..... _____________________________ و
فیه: أنّها- مضافا إلی قصور سندها، و دلالتها، و موافقتها للعامة، و إعراض
الأصحاب عنه، بل الإجماع علی خلافها- لا تصلح لمعارضة ما ذکرناه من
الأخبار الکثیرة الدالة علی الانفعال المعمول بها لدی الأصحاب، الموافقة
للأصل و المخالفة للعامة. و قد اعترف جمع بما ذکرناه منهم صاحبا الجواهر و
الحدائق. تنبیه:- لا ریب فی أنّ هذه المسألة (عدم انفعال الماء القلیل)
من أهم المسائل الابتلائیة خصوصا فی الأعصار القدیمة و خصوصا فی أرض
الحجاز، و تناسب التسهیل و التیسیر من کلّ جهة، و الفطرة متوجهة إلی السهل و
الیسیر و بناء أئمة الدین علیهم السلام علی إظهار الأحکام السهلة ترغیبا
للناس إلی الشریعة السمحة السهلة بکل وجه أمکنهم و مع ثبوت عدم الانفعال فی
هذه المسألة لا یبقی موضوع لأخبار الکر، سؤالا و جوابا، و لا لأخبار البئر
کذلک، و لو کان عدم انفعال الماء القلیل من حکم اللّه الواقعی، لاعتنی
أئمة الدین بالطهارة قولا و عملا و تقریرا- أشد الاعتناء- لشدة عموم
الابتلاء، و لشاع هذا الحکم لا أقل بین الرواة، و أصحاب الأئمة علیهم
السلام لجریان العادة علی شیوع مثل هذه الأحکام، إذ لیست هذه المسألة أقل
ابتلاء من طهارة غسالة الاستنجاء، بل هذه أصل و تلک من فروعها، فکیف ظهرت
طهارة غسالة الاستنجاء علی الجمیع، و خفیت هذه المسألة علی الفقهاء و
الأساطین فی طول الأزمان و السنین؟ حتّی ظهر ابن أبی عقیل فی ابتداء الغیبة
الکبری، و تفرد بفتوی عدم الانفعال، ثمَّ خفیت الفتوی و استمر الفقهاء علی
ما کان أسلافهم علیه فی ممر القرون و السنین، حتّی ظهر من الأخباریین
الأمین (رحمه اللّه). و لیست المسألة من الدقائق الفکریة، بل استظهاریة مما
بین أیدی الکل من الأدلة. و العرف فی مثل ذلک لا ینسبون الکلّ إلی الخطإ،
بل من تفرد فی مقابلهم بالفتوی. إن قیل: فی الأخبار التی تمسک بها ابن أبی عقیل غنی و کفایة، فهی أخبار تسهیلیة لا بد من الأخذ بها. فإنّه
یقال: نعم، لو لا قصور سند جملة منها، و وهنها بالمعارضة و الإعراض، و
موافقة العامة. و الظاهر أنّ تطویل البحث بأکثر من ذلک مما لا