responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 145

بعلم الأولين و الآخرين و التؤدة و الرحمة و الرفق وَ كٰانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً و ما أظهر في وقت غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي حين قيل له جٰاهِدِ الْكُفّٰارَ وَ الْمُنٰافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ فأمر به لما لم يقتض طبعه ذلك و إن كان بشرا يغضب لنفسه و يرضى لنفسه فقد قدم لذلك دواءنا فما يكون في ذلك الغضب رحمة من حيث لا يشعر بها في حال الغضب فكان يدل بغضبه مثل دالته برضاه و ذلك لأسرار عرفناها و يعرفها أهل اللّٰه منا فصحت له السيادة على العالم من هذا الباب فإن غير أمته قيل فيهم يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مٰا عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ فأضلهم اللّٰه على علم و تولى اللّٰه فينا حفظ ذكره فقال إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ لأنه سمع العبد و بصره و لسانه و يده و استحفظ كتابه غير هذه الأمة فحرفوه و من الأمر المخصوص من وحي السماء الثالثة من هناك أيضا السيف الذي بعثه به و الخلافة و اختص بقتال الملائكة معه منها أيضا فإن ملائكة هذه السماء قاتلت معه يوم بدر و من هذه السماء أيضا بعث من قوم ليس لهم همة إلا في قرى الأضياف و نحر الجزر و الحروب الدائمة و سفك الدماء و بهذا يتمدحون و يمدحون قيل في بعضهم

ضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا عدموا زادا فإنك عاقر
«و قال الآخر منهم يمدح قومه»

لا يبعدن قومي الذين همو سم العداة و آفة الجزر
النازلون بكل معترك و الطيبون معاقد الأزر
فمدحهم بالكرم و الشجاعة و العفة يقول عنترة بن شداد في حفظ الجار في أهله

و أغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
و لا خفاء عند كل أحد بفضل العرب على العجم بالكرم و الحماسة و الوفاء و إن كان في العجم كرماء و شجعان و لكن آحاد كما إن في العرب جبناء و بخلاء و لكن أحاد و إنما الكلام في الغالب لا في النادر و هذا ما لا ينكره أحد فهذا مما أوحى اللّٰه في هذه السماء فهذا كله من الأمر الذي يتنزل بين السماء و الأرض لمن فهم و لو ذكرنا على التفصيل ما في كل سماء من الأمر الذي أوحى اللّٰه سبحانه فيها لأبرزنا من ذلك عجائب ربما كان ينكرها بعض من ينظر في ذلك العلم من طريق الرصد و التسيير من أهل التعاليم و يحار المنصف منهم فيه إذا سمعه و من الوحي المأمور به في السماء الرابعة نسخه بشريعته جميع الشرائع و ظهور دينه على جميع الأديان عند كل رسول ممن تقدمه و في كل كتاب منزل فلم يبق لدين من الأديان حكم عند اللّٰه إلا ما قرر منه فبتقريره ثبت فهو من شرعه و عموم رسالته و إن كان بقي من ذلك حكم فليس هو من حكم اللّٰه إلا في أهل الجزية خاصة و إنما قلنا ليس هو حكم اللّٰه لأنه سماه باطلا فهو على من اتبعه لا له فهذا أعني بظهور دينه على جميع الأديان كما قال النابغة في مدحه

أ لم تر أن اللّٰه أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
بأنك شمس و الملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
و هذه منزلة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و منزلة ما جاء به من الشرع من الأنبياء و شرائعهم سلام اللّٰه عليهم أجمعين فإن أنوار الكواكب اندرجت في نور الشمس فالنهار لنا و الليل وحده لأهل الكتب إذا أعطوا اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ و قد بسطنا في التنزلات الموصلية من أمر كل سماء ما إذا وقفت عليه عرفت بعض ما في ذلك و من الوحي المأمور به في السماء الخامسة من هناك المختص بمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم أنه ما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبب إليه النساء إلا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و إن كانوا قد رزقوا منهن كثيرا كسليمان ع و غيره و لكن كلامنا في كونه حبب إليه و ذلك أنه صلى اللّٰه عليه و سلم كان نبيا و آدم بين الماء و الطين كما قررناه و على الوجه الذي شرحناه فكان منقطعا إلى ربه لا ينظر معه إلى كون من الأكوان لشغله بالله عنه فإن النبي مشغول بالتلقي من اللّٰه و مراعاة الأدب فلا يتفرغ إلى شيء دونه فحبب اللّٰه إليه النساء فأحبهن عناية من اللّٰه بهن فكان صلى اللّٰه عليه و سلم بحبهن بكون اللّٰه حببهن إليه خرج مسلم في صحيحه في أبواب الايمان أن رجلا قال لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إني أحب أن يكون نعلي حسنا و ثوبي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست