responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 255

(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(الباب السابع و الأربعون)
في معرفة أسرار وصف المنازل السفلية

و مقاماتها و كيف يرتاح العارف عند ذكره بدايته فيحن إليها مع علو مقامه و ما السر الذي يتجلى له حتى يدعوه إلى ذلك

و لما رأيت الحق بالأول اتصف أتيت إلى بحر البداية اغترف
بلذة ظمئان لا شرب شربة فيشهدني في غاية الحال اعترف
فيا بردها من شربة مستلذة على كبد حراء فاعمل لها وقف
فإن لذاك الشرب في القلب لذة ترى ربها في الوقت بالعجب يتصف
و لا يحجبنه عجبه عن شهوده و لا ما يرى فيه من الزهو و الصلف
فإن له فيمن تقدم أسوة فما خلف إلا و مثل لها سلف
وراثة مختار و نعت محقق بأسماء حق بالحقيقة مكتنف
و إن نهايات الرجال بداية لقوم أتوا من بعدهم ما لهم خلف
كمثل رسول اللّٰه في طوره فما له خلف بل عنده الأمر قد وقف

[العالم أكرى الشكل و لهذا حن الإنسان في نهايته إلى بدايته]

اعلم أن العالم لما كان أكرى الشكل لهذا حن الإنسان في نهايته إلى بدايته فكان خروجنا من العدم إلى الوجود به سبحانه و إليه نرجع كما قال عز و جل وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ و قال وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّٰهِ و قال وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ و إِلَى اللّٰهِ عٰاقِبَةُ الْأُمُورِ أ لا تراك إذا بدأت وضع دائرة فإنك عند ما تبتدئ بها لا تزال تديرها إلى أن تنتهي إلى أولها و حينئذ تكون دائرة و لو لم يكن الأمر كذلك لكنا إذا خرجنا من عنده خطا مستقيما لم نرجع إليه و لم يكن يصدق قوله و هو الصادق وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و كل أمر و كل موجود فهو دائرة يعود إلى ما كان منه بدؤه و أن اللّٰه تعالى قد عين لكل موجود مرتبته في علمه فمن الموجودات من خلقت في مراتبها و وقفت و لم تبرح فلم يكن لها بداية و لا نهاية بل يقال وجدت فإن البدء ما تعقل حقيقته إلا بظهور ما يكون بعده مما ينتقل إليه و هذا ما انتقل فعين بدئه هو عين وجوده لا غير و من الموجودات ما كان وجودها أولا في مراتبها ثم نزل بها إلى عالم طبيعتها و هي الأجسام المولدة من العناصر و لا كلها بل أجسام الثقلين

[الداعي المقام في كل مرتبة يدعو الموجودات إليها]

و أقام اللّٰه لها في تلك المرتبة المعينة لها التي أنزلت منها على غير علم منها بها داعيا يدعو كل شخص إليها فلا يزال يرتقي بالأعمال الصالحة حتى يصل إليها أو يطلبها بالأعمال التي لا يرتضيها الحق فداعي الحق إذا قام بقلب العبد إنما يدعوه من مقامه الذي تكون غايته إليه إذا سلك و لما كان كل وارد ملذوذا لذيذا فإنه جديد غريب لطيف لهذا يحن إليه دائما و من ذلك حب الأوطان قال ابن الرومي

و حبب أوطان الرجال إليهمو مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمو عهود الصبي فيها فحنوا لذلكا
و لما لم يتمكن للتائب أن يرد عليه وارد التوبة إلا حتى ينتبه من سنة الغفلة فيعرف ما هو فيه من الأعمال التي مالها إلى هلاكه و عطبه خاف و رأى أنه في أسر هواه و أنه مقتول بسيف أعماله القبيحة فقال له حاجب الباب قد رسم الملك أنك إذا أقلعت عن هذه المخالفات و رجعت إليه و وقفت عند حدوده و مراسمه أنه يعطيك الأمان من عقابه و يحسن إليك و يكون من جملة إحسانه أن كل قبيح أتيته ترد صورته حسنة

[التوقيعات الإلهية الثلاثة]

ثم أعطاه التوقيع الإلهي فإذا فيه مكتوب بسم اللّٰه الرحمن الرحيم اَلَّذِينَ لاٰ يَدْعُونَ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ وَ لاٰ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّٰهُ إِلاّٰ بِالْحَقِّ وَ لاٰ يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً يُضٰاعَفْ لَهُ الْعَذٰابُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً إِلاّٰ مَنْ تٰابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صٰالِحاً فَأُوْلٰئِكَ يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ و لما قرأ وحشي هذا التوقيع قال و من لي بأن أوفق إلى العمل الصالح الذي اشترطه علينا في التبديل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست