responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 126

جامعا لما تعطيها القوة الحساسة و جعل له قوة يقال لها المصورة فلا يحصل في القوة الخيالية إلا ما أعطاه الحس أو أعطته القوة المصورة و مادة المصورة من المحسوسات فتركب صورا لم يوجد لها عين لكن أجزاؤها كلها موجودة حسا و ذلك لأن العقل خلق ساذجا ليس عنده من العلوم النظرية شيء و قيل للفكر ميز بين الحق و الباطل الذي في هذه القوة الخيالية فينظر بحسب ما يقع له فقد يحصل في شبهة و قد يحصل في دليل عن غير علم منه بذلك و لكن في زعمه أنه عالم بصور الشبه من الأدلة و أنه قد حصل على علم و لم ينظر إلى قصور المواد التي استند إليها في اقتناء العلوم فيقبلها العقل منه و يحكم بها فيكون جهله أكثر من علمه بما لا يتقارب ثم إن اللّٰه كلف هذا العقل معرفته سبحانه ليرجع إليه فيها لا إلى غيره ففهم العقل نقيض ما أراد به الحق بقوله تعالى أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فاستند إلى الفكر و جعله إماما يقتدى به و غفل عن الحق في مراده بالتفكر أنه خاطبه أن يتفكر فيرى أن علمه بالله لا سبيل إليه إلا بتعريف اللّٰه فيكشف له عن الأمر على ما هو عليه فلم يفهم كل عقل هذا الفهم إلا عقول خاصة اللّٰه من أنبيائه و أوليائه يا ليت شعري هل بأفكارهم قٰالُوا بَلىٰ حين أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ في قبضة الذرية من ظهر آدم لا و اللّٰه بل عناية إشهاده إياهم ذلك عند أخذه إياهم عنهم من ظهورهم و لما رجعوا إلى الأخذ عن قواهم المفكرة في معرفة اللّٰه لم يجتمعوا قط على حكم واحد في معرفة اللّٰه و ذهب كل طائفة إلى مذهب و كثرت القالة في الجناب الإلهي الأحمى و اجترءوا غاية الجراءة على اللّٰه و هذا كله من الابتلاء الذي ذكرناه من خلقه الفكر في الإنسان و أهل اللّٰه افتقروا إليه فيما كلفهم من الايمان به في معرفته و علموا إن المراد منهم رجوعهم إليه في ذلك و في كل حال فمنهم القائل سبحان من لم يجعل سبيلا إلى معرفته إلا العجز عن معرفته و منهم من قال العجز عن درك الإدراك إدراك و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم لا أحصي ثناء عليك و قال تعالى وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فرجعوا إلى اللّٰه في المعرفة به و تركوا الفكر في مرتبته و وفوه حقه لم ينقلوه إلى ما لا ينبغي له التفكر فيه و

قد ورد النهي عن التفكر في ذات اللّٰه و اللّٰه يقول وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ فوهبهم اللّٰه من معرفته ما وهبهم و أشهدهم من مخلوقاته و مظاهره ما أشهدهم فعلموا أنه ما يستحيل عقلا من طريق الفكر لا يستحيل نسبة إلهية كما سنورد من ذلك طرفا في باب الأرض المخلوقة من بقية طينة آدم و غيرها فالذي ينبغي للعاقل أن ندين اللّٰه به في نفسه أن يعلم إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من ممكن و محال و لا كل محال نافذ الاقتدار واسع العطاء ليس لإيجاده تكرار بل أمثال تحدث في جوهر أوجده و شاء بقاه و لو شاء أفناه مع الأنفاس لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

(الباب الثامن)في معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم ع

و هي أرض الحقيقة و ذكر بعض ما فيها من الغرائب و العجائب

يا أخت بل يا عمتي المعقولة أنت الأميمة عندنا المجهولة
نظر البنون إليك أخت أبيهم فتنافسوا عن همة مغلوله
إلا القليل من البنين فإنهم عطفوا عليك بأنفس مجبوله
يا عمتي قل كيف أظهر سره فيك الاخى محققا تنزيله
حتى بدا من مثل ذاتك عالم قد يرتضي رب الورى توكيله
أنت الإمامة و الإمام أخوك و المأموم أمثال له مسلوله

[النخلة أخت آدم]

اعلم أن اللّٰه تعالى لما خلق آدم ع الذي هو أول جسم إنساني تكون و جعله أصلا لوجود الأجسام الإنسانية و فضلت من خميرة طينته فضلة خلق منها النخلة فهي أخت لآدم ع و هي لنا عمة و سماها الشرع عمة و شبهها بالمؤمن و لها أسرار عجيبة دون سائر النبات و فضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر السمسمة في الخفاء فمد اللّٰه في تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء إذا جعل العرش و ما حواه و الكرسي و السموات و الأرضون و ما تحت الثرى و الجنات كلها و النار في هذه الأرض كان الجميع فيها كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض و فيها من العجائب و الغرائب ما لا يقدر قدره و يبهر العقول أمره و في كل نفس خلق اللّٰه فيها عوالم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ و في هذه الأرض ظهرت عظمة اللّٰه و عظمت عند المشاهد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست