responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 205

المرض لا تقبله النفوس بخلاف الموت فإن الفضلاء من العقلاء العارفين يطلبون الموت للتخلص من هذا الحبس و تطلبه الأنبياء للقاء اللّٰه الذي يتضمنه و كذلك أهل اللّٰه و لذلك ما خير نبي في الموت إلا اختاره لأن فيه لقاء اللّٰه فهو نعمة منه عليه و منة و المرض شغل شاغل عن أداء ما أوجب اللّٰه على العبد أداءه من حقوق اللّٰه لإحساسه بالألم و هو في محل التكليف و ما يحس بالألم إلا الروح الحيواني فيشغل الروح المدبر لجسده عما دعي إليه في هذه الدنيا فلهذا أضاف المرض إليه و الشفاء و الموت للحق كما فعل صاحب موسى عليه السلام في إضافة خرق السفينة إليه إذ جعل خرقها عيبا و أضاف قتل الغلام إليه و إلى ربه لما فيه من الرحمة بابويه و ما ساءهما من ذلك أضافه إليه و أضاف إقامة الجدار إلى ربه لما فيه من الصلاح و الخير فقال تعالى عن عبده خضر في خرق السفينة فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهٰا تنزيها أن يضيف إلى الجناب العالي ما ظاهره ذم في العرف و العادة و قال في إقامة الجدار لما جعل إقامته رحمة باليتيمين لما يصيبانه من الخير الذي هو الكنز فَأَرٰادَ رَبُّكَ يخبر موسى عليه السلام أَنْ يَبْلُغٰا أَشُدَّهُمٰا وَ يَسْتَخْرِجٰا كَنزَهُمٰا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ و قال لموسى في حق الغلام إنه طبع كافرا و الكفر صفة مذمومة قال تعالى وَ لاٰ يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ و أراد أن يخبره بأن اللّٰه يبدل أبويه خَيْراً مِنْهُ زَكٰاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً فأراد أن يضيف ما كان في المسألة من العيب في نظر موسى ع حيث جعله نكرا من المنكر و جعله نفسا زاكية قتلت بِغَيْرِ نَفْسٍ قال فَأَرَدْنٰا أَنْ يُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا فأتى بنون الجمع فإن في قتله أمرين أمر يؤدي إلى الخير و أمر إلى غير ذلك في نظر موسى و في مستقر العادة فما كان من خير في هذا الفعل فهو لله من حيث ضمير النون و ما كان فيه من نكر في ظاهر الأمر و في نظر موسى عليه السلام في ذلك الوقت كان للخضر من حيث ضمير النون فنون الجمع لها وجهان لما فيها من الجمع وجه إلى الخير به أضاف الأمر إلى اللّٰه و وجه إلى العيب به أضاف العيب إلى نفسه و جاء بهذه المسألة و الواقعة في الوسط لا في الطرف بين السفينة و الجدار ليكون ما فيها من عيب من جهة السفينة و ما فيها من خير من جهة الجدار فلو كانت مسألة الغلام في الطرف ابتداء أو انتهاء لم تعط الحكمة أن يكون كل وجه مخلصا من غير أن يشوبه شيء من الخير أو ضده فلو كان أولا و كانت السفينة وسط لم يصل ما في مسألة الغلام من الخير الذي له و لأبويه حتى يمر على حضرة مصيبة ظاهرا و هي السفينة و حينئذ يتصل بالخير الذي في الجدار و لو كان الجدار وسطا و تأخر حديث الغلام لم يصل عيب السفينة إلى الاتصال بعيب الغلام حتى يمر بخير ما في الجدار فيمر بغير المناسب و من شأن الحضرات أن تقلب أعيان الأشياء أعني صفاتها إذا مرت بها فكانت مسألة الغلام وسطا فيلي وجه العيب جهة السفينة و يلي جهة الخير جهة الجدار و استقامت الحكمة فإن قلت فلم جمع بين اللّٰه و بين نفسه في ضمير النون أعني نون فأردنا و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم لما سمع بعض الخطباء و قد جمع بين اللّٰه تعالى و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ضمير واحد في قوله و من يعصهما بئس الخطيب أنت فاعلم أنه من الباب الذي قررناه و هو أنه لا يضاف إلى الحق إلا ما أضافه الحق إلى نفسه أو أمر به رسوله أو من آتاه علما من لدنه كالخضر المنصوص عليه فهذا من ذلك الباب فلما كان هذا الخطيب عريا من العلم اللدني و لم يكن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم تقدم إليه في إباحة مثل هذا لهذا ذمه و قال بئس الخطيب أنت فإنه كان ينبغي له أن لا يجمع بين الحق و الخلق في ضمير واحد إلا بإذن إلهي من رسول أو علم لدني و لم يكن واحد من هذين الأمرين عنده فلهذا ذمه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و

قد قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في حديث رويناه عنه في خطبة خطبها فذكر اللّٰه تعالى فيها و ذكر نفسه صلى اللّٰه عليه و سلم ثم جمع بين ربه تعالى و بين نفسه فيها في ضمير واحد فقال مَنْ يُطِعِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فقد رشد و من يعصهما فلا يضر إلا نفسه و لا يضر اللّٰه شيئا وَ مٰا يَنْطِقُ صلى اللّٰه عليه و سلم عَنِ الْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ و كذا قال الخضر وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي يعني جميع ما فعله من الأعمال و جميع ما قال من الأقوال في العبارة لموسى عليه السلام عن ذلك فافهم

[الركبان مرادون لا مريدون]

فبهذا قد أبنت لك عن أصولهم ما فيه كفاية فالركبان هم المرادون المجذوبون المصونة أسرارهم في البيض فلا يتخللها هواء مثل القاصرات الطرف من الحور المقصورات في الخيام كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ

[صفات الركبان]

و من صفاتهم أنهم لا يكشفون وجوههم عند النوم و لا ينامون إلا على ظهورهم لهم التلقي لا يتحركون إلا عن أمر إلهي و لا يسكنون إلا كذلك بإرادة إرادتهم ما يراد بهم و لما كان السكون أمرا عدميا لذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست