و تحدث فيها الآلات بحدوث أعمال الجن و الإنس الذين يدخلونها

[جهنم أوجدها اللّٰه بطالع الثور]

و أوجدها اللّٰه بطالع الثور و لذلك كان خلقها في الصورة صورة الجاموس سواء هذا الذي يعول عليه عندنا و بهذه الصورة رآها أبو الحكم بن برجان في كشفه و قد تمثل لبعض الناس من أهل الكشف في صورة حية فيتخيل إن تلك الصورة هي التي خلقها اللّٰه عليها كأبي القاسم بن قسي و أمثاله و لما خلقها اللّٰه تعالى كان زحل في الثور و كانت الشمس و الأحمر في القوس و كان سائر الدراري في الجدي و خلقها اللّٰه تعالى من تجلى

قوله في حديث مسلم جعت فلم تطعمني و ظمئت فلم تسقني و مرضت فلم تعدني و هذا أعظم نزول نزله الحق إلى عباده في اللطف بهم فمن هذه الحقيقة خلقت جهنم أعاذنا اللّٰه و إياكم منها فلذلك تجبرت على الجبابرة و قصمت المتكبرين

[آلام جهنم من صفة الغضب الإلهي النازل بأهلها]

و جميع ما يخلق فيها من الآلام التي يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الإلهي و لا يكون ذلك إلا عند دخول الخلق فيها من الجن و الإنس متى دخلوها و أما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم فيها في نفسها و لا في نفس ملائكتها بل هي و من فيها من زبانيتها في رحمة اللّٰه منغمسون ملتذون يسبحون لاٰ يَفْتُرُونَ يقول تعالى وَ لاٰ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوىٰ أي ينزل بكم غضبي فأضاف الغضب إليه و إذا نزل بهم كانوا محلا له و جهنم إنما هي مكان لهم و هم النازلون فيها و هم محل الغضب و هو النازل بهم فإن الغضب هنا هو عين الألم فمن لا معرفة له ممن يدعي طريقتنا و يريد أن يأخذ الأمر بالتمثيل و القوة و المناسبة في الصفات فيقول إن جهنم مخلوقة من القهر الإلهي و إن الاسم القاهر هو ربها و المتحلي لها و لو كان الأمر كما قاله لشغلها ذلك بنفسها عما وجدت له من التسلط على الجبابرة و لم يتمكن لها أن تقول

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست