responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 164

(أَنْ لَوْ يَشٰاءُ اللّٰهُ)لَهَدَى النّٰاسَ جَمِيعاً فكان حكم هذه المشيئة في الدنيا بالتكليف و أما في الآخرة فالحكم لقوله يَفْعَلُ مٰا يُرِيدُ فمن يقدر أن يدل على أنه لم يرد إلا تسرمد العذاب على أهل النار و لا بد أو على واحد في العالم كله حتى يكون حكم الاسم المعذب و المبلى و المنتقم و أمثاله صحيحا و الاسم المبلى و أمثاله نسبة و إضافة لا عين موجودة و كيف تكون الذات الموجودة تحت حكم ما ليس بموجود فكل ما ذكر من قوله لو شاء و لئن شئنا لأجل هذا الأصل فله الإطلاق و ما ثم نص يرجع إليه لا يتطرق إليه احتمال في تسرمد العذاب كما لنا في تسرمد النعيم فلم يبق إلا الجواز و أنه رحمن الدنيا و الآخرة فإذا فهمت ما أشرنا إليه قل تشعيبك بل زال بالكلية

«مسألة» [إطلاق الجواز على اللّٰه]

إطلاق الجواز على اللّٰه تعالى سوء أدب مع اللّٰه و يحصل المقصود بإطلاق الجواز على الممكن و هو الأليق إذ لم يرد به شرع و لا دل عليه عقل فافهم و هذا القدر كاف فإن العلم إلهي أوسع من أن يستقصي وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثامن عشر»
في معرفة علم المتهجدين

و ما يتعلق به من المسائل و مقداره في مراتب العلوم و ما يظهر منه من العلوم في الوجود

علم التهجد علم الغيب ليس له في منزل العين إحساس و لا نظر
إن التنزل يعطيه و إن له في عينه سورا تعلو به صور
فإن دعاه إلى المعراج خالقه بدت له بين أعلام العلى سور
فكل منزلة تعطيه منزلة إذا تحكم في أجفانه السهر
ما لم ينم هذه في الليل حالته أو يدرك الفجر في آفاقه البصر
نوافج الزهر لا تعطيك رائحة ما لم يجد بالنسيم اللين السحر
إن الملوك و إن جلت مناصبها لها مع السوقة الأسرار و السمر

[المتهجد: من هو؟ما له من الأسماء الإلهية؟]

اعلم أيدك اللّٰه أن المتهجدين ليس لهم اسم خاص إلهي يعطيهم التهجد و يقيمهم فيه كما لمن يقوم الليل كله فإن قائم الليل كله له اسم إلهي يدعوه إليه و يحركه فإن التهجد عبارة عمن يقوم و ينام و يقوم و ينام و يقوم فمن لم يقطع الليل في مناجاة ربه هكذا فليس بمتهجد قال تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ و قال إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ

[المتهجد: ما مستنده من الأسماء الإلهية]

و له علم خاص من جانب الحق غير أن هذه الحالة لما لم نجد في الأسماء الإلهية من تستند إليه و لم نر أقرب نسبة إليها من الاسم الحق فاستندت إلى الاسم الحق و قبلها هذا الاسم فكل علم يأتي به المتهجد إنما هو من الاسم الحق

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال لمن يصوم الدهر و يقوم الليل إن لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا فصم و أفطر و قم و نم فجمع له بين القيام و النوم لأداء حق النفس من أجل العين و لا داء حق النفس من جانب اللّٰه و لا تؤدي الحقوق إلا بالاسم الحق و منه لا من غيره فلهذا استند المتهجدون لهذا الاسم

[المتهجد: ما خصوصيته]

ثم إنه للمتهجد أمر آخر لا يعلمه كل أحد و ذلك أنه لا يجني ثمرة مناجاة التهجد و يحصل علومه إلا من كانت صلاة الليل له نافلة و أما من كانت فريضته من الصلاة ناقصة فإنها تكمل من نوافله فإن استغرقت الفرائض نوافل العبد المتهجد لم يبق له نافلة و ليس بمتهجد و لا صاحب نافلة فهذا لا يحصل له حال النوافل و لا علومها و لا تجلياتها فاعلم ذلك

[المتهجد: في نومه و قيامه]

فنوم المتهجد لحق عينه و قيامه لحق ربه فيكون ما يعطيه الحق من العلم و التجلي في نومه ثمرة قيامه و ما يعطيه من النشاط و القوة و تجليهما و علومهما في قيامه ثمرة نومه و هكذا جميع أعمال العبد مما افترض عليه فتتداخل علوم المتهجدين كتداخل ضفيرة الشعر و هي من العلوم المعشوقة للنفوس حيث تلتف هذا الالتفاف فيظهر لهذا الالتفاف أسرار العالم الأعلى و الأسفل و الأسماء الدالة على الأفعال و التنزيه و هو قوله تعالى وَ الْتَفَّتِ السّٰاقُ بِالسّٰاقِ أي اجتمع أمر الدنيا بأمر الآخرة و ما ثم إلا دنيا و آخرة و هو المقام المحمود الذي ينتجه التهجد قال تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ عَسىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقٰاماً مَحْمُوداً و عسى من اللّٰه واجبة و المقام المحمود هو الذي له عواقب الثناء أي إليه يرجع كل ثناء

[المتهجد: ما قدر علمه؟]

و أما قدر علم التهجد فهو عزيز المقدار و ذلك أنه لما لم يكن له اسم إلهي يستند إليه كسائر الآثار عرف من حيث الجملة إن ثم أمرا غاب عنه أصحاب الآثار و الآثار

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست