وجوب
الوضوء أو الغسل، و وجب التیمم {43}، و إن توضأ أو اغتسل منهما بطل، سواء
أخذ الماء منهما بیده أم صبّ علی محلّ الوضوء بهما، أم ارتمس فیهما {44}، و
إن کان له ماء آخر، أو أمکن التفریغ فی ظرف آخر و مع ذلک توضأ أو اغتسل
منهما، فالأقوی أیضا البطلان {45}، لأنّه و إن لم یکن مأمورا بالتیمّم، إلا
أنّ الوضوء أو الغسل _____________________________ الذی یمکن
انصراف الدلیل عنه أصلا و لو لم یکن مقدمة لواجب، لکونه بنظر العرف من
التخلیص من الحرام، لا أن یکون من الاستعمال المحرّم. {43} لعدم التمکن
الشرعی من استعمال الماء فینتقل التکلیف لا محالة إلی الطهارة الترابیة، و
یأتی فی الشرط الخامس من شرائط الوضوء ما ینفع المقام. {44} لما یقال:
من عدم الأمر بالطهارة المائیة مع انحصار الماء فیما لا یجوز استعماله شرعا
مع أنّها عبادة و هی متقوّمة بقصد الأمر. و کذا لا ملاک لها- بناء علی
کونه دائرا مدار الأمر حدوثا و بقاء- فلا أمر إلا بالطهارة الترابیة، و لا
ملاک الا لها. و فیه: أنّ ذلک یصح فیما إذا صب الماء بالإناء، و قصد بذلک
الوضوء، فإنّه استعمال له فی الوضوء عرفا. و أما إن کان بنحو الاغتراف أو
الارتماس، ففی کونهما استعمالا إشکال و المرجع حینئذ هو الأصل موضوعا و
حکما، إذ الاستعمال مسبوق بالعدم فمع الشک فی حدوثه یستصحب عدمه. مع أنّ
حدیث دوران الملاک مدار الأمر حدوثا و بقاء مما لا أصل له أبدا، مضافا إلی
أنّ ذلک- علی فرضه- إنّما هو فیما إذا کان الاغتراف تدریجیا، و أما إذا
کان دفعیا و کفت الغرفة لتمام غسلات الوضوء، فلا ریب فی ثبوت الأمر و ملاکه
حینئذ. مع أنّ هذا کلّه فیما إذا لم یجب التفریغ، و الا وجب و لو بالتوضی
بنحو الاغتراف و تقدم فی الوضوء من الإناء الغصبیّ ما ینفع المقام، فراجع
فإنّ المسألتین متحدثان من حیث الدلیل. {45} ظهر مما تقدم أنّه لا وجه
للبطلان فیما لو اغترف دفعة ما یکفیه و کذا فی الرمس لو لم یعد مثله
استعمالا عرفا، أو شک فی کونه منه.