responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 127

لها قدرته و كثير من المحالات العقلية التي قام الدليل الصحيح العقلي على إحالتها هي موجودة في هذه الأرض و هي مسرح عيون العارفين العلماء بالله و فيها يجولون و خلق اللّٰه من جملة عوالمها عالما على صورنا إذا أبصرهم العارف يشاهد نفسه فيها و قد أشار إلى مثل ذلك عبد اللّٰه بن عباس رضي اللّٰه عنه فيما روى عنه في حديث هذه الكعبة و إنها بيت واحد من أربعة عشر بيتا و أن في كل أرض من السبع الأرضين خلقا مثلنا حتى إن فيهم ابن عباس مثلي و صدقت هذه الرواية عند أهل الكشف

[مجلس الرحمة في أرض الحقيقة]

فلنرجع إلى ذكر هذه الأرض و اتساعها و كثرة عالمها المخلوقين فيها و منها و يقع للعارفين فيها تجليات إلهية أخبر بعض العارفين بأمر أعرفه شهودا قال دخلت فيها يوما مجلسا يسمى مجلس الرحمة لم أر مجلسا قط أعجب منه فبينا أنا فيه إذ ظهر لي تجل إلهي لم يأخذني عني بل أبقاني معي و هذا من خاصية هذه الأرض فإن التجليات الواردة على العارفين في هذه الدار في هذه الهياكل تأخذهم عنهم و تفنيهم عن شهودهم من الأنبياء و الأولياء و كل من وقع له ذلك و كذلك عالم السموات العلى و الكرسي الأزهى و عالم العرش المحيط الأعلى إذا وقع لهم تجل إلهي أخذهم عنهم و صعقوا و هذه الأرض إذا حصل فيها صاحب الكشف العارف و وقع له تجل لم يفنه عن شهوده و لا اختطفه عن وجوده و جمع له بين الرؤية و الكلام قال و اتفق لي في هذا المجلس أمور و أسرار لا يسعني ذكرها لغموض معانيها و عدم وصول الإدراكات قبل أن يشهد مثل هذه المشاهد لها و فيها من البساتين و الجنات و الحيوان و المعادن ما لا يعلم قدر ذلك إلا اللّٰه تعالى و كل ما فيها من هذا كله حي ناطق كحياة كل حي ناطق ما هو مثل ما هي الأشياء في الدنيا و هي باقية لا تفني و لا تتبدل و لا يموت عالمها و ليست تقبل هذه الأرض شيئا من الأجسام الطبيعية الطينية البشرية سوى عالمها أو عالم الأرواح منا بالخاصية و إذا دخلها العارفون إنما يدخلونها بأرواحهم لا بأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا و يتجردون

[مراسم الدخول في أرض الحقيقة]

و في تلك الأرض صور عجيبة النشء بديعة الخلق قائمون على أفواه السكك المشرفة على هذا العالم الذي نحن فيه من الأرض و السماء و الجنة و النار فإذا أراد واحد منا الدخول لتلك الأرض من العارفين من أي نوع كان من إنس أو جن أو ملك أو أهل الجنة بشرط المعرفة و تجرد عن هيكله وجد تلك الصور على أفواه السكك قائمين موكلين بها قد نصبهم اللّٰه سبحانه لذلك الشغل فيبادر واحد منهم إلى هذا الداخل فيخلع عليه حلة على قدر مقامه و يأخذ بيده و يجول به في تلك الأرض و يتبوأ منها حيث يشاء و يعتبر في مصنوعات اللّٰه و لا يمر بحجر و لا شجر و لا مدر و لا شيء و يريد أن يكلمه إلا كلمه كما يكلم الرجل صاحبه و لهم لغات مختلفة و تعطي هذه الأرض بالخاصية لكل من دخلها الفهم بجميع ما فيها من الألسنة فإذا قضى منها وطره و أراد الرجوع إلى موضعه مشى معه رفيقه إلى أن يوصله إلى الموضع الذي دخل منه يوادعه و يخلع عنه تلك الحلة التي كساه و ينصرف عنه و قد حصل علوما جمة و دلائل و زاد في علمه بالله ما لم يكن عنده مشاهدة و ما رأيت الفهم ينفد أسرع مما ينفد إذا حصل في هذه الأرض

[حكاية الشيخ أوحد الدين الكرماني مع شيخه]

و قد ظهر عندنا في هذه الدار و هذه النشأة ما يعضد هذا القول فمن ذلك ما شاهدناه و لا أذكره و منها ما حدثني أوحد الدين حامد بن أبي الفخر الكرماني و فقه اللّٰه قال كنت أخدم شيخا و أنا شاب فمرض الشيخ و كان في محارة و قد أخذه البطن فلما وصلنا تكريت قلت له يا سيدي اتركني أطلب لك دواء ممسكا من صاحب مارستان سنجار من السبيل فلما رأى احتراقي قال لي رح إليه قال فرحت إلى صاحب السبيل و هو في خيمته جالس و رجاله بين يديه قائمون و الشمعة بين يديه و كان لا يعرفني و لا أعرفه فرآني واقفا بين الجماعة فقام إلي و أخذ بيدي و أكرمني و سألني ما حاجتك فذكرت له حال الشيخ فاستحضر الدواء و أعطاني إياه و خرج معي في خدمتي و الخادم بالشمعة بين يديه فخفت أن يراه الشيخ فيحرج فحلفت عليه أن يرجع فرجع فجئت الشيخ و أعطيته الدواء و ذكرت له كرامة الأمير صاحب السبيل بي فتبسم الشيخ و قال لي يا ولدي إني أشفقت عليك لما رأيت من احتراقك من أجلي فأذنت لك فلما مشيت خفت أن يخجلك الأمير بعدم إقباله عليك فتجردت عن هيكلي هذا و دخلت في هيكل ذلك الأمير و قعدت في موضعه فلما جئت أكرمتك و فعلت معك ما رأيت ثم عدت إلى هيكلي هذا و لا حاجة لي في هذا الدواء و ما استعمله فهذا شخص قد ظهر في صورة غيره فكيف أهل تلك الأرض

[تربة أرض الحقيقة و ثمرها]

قال لي بعض العارفين لما دخلت هذه الأرض رأيت فيها أرضا كلها مسك عطر لو شمه أحد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست