ونعد ، وتعد ؛ قيل يفسد هذا من أوجه. وذلك أن حروف المضارعة تجرى مجرى
الحرف الواحد من حيث كانت كلّها متساوية فى جعلها الفعل صالحا لزمانين : الحال
والاستقبال ؛ فإذا وجب فى أحدها شيء أتبعوه سائرها ، وليس كذلك علم الإعراب : ألا
ترى أن موضوع الإعراب على مخالفة بعضه بعضا ؛ من حيث كان إنما جيء به دالا على
اختلاف المعانى.
فإن قلت :
فحروف المضارعة أيضا موضوعة على اختلاف معانيها ؛ لأن الهمزة للمتكلّم ، والنون
للمتكلّم إذا كان معه غيره ؛ وكذلك بقيّتها ، قيل : أجل ، إلا أنها كلها مع ذلك
مجتمعة على معنى واحد ، وهو جعلها الفعل صالحا للزمانين على ما مضى. فإن قلت :
فالإعراب أيضا كلّه مجتمع على جريانه على حرفه ، قيل : هذا عمل لفظىّ ، والمعانى
أشرف من الألفاظ.
وأيضا فتركهم
إظهار الألف قبل هذه الياء مع ما يعتقد من خفّة الألف ـ حتى إنه لم يسمع منهم نحو
فاى ، ولا أباى ، ولا أخاى ، وإنما المسموع عنهم رأيت أبى وأخى ، وحكى سيبويه كسرت
فىّ ـ أدلّ دليل على أنهم لم يراعوا حديث الاستخفاف والاستثقال حسب ، وأنّه أمر
غيرهما. وهو اعتزامهم ألا تجيء هذه الياء إلّا بعد كسرة أو ياء أو ألف لا تكون
علما للنصب : نحو هذه عصاى وهذا مصلاى. وعلى أن بعضهم راعى هذا الموضع أيضا فقلب
هذه الألف ياء فقال : عصىّ ، ورحيّ ، ويا بشرىّ [هذا غلام][١] ، وقال أبو دواد :
[١]«يا بشرىّ»
بتشديد الياء : قراءة أبى الطفيل والحسن وابن أبى إسحاق والجحدرى : بقلب الألف ياء
وإدغامها فى ياء الإضافة ، وهى لغة لهذيل وانظر البحر ٥ / ٢٩١.
[٢]البيت من الوافر
، وهو لأبى دؤاد الإيادى فى ديوانه ص ٣٥٠ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠١ ، وشرح
شواهد المغنى ٢ / ٨٣٩ ، وللهذلىّ فى مغنى اللبيب ٢ / ٤٧٧ ، وبلا نسبة فى لسان
العرب (علل) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٢٣.