responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 206

قرنا به الإرادة دون الأمر و لما كان التحرك أمرا وجوديا لذلك قرنا به الأمر الإلهي إن فهمت و هم رضي اللّٰه عنهم لا يزاحمون و لا يزاحمون أكثر ما يجري على ألسنتهم ما شاء اللّٰه سخرت لهم السحاب لهم القدم الراسخة في علم الغيوب لهم في كل ليلة معراج روحاني بل في كل نومة من ليل أو نهار لهم استشراف على بواطن العالم فرأوا ملكوت السموات و الأرض يقول اللّٰه تعالى وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ و قال في حق رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بٰارَكْنٰا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيٰاتِنٰا و هو عين إسرائه و العلماء ورثة الأنبياء أحوالهم الكتمان لو قطعوا إربا إربا ما عرف ما عندهم لهذا قال خضر مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي فالكتمان من أصولهم إلا أن يؤمروا بالإفشاء و الإعلان وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثاني و الثلاثون في معرفة الأقطاب المدبرين أصحاب الركاب من الطبقة الثانية)



إن التدبر معشوق لصاحبه به تعشقت الأسماء و الدول
عليه عند الذي يقضي سوالفه في كل ما يقتضيه كونه العمل
به ترتب ما في الكون من عجب فكل كون له في علمه أجل

[الركبان المدبرون في إشبيلية]

لقيت من هؤلاء الطبقة جماعة بإشبيلية من بلاد الأندلس منهم أبو يحيى الصنهاجى الضرير كان يسكن بمسجد الزبيدي صحبته إلى أن مات و دفن بجبل عال كثير الرياح بالشرق فكل الناس شق عليهم طلوع الجبل لطوله و كثرة رياحه فسكن اللّٰه الريح فلم تهب من الوقت الذي وضعناه في الجبل و أخذ الناس في حفر قبره و قطع حجره إلى أن فرغنا منه و واريناه في روضته و انصرفنا فعند انصرافنا هبت الريح على عادتها فتعجب الناس من ذلك و منهم أيضا صالح البربري و أبو عبد اللّٰه الشرفي و أبو الحجاج يوسف الشبربلي فأما صالح فساح أربعين سنة و لزم بإشبيلية مسجد الرطند إلى أربعين سنة على التجريد بالحالة التي كان عليها في سياحته و أما أبو عبد اللّٰه الشرفي فكان صاحب خطوة بقي نحوا من خمسين سنة ما أسرج له سراجا في بيته رأيت له عجائب و أما أبو الحجاج الشبر بلي من قرية يقال لها شبربل بشرق إشبيلية كان ممن يمشي على الماء و تعاشره الأرواح و ما من واحد من هؤلاء إلا و عاشرته معاشرة مودة و امتزاج و محبة منهم فينا و قد ذكرناهم مع أشياخنا في الدرة الفاخرة عند ذكرنا من انتفعت به في طريق الآخرة

[الآيات المعتادة و غير المعتادة]

فكان هؤلاء الأربعة من أهل هذا المقام و هم من أكابر الأولياء الملامية جعل بأيديهم علم التدبير و التفصيل فلهم الاسم المدبر المفصل و هجيرهم يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ هم العرائس أهل المنصات فلهم الآيات المعتادة و غير المعتادة فالعالم كله عندهم آيات بينات و العامة ليست الآيات عندهم إلا التي هي عندهم غير معتادة فتلك تنبههم إلى تعظيم اللّٰه و اللّٰه قد جعل الآيات المعتادة لأصناف مختلفين من عباده فمنها للعقلاء مثل قوله تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلاٰفِ اللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمٰا يَنْفَعُ النّٰاسَ وَ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ السَّمٰاءِ مِنْ مٰاءٍ فَأَحْيٰا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهٰا وَ بَثَّ فِيهٰا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّيٰاحِ وَ السَّحٰابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ لَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فثم آيات للعقلاء كلها معتادة و آيٰاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وآيات لِأُولِي الْأَلْبٰابِ و آيات لِأُولِي النُّهىٰ و آيات للسامعين و هم أهل الفهم عن اللّٰه و آيات للعالمين و آيات للعالمين و آيات للمؤمنين و آيات للمتفكرين و آيات لأهل التذكر فهؤلاء كلهم أصناف نعتهم اللّٰه بنعوت مختلفة و آيات مختلفات كلها ذكرها لنا في القرآن إذا بحثت عليها و تدبرتها علمت أنها آيات و دلالات على أمور مختلفة ترجع إلى عين واحدة غفل عن ذلك أكثر الناس و لهذا عدد الأصناف

[أصناف الخلق في إدراك الآيات المعتادة]

فإن من الآيات المذكورة المعتادة ما يدرك الناس دلالتها من كونهم ناسا و جنا و ملائكة و هي التي وصف بإدراكها العالم بفتح اللام و من الآيات ما تغمض بحيث لا يدركها إلا من له التفكر السليم و من الآيات ما هي دلالتها مشروطة بأولي الألباب و هم العقلاء الناظرون في لب الأمور لا في قشورها فهم الباحثون عن المعاني و إن كانت الألباب و النهي العقول فلم يكتف سبحانه بلفظة العقل حتى ذكر الآيات لأولي الألباب فما كل عاقل ينظر في لب الأمور و بواطنها فإن أهل الظاهر لهم عقول بلا شك و ليسوا بأولي الألباب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست