responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 146

حسنا

فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه جميل يحب الجمال و من هذه السماء حب الطيب و كان من سنته النكاح لا التبتل و جعل النكاح عبادة للسر الإلهي الذي أودع فيه و ليس إلا في النساء و ذلك ظهور الأعيان للثلاثة الأحكام التي تقدم ذكرها في الإنتاج عن المقدمتين و الرابط الذي جعله علة الإنتاج فهذا الفضل و ما شاكله مما اختص به محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و زاد فيه بنكاح الهبة كما جعل في أمته فيما يبين لها من النكاح لمن لا شيء له من الأعواض بما يحفظه من القرآن خاصة لا أنه يعلمها و هذا و إن لم يقو قوة الهبة ففيه اتساع للامة و ليس في الوسع استيفاء ما أوحى اللّٰه من الأمر في كل سماء و من الأمر الموحى في السماء السادسة إعجاز القرآن و الذي أعطيه صلى اللّٰه عليه و سلم من جوامع الكلم من هذه السماء تنزل إليه و لم يعط ذلك نبي قبله و قد قال أعطيت ستا لم يعطهن نبي قبلي و كل ذلك أوحي في السموات من قوله وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا فجعل في كل سماء ما يصلح تنفيذه في الأرض في هذا الخلق فكان من ذلك أن بعث وحده إلى الناس كافة فعمت رسالته و هذا مما أوحى اللّٰه به في السماء الرابعة و نصر بالرعب و هو مما أوحى اللّٰه به في السماء الثالثة من هناك و منها ما حلل اللّٰه له من الغنائم و جعلت له الأرض مسجدا و طهورا من السماء الثانية من هناك أوتيت جوامع الكلم من أمر وحي السماء السادسة و من أمر هذه السماء ما خصه اللّٰه به من إعطائه إياه مفاتيح خزائن الأرض و من الوحي المأمور به في السماء السابعة من هناك و هي السماء الدنيا التي تلينا كون اللّٰه خصه بصورة الكمال فكملت به الشرائع و كان خاتم النبيين و لم يكن ذلك لغيره صلى اللّٰه عليه و سلم فبهذا و أمثاله انفرد بالسيادة الجامعة للسيادات كلها و الشرف المحيط الأعم صلى اللّٰه عليه و سلم فهذا قد نبهنا على ما حصل له في مولده من بعض ما أوحى اللّٰه به في كل سماء من أمره

[الميزان و الزمان]

و قوله الزمان و لم يقل الدهر و لا غيره ينبه على وجود الميزان فإنه ما خرج عن الحروف التي في الميزان بذكر الزمان و جعل ياء الميزان مما يلي الزاي و خفف الزاي و عددها في الزمان إشعارا بأن في هذه الزاي حرفا مدغما فكان أول وجود الزمان في الميزان للعدل الروحاني و في الاسم الباطن لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم بقوله كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين ثم استدار بعد انقضاء دورة الزمان التي هي ثمانية و سبعون ألف سنة ثم ابتدأت دورة أخرى من الزمان بالاسم الظاهر فظهر فيها جسم محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و ظهرت شريعته على التعيين و التصريح لا بالكناية و اتصل الحكم بالآخرة فقال تعالى وَ نَضَعُ الْمَوٰازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيٰامَةِ و قيل لنا وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لاٰ تُخْسِرُوا الْمِيزٰانَ و قال تعالى وَ السَّمٰاءَ رَفَعَهٰا وَ وَضَعَ الْمِيزٰانَ فبالميزان أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا و به قدر في الأرض أقواتها : و نصبه الحق في العالم في كل شيء فميزان معنوي و ميزان حسي لا يخطئ أبدا فدخل الميزان في الكلام و في جميع الصنائع المحسوسة و كذلك في المعاني إذ كان أصل وجود الأجسام و الأجرام و ما تحمله من المعاني عند حكم الميزان و كان وجود الميزان و ما فوق الزمان عن الوزن الإلهي الذي يطلبه الاسم الحكيم و يظهره الحكم العدل لا إله إلا هو و عن الميزان ظهر العقرب و ما أوحى اللّٰه فيه من الأمر الإلهي و القوس و الجدي و الدلو و الحوت و الحمل و الثور و الجوزاء و السرطان و الأسد و السنبلة

[انتهاء الدورة الزمانية إلى الميزان]

و انتهت الدورة الزمانية إلى الميزان لتكرار الدور فظهر محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و كان له في كل جزء من أجزاء الزمان حكم اجتمع فيه بظهوره صلى اللّٰه عليه و سلم و هذه الأسماء أسماء ملائكة خلقهم اللّٰه و هم الاثنا عشر ملكا و جعل لهم اللّٰه مراتب في الفلك المحيط و جعل بيد كل ملك ما شاء أن يجعله مما يبرزه فيمن هو دونهم إلى الأرض حكمة فكانت روحانية محمد صلى اللّٰه عليه و سلم تكتسب عند كل حركة من الزمان أخلاقا بحسب ما أودع اللّٰه في تلك الحركات من الأمور الإلهية فما زالت تكتسب هذه الصفات الروحانية قبل وجود تركيبها إلى أن ظهرت صورة جسمه في عالم الدنيا بما جبله اللّٰه عليه من الأخلاق المحمودة فقيل فيه وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ فكان ذا خلق لم يكن ذا تخلق و لما كانت الأخلاق تختلف أحكامها باختلاف المحل الذي ينبغي أن يقابل بها احتاج صاحب الخلق إلى علم يكون عليه حتى يصرف في ذلك المحل الخلق الذي يليق به عن أمر اللّٰه فيكون قربة إلى اللّٰه فلذلك تنزلت الشرائع لتبين للناس محال أحكام الأخلاق التي جبل الإنسان عليها فقال اللّٰه في مثل ذلك و لا تقل لهما أف لوجود التأفيف في خلقه فأبان عن المحل الذي لا ينبغي أن يظهر فيه حكم هذا الخلق ثم بين المحل الذي ينبغي أن يظهر فيه هذا الخلق فقال أُفٍّ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست