responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 254

الوهب لا علم الكسب فإنه لو أراد اللّٰه العلم المكتسب لم يقل أُوتِيتُمْ بل كان يقول أوتيتم الطريق إلى تحصيله لا هو و كان يقول في خضر وَ عَلَّمْنٰاهُ طريق اكتساب العلوم لم يقل شيئا من هذا و نحن نعلم أن ثم علما اكتسبناه من أفكارنا و من حواسنا و ثم علما لم نكتسبه بشيء من عندنا بل هبة من اللّٰه عز و جل أنزله في قلوبنا و على أسرارنا فوجدناه من غير سبب ظاهر و هي مسألة دقيقة فإن أكثر الناس يتخيلون أن العلوم الحاصلة عن التقوى علوم وهب و ليست كذلك و إنما هي علوم مكتسبة بالتقوى فإن التقوى جعلها اللّٰه طريقا إلى حصول هذا العلم فقال إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً و قال وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ كما جعل الفكر الصحيح سببا لحصول العلم لكن بترتيب المقدمات كما جعل البصر سببا لحصول العلم بالمبصرات و العلم الوهبي لا يحصل عن سبب بل من لدنه سبحانه فاعلم ذلك حتى لا تختلط عليك حقائق الأسماء الإلهية فإن الوهاب هو الذي تكون أعطياته على هذا الحد بخلاف الاسم الإلهي الكريم و الجواد و السخي فإنه من لا يعرف حقائق الأمور لا يعرف حقائق الأسماء الإلهية و من لا يعرف حقائق الأسماء الإلهية لا يعرف تنزيل الثناء على الوجه اللائق به فلهذا نبهتك لتنتبه فلا تكونن من الجاهلين

[النبوات كلها علوم وهبية لا مكتسبة]

فالنبوات كلها علوم وهبية لأن النبوة ليست مكتسبة فالشرائع كلها من علوم الوهب عند أهل الإسلام الذين هم أهله و أريد بالاكتساب في العلوم ما يكون للعبد فيه تعمل كما إن الوهب ما ليس للعبد فيه تعمل و إنما قلنا هذا من أجل الاستعدادات التي جعلت العالم يقبل هذا العلم الوهبي و الكسبي فإنه لا بد من الاستعداد فإن وجد بعض الاستعدادات مما يتعمل الإنسان في تحصيلها كان العلم الحاصل عنها مكتسبا كمن عمل بما علم فأورثه اللّٰه علم ما لم يكن يعلم و أشباه ذلك فالشرائع كلها علوم وهبية و ممن حصل علوم وهب مما ليس بشرع جماعة قليلة من الأولياء منهم الخضر على التعيين فإنه قال من لدنه و الذي عرفناه من الأنبياء عليهم السلام آدم و الياس و زكريا و يحيى و عيسى و إدريس و إسماعيل و إن كان قد حصله جميع الأنبياء عليهم السلام و لكن ما ذكرنا منهم إلا من حصل لنا التعريف به و سموا لنا من الوجه الذي نأخذ عن اللّٰه تعالى منه فلهذا سمينا هؤلاء و لم نذكر غيرهم فأما قوله تعالى وَ مٰا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّٰ قَلِيلاً فليس بنص في الوهب و لكن له وجهان وجه يطلبه أوتيتم و وجه يطلبه قليلا من الاستقلال أي ما أعطيتم من العلم إلا ما تستقلون نجمله و ما لا تطيقونه ما أعطيناكموه فإنكم ما تستقلون به فيدخل في هذا العطاء علوم النظر فإنها علوم تستقل العقول بإدراكها

[العلم المحدث و تعلقه بما لا يتناهي من المعلومات]

و اختلف أصحابنا في العلم المحدث هل يتعلق بما لا يتناهى من المعلومات أم لا فمن منع أن تعرف ذات اللّٰه منع من ذلك و من لم يمنع من ذلك لم يمنع حصوله و لكن ما نقل إلينا إنه حصل لأحد في الدنيا و ما أدري في الآخرة ما يكون فإنا قد علمنا أن محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم قد علم علم الأولين و الآخرين و قد قال صلى اللّٰه عليه و سلم عن نفسه إنه يحمد اللّٰه غدا يوم القيامة بمحامد عند ما يطلب من اللّٰه عز و جل فتح باب الشفاعة أخبر أن اللّٰه تعالى يعلمه إياها في ذلك الوقت لا يعلمها الآن فلو علمها غيره لم يصدق

قوله علمت علم الأولين و الآخرين و هو صلى اللّٰه عليه و سلم الصادق في قوله فحصل من هذا إن أحدا لم يتعلق علمه بما لا يتناهى و لهذا ما تكلم الناس إلا في إمكانه هل يمكن أم لا و ما كل ممكن واقع و وقوع الممكنات من المسائل المغلقة و كيف يكون ثم ممكن و لا يقع و هو المعقول عندنا في كل وقت فإن ترجيح أحد الممكنين أو الممكنات يمنع من وقوع ما ليس بمرجح في الحال فإن كان الذي لم يقع في الوجود من الممكنات مرجحا عدم وقوعه في الوجود فيكون عدمه مرجحا فقد وقع الممكن فإنه لا يلزم فيه من حيث الإمكان إلا اتصافه بكونه مرجحا سواء ترجح عدمه أو وجوده و إذا كان كذلك فقد وقع كل ممكن بلا شك و إن لم تتناه الممكنات فإن الترجيح ينسحب عليها و هي مسألة دقيقة فإن الممكنات و إن كانت لا تتناهى و هي معدومة فإنها عندنا مشهودة للحق عز و جل من كونه يرى فإنا لا نعلل الرؤية بالوجود و إنما نعلل الرؤية للأشياء بكون المرئي مستعد القبول تعلق الرؤية به سواء كان معدوما أو موجودا و كل ممكن مستعد للرؤية فالممكنات و إن لم تتناه فهي مرئية لله عز و جل لا من حيث نسبة العلم بل من نسبة خري تسمى رؤية كانت ما كانت قال تعالى أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ و لم يقل هنا أ لم يعلم بأن اللّٰه يعلم و قال تَجْرِي بِأَعْيُنِنٰا أي بحيث نراها و قال أيضا لموسى و هارون إِنَّنِي مَعَكُمٰا أَسْمَعُ وَ أَرىٰ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الرابع و العشرون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست